نزعة الانفصال الكردي توقظ شهوة “روج أفا ” .. والانتخابات بالـ” كومونات ” تثير سخرية التاريخ ..
|| Midline-news || – الوسط ..خاص
بعد جلاء الغبار الداعشي عن المشهد في سورية , تبدو ملامح النزعة الانفصالية للأكراد عن سورية أوضح ,خاصة أن ” قوات سوريا الديمقراطية ” لم تكن تحارب داعش الا لتأخذ مكانه على الخارطة الميدانية بدعم أميركي , ولكن ماذا عن الحكومة السورية ونظيرتها في تركيا ، وهل تسمح الظروف الجغرافية و التاريخية بإنشاء هكذا كيان كردي على أرض سورية غير القابلة للتقسيم سياسياً وغير المؤهلة اجتماعياً لمشاريع التقسيم أساسا رغم 7 سنوات من الحرب ؟
ورغم أنه لبعض الأكراد شهوة في تأسيس دولتهم وتسخير الظروف الحالية لخدمة هذا المشروع الانفصالي ، إلا أن بوادره تبدو بعيدة وشبه مستحيلة ، لايريدها السوريون ولاحتى أعدائهم من الاتراك في الشمال , فأين سيذهب الأكراد بأضغاث أحلامهم التي ولدت مع مايسمونه ” روج آفا ” ” وهي في قاموس الكرد الترجمة الحرفية لمصطلح ” غرب كردستان ” ، وهي المناطق التي تعتبر كردية من وجهة نظر الأحزاب الكردية الطامحة لإنشاء كيان كردي في سورية . وبالتالي فإن التسميات التي يطلقها الكرد على مناطق تواجدهم في المنطقة تصبح على الشكل التالي : غرب كردستان في سورية ، شرق كردستان في إيران ، شمال كردستان في تركيا ، جنوب كردستان في العراق , ليبقى السؤال وهل مايتخذونه الأكراد من خطوات حالية ستؤسس لمشروع تقسيمهم لسورية ، خاصة أن الجمعية التأسيسية لما يعرف بـ” اتحاد شمال سوريا ” حددت موعد إجراء أول انتخابات على مختلف المستويات للإدارات المحلية والمناطقية التي تديرها على طول الحدود مع تركيا .
وذكرت وكالة ” حوار نيوز ” الكردية ، أنه ستجري على وجه الخصوص ، في 22 سبتمبر / أيلول من هذا العام انتخابات في ما يسمى الكومونات ، أي المؤسسات البلدية ، وهذا هو المستوى الأول من الإدارة المحلية العامة ، على أن تنظم في اليوم الثالث من نوفمبر / تشرين الثاني انتخابات الإدارات المحلية والمجالس الريفية والحضرية والإقليمية ، وأخيرا ، سيتم عقد انتخابات مجالس المحافظات يوم 19 يناير / كانون ثاني 2018 ، والذين يدخلون في عداد ” الاتحاد ” ، وفي المؤتمر الديمقراطي الشعبي لـ ” الفيدرالية ” .
ويبدو أن قواتاً كرديةً وبعد أن تمكنت من السيطرة على المناطق التي يشكلون فيها أغلبية نسبية ، واستطاعت تنظيم أمورها ، تحاول الانفصال عن الحكومة في دمشق خاصة أنهم يعتقدون أنهم بالدعم الأميركي باتوا بالفعل قريبين من تحقيق حلم إنشاء دولتهم المستقلة ، إذ يعتبر إنشاء الإقليم الكردي السوري خطوة هامةً على طريق تحقيق ذلك الحلم- النزعة .
وعلى الرغم من خصوصية الحالة الكردية السورية ، إلا أنه لا يمكن فصلها عن القضية الكردية الإقليمية ، إذ يجد الأكراد أنفسهم أمام فرصة قد لا تتكرر للسير خطواتٍ على طريق إقامة « الدولة الكردية الكبرى » ، التي جرى تأجيلها لأكثر من 100 عام ، منذ أن تم إعطاء الأكراد وعداً من قبل البريطانيين والفرنسيين بإقامة دولة كردية مستقلة ، وذلك بموجب معاهدة سيفر عام 1920 ، لكن هذه الدولة لم ترَ النور نتيجة الظروف السياسية التي سادت العالم حينها ، والتي كان الأكراد ضحيتها الأبرز .
ويبدو ذلك واضحاً من تصريحات قادة الأكراد حيث قال مسعود بارزاني ، رئيس إقليم كردستان العراق ، في لقاء مع صحيفة الحياة ، من أن « الحدود الموروثة من اتفاقية سايكس-بيكو هي حدود مصطنعة، وأن الحدود الجديدة في المنطقة تُرسم بالدم داخل الدول أو بينها » . أيضاً ، صالح مسلم ، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ، صرَّحَ في لقاء مع صحيفة الشرق الأوسط : « الأكراد كانوا لزمن طويل ، وعبر التاريخ ، جنوداً للآخرين ، وفي القرن الـ 21 قررنا أن لا نكون جنود أحدٍ إلا أنفسنا » .
في التصريحين السابقين إشارات واضحة إلى قناعة الأكراد عموماً ، وفي العراق وسوريا خصوصاً ، أنهم يرون أنفسهم أمام فرصة تاريخية عليهم استغلالها وعدم التفريط بها بأي حال من الأحوال . لكن ، ما مدى واقعية هذا الحلم ؟ وما مدى قابلية تحقيقه ؟
يقود تحليل الوقائع والمعطيات إلى الاعتقاد بأن إقامة إقليم كردي سوري مستقل في هذه الظروف أمر مستحيل ، أو على الأقل بالغ الصعوبة ، فعلى الرغم من وجود عوامل كثيرة مساعدة ، إلا أن العوائق التي تحول دون تحقيقه كثيرة وكبيرة أيضاً أهمها أن الحالة السورية ترفض الانقسام والتاريخ شاهد .