دراسات وأبحاث

هل من صفقةٌ يمكن لترامب والقيادة الإيرانية إبرامها-معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

|| Midline-news || – الوسط …

كتب السفير دينس روس ال مستشار والزميل لــ “وليام ديفيدسون” المميز في معهد واشنطن والمساعد الخاص السابق للرئيس أوباما قائلا :

لطالما اعتبر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أن الولايات المتحدة لن ترضى أبداً بالتنازلات الإيرانية إلى حين خضوع الجمهورية الإسلامية نفسها. وتشير وجهة النظر هذه إلى موقف المسؤولين الإيرانيين الدائم بأنهم لن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة تحت الضغط.

ومع قيام الولايات المتحدة بإرسال المزيد من القوات إلى المنطقة وتصاعد التوترات، من المثير للاهتمام أن يكون ترامب وخامنئي قد عملا على وقف التوجّه نحو نزاع مباشر. فقد أوضح الرئيس ترامب أنه لا يريد حرباً، حيث تحدّث عن “إمكانيات إيران الكبرى” وحثّ قادة الجمهورية الإسلامية على الاتصال به ” لإبرام اتفاق “. بدوره، قال المرشد الأعلى في تصريحات نقلتها شاشات التلفزيون المحلية إن “أيا منا لا يسعى إلى حرب “.

لكن هذا لا يعني أن الإيرانيين مستعدون للمشاركة في مفاوضات – على الأقل ليس في الوقت الحاضر. فخامنئي الذي أمضى عقوداً يشكك في قيمة المحادثات مع الولايات المتحدة لا يريد أن يبدو أنه رضخ لأمريكا. فهو لا يزال يعتبر المفاوضات “سماً”. من جهته، أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن “الوضع غير مناسب للمحادثات وخيارنا هو المقاومة فقط”.

وبالنسبة لروحاني وخامنئي، قد تنطوي المقاومة على الابتعاد عن الحدود التي فرضها الاتفاق النووي على إيران عام 2015 والمعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة». فقد أعلن الإيرانيون أساساً أنهم سيضاعفون معدّل التخصيب بواقع أربع مرات ، مما يعني أنهم سيتخطّون قريباً عتبة الـ 300 كيلوغرام من اليورانيوم المنخفض التخصيب التي تسمح لهم بها شروط الاتفاق. وقد أبلغ روحاني الأطراف الأوروبية التي وقّعت «خطة العمل الشاملة المشتركة» بأنه في حالة عدم قيامها بتعويض الإيرانيين اقتصادياً عن العقوبات الأمريكية بحلول 7 تموز/يوليو، فقد يستأنف الإيرانيون التخصيب إلى نسبة 20 في المائة، مما قد يضعهم على مسار تجاوز “العتبة النووية”.

وقد تكون هذه نسخة المرشد الأعلى “للضغط الأقصى” على ترامب. لكن إلى متى يستطيع خامنئي الاستمرار بها؟ فبلاده تشعر بثقل عقوبات إدارة ترامب، حيث  يشهد الاقتصاد تراجعا كبيرا  وتغلق المؤسسات أبوابها ويشعر الإيرانيون يومياً بخسارة قيمة مدخراتهم، وبارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية والسلع الاستهلاكية ارتفاعاً خيالياً.

وقد يصرّ خامنئي على عدم تفاوض إيران تحت الضغط، لكن تاريخ الجمهورية الإسلامية يشير إلى عكس ذلك. ففي الماضي، عندما كانت الضغوط الخارجية تتنامى إلى حدّ كبير وتعرّض الاستقرار المحلي للخطر، كانت القيادة الإيرانية تبحث عن وسيلة للتخفيف منها ومن التكاليف المرتبطة بها. وهذا ما حصل عندما قررت إنهاء الحرب مع العراق عام 1988، ووقف اغتيال المنشقين في أوروبا في تسعينيات القرن الماضي عند تهديدها بالعقوبات، و وعرضها تسوية نووية  في عام 2003 بعد ثلاثة أسابيع من هزيمة الجيش العراقي على يد القوات الأمريكية حين خشي الإيرانيون أن يكونوا هم التاليون، وفي عام 2012 عندما وافقت إيران على التواصل مع الولايات المتحدة عبر قنوات خلفية بعد أن عملت إدارة أوباما على تشديد العقوبات  على المصرف المركزي الإيراني وتوقّف الأوروبيون عن شراء النفط الإيراني.

فهل نشهد تكرار هذا السيناريو مع إدارة ترامب؟ إنّ الحكمة السائدة هي أن الإيرانيين يريدون انتظار انتهاء فترة رئاسة ترامب والتعامل مع خلفه. وهذا ما يفضّله خامنئي بشكل شبه مؤكد، لكن الكثير يتوقّف على مقدار الصعوبات الاقتصادية التي يعتقد أنه يمكن للشعب الإيراني تحمّلها.

وإذا شعر خامنئي بأنه يجب عليه أن يخفف الضغط، وأن يختار الدخول في مفاوضات، فمن شبه المؤكد أن تكون المحادثات غير مباشرة – فالمحادثات المباشرة ستكون بمثابة اعتراف بالهزيمة. ومن شأن استخدام وسيط على غرار فلاديمير بوتين أن يلقى قبولاً من الزعيم الروسي وترامب على السواء.

ولكن ما نوع الاتفاق الذي سيكون ترامب على استعداد لإبرامه؟ من المستبعد أن يكون ذلك بناءً على شروط وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الإثني عشر للتفاوض: فالإيرانيون يعتبرون أن هذه الشروط تساوي طلب تغيير النظام. وخلال زيارته إلى اليابان، كان ترامب واضحاً بقوله إنه ” لا يسعى إلى تغيير النظام “. عوضاً عن ذلك، صرّح بأن هدفه هو “نزع السلاح النووي”، مما يترك مجالاً للمناورة. لكن في الحقيقة، يبدو أن المعيار الوحيد الذي يعتمده ترامب لأي اتفاق هو ذلك المطبّق على معظم المسائل الرئاسية: يجب أن يكون الاتفاق أفضل من ذلك الذي أبرمه أوباما.

وقد يتمثل أحد التحسينات الواضحة في «خطة العمل الشاملة المشتركة» في تمديد “بنود الغروب” التي تحدّ من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لتمتدّ، على سبيل المثال، من عام 2030 وإلى عام 2045. ومن شأن هذه الخطوة أن ترجئ أي تهديد إيراني نووي محتمل إلى مرحلة بعيدة في المستقبل. إلا أنها لن تتعامل مع التهديدات الإقليمية الناتجة عن مساعي إيران لتوسيع انتشارها وتعزيز أساليبها القسرية ضد الأنظمة العربية وإسرائيل. وسيتطلب هذا الأمر إقناع إيران بالحدّ من تواجدها العسكري في سوريا والتوقّف عن تزويد «حزب الله» وغيره من وكلائها في لبنان وسوريا بالقذائف والصواريخ الموجّهة بدقة.

لكن الإيرانيين لن يقدّموا هذه التنازلات مجاناً، إذ سيسعون إلى رفع كافة العقوبات، النووية منها وغير النووية. وقد يتطلب ذلك من ترامب اختيار حجم التنازلات التي هو مستعد لتقديمها. فأوباما لم يكن مستعداً لرفع العقوبات المرتبطة بحقوق الإنسان والإرهاب. ومن المرجح أن يتردد ترامب في القيام بذلك أيضاً. ومع ذلك، فقد يخلُص إلى أن كسب الوقت (15 عاماً إضافياً) وخفض احتمالات اندلاع حرب إقليمية في غضون ذلك هما إنجازان مهمان بحدّ ذاتهما. أما المفارقة الكبرى فهي أن أقصى قدر من الضغط، كما يمارسه كل ترامب وخامنئي، قد يدفعهما في هذا الاتجاه – شرط ألا يؤدي سوء التقدير بهما أولاً إلى قيادتهما نحو نزاع أكبر.

دينيس روس هو مستشار وزميل “ويليام ديفيدسون” المتميز في معهد واشنطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك