Global Research :مظلة اميركية شمال سورية ..وجيل ثانٍ من النصرة!!
|| Midline-news || – الوسط ..
إن الحرب بالوكالة التي افتعلتها واشنطن على سورية ليست في واقعها سوى تعبير عن رغبتها بنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في هذا البلد، إذ بدلا من أن نشهد انسحابا وفقا للتصريح المعلن عنه سابقا نجد إدارة ترامب تتبنى مقاربة جديدة للحرب مرة أخرى، حيث أبدت رغبة ملحة في تعزيز وجودها العسكري في سورية من خلال إقدامها على تقديم المؤازرة والمساندة لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا. ويبدو بأن الولايات المتحدة تتوجه في هذه الآونة إلى الشروع بإنشاء مناطق حظر طيران..هذا الهدف الذي طالما تاقت إلى تحقيقه من زمن بعيد.
وبغية تحقيق ما ترمي إليه، نشر البنتاغون أنظمة رادار في عدد من المدن الواقعة شمال سورية، بهدف استخدامها لمراقبة العمليات التي يمارسها الجيش التركي. وذلك بعد أن شهدنا نوعا من التوترات تنشب بين واشنطن وأنقرة أكثر من أي وقت مضى. وقد بدا جليا بأنه ليس من قبيل المصادفة بأن مظلة الأمان التي يعتزم صناع السياسة الأميركية فتحها فوق شمال سورية ستشمل الميليشيات الراديكالية المكتظة في إدلب والتي قدمت من عدة مواقع سورية، الأمر الذي يعطي الدليل على أن واشنطن تخشى على أولئك المسلحين الذين عمدت إلى تدريبهم وتسليحهم خاصة أنها مازالت تعيش في حلم إسقاط دمشق في حال نجاح خطة حظر الطيران.
وقد جرى نشر ثلاث رادارات في كل من كوباني وصرين شمال محافظة حلب، بالإضافة إلى 13 من أنظمة الرادارات المتنقلة لرصد سماء سورية. وقد شكلت فكرة إنشاء مناطق حظر طيران في سورية مرحلة جديدة من العدوان العسكري الغربي على الجمهورية العربية السورية. علما بأن هذا السيناريو قد سبق وان نهجته واشنطن في كل من العراق وليبيا، الأمر الذي يفسر إصرار مراكز الفكر الأميركي على إتباع هذا الخيار في سورية منذ حوالي عقد من الزمن.
منذ الإعلان عن فكرة إنشاء منطقة حظر طيران في سورية، رُفدت تلك الخطة بأسلحة بالغة الدقة من قبل التحالف الذي ينضوي تحت القيادة الأميركية بهدف تدمير المطارات السورية، وتجريد القوات المسلحة السورية من الدعم الجوي المباشر. وإذا ما كتب لهذه الخطة النجاح فإنه سيجري تدمير أي طائرة تدخل منطقة حظر الطيران. ولا يزال ما جرى عام 2011 ماثل في الأذهان وذلك عندما اتبعت واشنطن ذات المسار في ليبيا، الأمر الذي قاد إلى تعطيل حركة الطيران، قبل تدمير منشآت الرادارات ومنصات الإطلاق التي يمكن أن تمنع الضربات على المنشآت العسكرية الليبية.
وعلى الرغم من ذلك، علينا ألا ننسى انه وفقا لميثاق الأمم المتحدة فإن حفظ السلام والأمن الدوليين يقع على مسؤولية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لذلك فإن كلا من واشنطن ومن يدور في فلكها على شاكلة بريطانيا العظمى ليس لديهم الحرية لفعل ما يحلو لهم وانتهاك حقوق لاعب دولي آخر جراء ما يتخذونه من أفعال. إذ يعد مجلس الأمن الجهة المسؤولة التي تحدد مسار الأحداث كلما لاح في الافق تهديد للسلم والأمن الدوليين. وجراء بذل المحاولات اليائسة للضغط على مجلس الأمن بفرض منطقة حظر للطيران شمالي سورية، فإن الولايات المتحدة وحلفائها يعتزمون إثارة استفزازات كيماوية جديدة في محافظة إدلب للإلقاء باللائمة على دمشق مرة أخرى.
الزحف الأميركي في سورية:
يرى المحلل اللبناني البارز نضال سابي بأن التهديدات التي تطلقها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضد سورية هدفها التدخل المسلح في البلاد لذلك تسعى تلك الدول للاتكاء على عصا الكيماوي في إدلب لتسويغ ما تزمع القيام به من تدخلٍ. وقد رأى بأن مثل تلك الاستفزازات يجري الإعداد لها بالتواطؤ مع مجموعات إرهابية متعددة باتت تعرف حول العالم باسم الخوذات البيضاء.
وقد وصل خبراء أجانب إلى قرية كفر زيتا القريبة من محافظة إدلب لإعداد الهجوم الكيماوي. ووفقا لمصادر مستقلة مطلعة في تلك المنطقة، فإن منظمة الخوذ البيضاء قد زودت المجموعة الإرهابية المعروفة باسم أحرار الشام في قرية آفس بشاحنتين مملوءتين بالذخائر الكيماوية. وهذه الحمولة المميتة جرى مرافقتها من قبل ثمانية ممثلين عن الخوذ البيضاء الذين استقبلهم أمراء الحرب حال وصولهم. وبعد ذلك، فإن نصف كمية هذه الذخائر القاتلة تم نقلها إلى موقع آخر من جنوب إدلب للقيام بهجوم مفتعل يتم تمثيله هناك. ويعتقد بأن هذه المواد السامة سيتم استخدامها في قرية كفر زيتا، حيث ستقوم بعدها مجموعة من السكان المحليين بتمثيل المعاناة من التسمم الكيماوي وستهرع منظمة الخوذات البيضاء لإنقاذهم ليصار تصوير ما يجري حيث يوزع الفيديو في كافة أرجاء الشرق الأوسط والعالم بأسره.
إن هذا الهجوم المفتعل سيكون بداية لهجوم ضد الشعب السوري حيث يُصعد أواره التحالف الذي ينضوي تحت القيادة الأميركية. ووفقا لما ذكرته وسائل إعلامية فإن السفن الحربية الأميركية تستعد لإطلاق 56 صاروخ كروز ضد أهداف سورية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم دعم هذا الهجوم من قبل صواريخ بي 1 التي تنطلق من القاعدة الجوية الأميركية في قطر.
ليس ثمة جديد فيما تنهجه السياسة الخارجية الأميركية التي تنتقل من الاستفزاز إلى الهستيريا إلى الانتقام والتدخل في شؤون الدول. لكن ما يجري إتباعه حيال سورية يمثل احتضارا للقانون الدولي والأمن العالمي، خاصة في ضوء ما دأبت عليه الإدارات الأميركية المتعاقبة من ضرب الصفح عن القانون الدولي. وما يجدر بالإشارة إليه، أن واشنطن لم تكتف باحتلال مواقع في أراض سورية بشكل غير قانوني بل أنها تزمع شن اعتداء على سورية مما يعرقل مساعيها وحلفائها لمجابهة قوات الإرهاب الدولي.
بيد أن ثمة اعتبارات لا بد من مراعاتها ذلك أنه لدى روسيا الفعالية في
مجال الغارات الجوية ضد الميليشيات المتطرفة. لكن التصريح الأحادي الجانب بإقامة منطقة حظر للطيران، دون حصول واشنطن على موافقة مجلس الأمن الدولي لإنشائها، فإنه يعني إعلان الحرب ضد سورية وروسيا وتركيا وإيران. لكن القوات الجوية الروسية ستلجأ إلى المواجهة ولن تتخلى عن عمليات القصف التي تشكل مؤازرة ومساندة للهجوم السوري.
إن حدوث مثل تلك الاحتمالات قد يفضي إلى تداعيات يتعذر التكهن بنتائجها. كما يلاحظ بأن تساؤلات تطرح في أميركا حول جدوى هوس واشنطن بفكرة التدخل في الشأن السوري وهل يوجد ما يستحق المخاطرة التي تستعد لها إدارة ترامب وتتجاهل عواقبها؟. إن القادة الأميركيين الذي يعمدون إلى تدريب كافة الميليشيات المتطرفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط يتبادلون المزاح حول توليد “الجيل الثاني للنصرة” ، لكن التشاؤم والحيرة ستعتريهم عندما يتوصلوا إلى قناعة بأن تلك المهارات التي تم تدريب الجيل عليها ستنتقل ليتم اختبارها في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ذاتها.
بقلم: مارتن بيرغر
ترجمة ليندا سكوتي: