رأي

وسام داؤد – هل تعبت سورية من البطولات ؟..

|| Midline-news || – الوسط  – خاص ..

يقول إسحاق دويتشر في كتابه ” النبي الأعزل ” ، والذي يتحدث عن حالة روسيا بعد الحرب الأهلية بداية القرن الماضي وتشكل الاتحاد السوفييتي ” كانت البلاد متعبة من البطولة والحركات الفخمة ” كيف تتعب بلاد من البطولات ؟ وماهي هذه البطولات التي يمكن أن تتعب بلداً بأكمله وينفر الشعب منها ؟ أسئلة أجاب عليها دويتشر في سرد أحداث كتابه ، ولسنا هنا للحديث عن ” البني الأعزل ” وعن دويتشر نحن في سورية التي تخوض حربا اختلطت فيها الأهلية بالإقليمية والدولية وتعددت أشكالها بكل ألوان الطيف ، ونريد أن نسأل أنفسنا كسوريين خلال هذه السنوات الست والنصف ، هل تعبت البلاد من البطولة ؟ طبعاً ليس المقصود هنا بطولة الميدان والجند فهذه مقدسة ولا مساس فيها ، ولكن البلاد تعبت من البطولات الدرامية في العمل الحكومي ومؤسسات العمل المدني والخدمي وكل ما له علاقة بواقع حياة السوريين اليومية والتي لا تتناسب بالمطلق مع بطولة الدم في الميدان العسكري .

لا ننكر أن إعادة انطلاق معرض دمشق الدولي كانت خطوة مهمة وضرورية وأعادت للسوريين بعض نبض حياتهم السابقة ، وهم كانوا فعلا الأبطال الحقيقيين والكومبارس في المشهد اليومي للمعرض على أرض الواقع وأرقاما في سجل الزوار ومنافذ بيع بطاقات الدخول . رغم وجع الحرب وجد السوريون، رغم فقرهم وضيق حالهم في المعرض ، فرصة لاستعادة ذكرياتهم وأيامهم الخوالي وإعادة اكتشاف بلدهم من جديد . وفي المعرض كان هناك أبطال دراما الإعلام والإعلان والتصريحات والمنتديات والجولات والحركات الفخمة ، تصدروا الشاشات على نبرة واحدة تمجد وتشيد بصمود هذا الشعب وحبه للحياة وقدرته على صناعة الحياة من جديد ، يتحدثون عن الإنجازات والعمل الكبير الذي أنجزوه وعن بداية مرحلة جديدة من الانتعاش سيحصد المواطن السوري ثمارها بعد أن يشبع أصحاب رؤوس الأموال ويملؤون خزائنهم وأرصدتهم عن آخرها  ، هذا كان واضحا في كلام وزير المالية السوري ، مأمون حمدان خلال الملتقى الاقتصادي على هامش فعاليات معرض دمشق الدولي ، بأن الحكومة لا تفكر اليوم أبدا بزيادة الرواتب والأجور وأنها تربط ذلك بعجلة الإنتاج وأنها تعمل على تحسين الواقع المعيشي للسوريين بطريقة مختلفة غير الزيادة ، كون لها تأثير تضخمي . طبعا ، ليس الكلام بجديد على حكومة السوريين الفقراء ، فهذا الحديث مضى عليه أشهر وألمح إليه رئيس الحكومة ووزير المالية سابقا ، مع العلم أن برنامج الحكومة الذي انطلقت فيه منذ تشكيلها في 3/7/2016  ، هو تحسين الوضع الاقتصادي للسوريين ، ومضى عام وقرابة الشهرين على انطلاقتها ، ما الذي حققته من تحسن ؟ وأين ؟ وكيف ؟

جولات على المحافظات ومليارات توزع هنا وهناك وتخصص لمشاريع خدمية  وفرق حكومية للمتابعة وتصريحات بطريقة بطولية واستعراضية على الشاشات عن هذا العمل الحكومي الجبار ، ولكن المحصلة إلى اليوم هي لا شيء ولا نتيجة من هذه الجولات يمكن أن يلاحظها المواطن في أي من القطاعات . وهنا يمكن تشبيه مليارات الحكومة بملايين محافظة دمشق الـ 50  لصيانة الأرصفة في حي الـ 86 العشوائي في قلب العاصمة دمشق ، والذي لا توجد فيه أرصفة من أساسه أو طرقات تصلح للمرور ولا حتى خدمات أساسية بشكل مقبول ومن لا يعرف حي الـ 86 ندعوه للزيارة .

كيف للحكومة التي تعيش هاجس تحسين الواقع الاقتصادي للمواطن السوري كما تدعي بطريقة غير زيادة الرواتب والأجور ؟ إذا كانت حددت سعر صرف الدولار في موازنة 2018 بسعر 500 ليرة سورية ، أي كما هو سعره اليوم أو أقل بعشر ليرات ، وإذا كانت الحكومة غير قادره اليوم على تخفيض أسعار المحروقات وتحديدا المازوت عن سعره الحالي ، بالرغم من أن عدد حقول النفط التي اكتشفنا وجودها في سورية بعد تحرير الجيش العربي السوري لها من الإرهاب أصابنا بالذهول . نتمنى أن نعرف أو تشرح لنا الحكومة وصفتها السحرية لسد الهوة السحيقة بين أجور ورواتب السوريين اليوم والتي لا يتعدى أحسنها الـ 120 دولارا وبين أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وأجور النقل .

لماذا هذه البطولات اليومية والحديث الطويل عن تحسين معيشة السوريين ؟ فلم يعد أحد يصدق هذه البطولات أو مقتنع بأي منها وبأصحابها ، فقساوة الواقع ومرارة العيش في بلد يخوض حربا مع  الإرهاب وداعميه ، وأخرى مع لصوص الداخل وتجار الأزمات جعلت من أصحاب البطولات الورقية والدرامية من الماضي والحاضر يتطلب بطولات من نوع آخر ، بطولات حقيقة وواقعية تقول للناس واقعها تدعوها وتدعمها للمشاركة في تغييره بشفافية ووضوح وهذا لا يجري اليوم .

*صحفي وكاتب سياسي – سوريا
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك