|| Midline-news || – الوسط …
.
يقولُ له الموتُ:
جِئْتُ لأقْبِضَ رُوْحَكَ يا بْنَ الحَياةِ
رأيتُ على شَجَرِ الأبَدِيّةِ هذا المساء
ورَيْقَةَ عُمْرِكَ تهوي إلـيّا
إذاً فاقتربْ يا طَريْديَ مِنّي
اقتربْ مِنْ ظَلاميَ واشْـنُقْ
لُهَاثكَ في غَابَةِ الغَائبينَ، وعلِّقْ
حِبالَ النِّزاع الأخير بِعُقْبِ الحَديد
المُدلّى بِظِلِّ يَدَيـَّــا..
يقولُ الغَريبُ لَهُ ضَاحكاً:
يا بْنَ لَيْلِ التوابيتِ لَستُ طَرِيْدَكَ،
أوْ رُبما كُنْتَ أنتَ طريديْ
إذاً، قَدْ أسيرُ إليكَ ولكننا
لن نسيرَ سَوِيّا..
يقولُ له الموتُ: قلْ ليْ إذاً مَنْ تكونْ ؟
يقول الغريبُ: أنا مَنْ يُصدِّقُ
أنكَ مَوْتٌ عَصِيٌّ على الموتِ
موتٌ بلا ما يُميْتُكَ كالآدميِّ
فَفيكَ المؤجَّلُ عَنْكَ
يُقِيْمُ قبورَ سِواك وتبقى قََصيــّا.
أنا مُنذ أولِ ضوءٍ على ماء عينيْ، أراكَ
وأعرفُ أنكَ تَحْمِلُ مِنْجَلَكَ الدَّمَويَّ
ليشربَ مَوْتاً جَديداً
وأنَّ خَيَالَكَ مِنْ ذكرياتِ ضَحَاياكَ.. مَوْتٌ
وليسَ لَدَى أُخيلاتِكَ عَنْهُمْ
سِوى بعضِ زَهْرٍ طَرِيِّ البُرودةِ فَوْقَ المُحَيّا..
وَتَهْبطُ مِثْلَ الوجُوْمِ خَفيفاًً خَفِيّا
وتدنو، فأنتَ مِيَاهُ السُّكُونِ التي تَتَقَاطَرُ
في بَهْوِ رُوْحِ الضَّحيةِ هَمْسَاً نَدِيـّا
وأنتَ القديمُ السَّحيقُ البِدايةِ
أنتَ نُضوبُ سَنا الكائناتِ
تُخَادِعُهَا قائلاً في طريق المَنِيّةِ:
سِيريْ على قدميكِ قليلاً
وإذْ تتعبينَ خُذي قدميــــّا..
وَقَدْ لا يُمِيْتُكَ موتُكَ مِثلي
ولكنْ أنا لا أموتُ مَعَ الطَّيفِ
طَيْفي سيبقى ورائي
يُحَوِّمُ فَوْقَ مَكانِ غِيابيْ وحيداً عَصيَّا
يقول له الموت: قُلْ ما تشاءُ
ولكنني سوفَ أنزعُ روحَكْ.
يقولُ الغَريبُ:
أجَلْ سوف تفعلُ، لكنني لا أخافُكَ
أنتَ عُبُورِيْ إلى ما يَفُوْقُ رؤاكْ
ستحتاجُ موتاً غزيراً لتحيا
وأحتاجُ ماءً قليلاً
لأخرجَ منكَ صَريعاً وحَيّا
فخُذْني إذاً هكذا في حُبوري
خذني ـ كما شئت ـ حُراً بَهِيــّا…
يصيحُ به الموتُ:
من أنتَ، من أنتَ
في مَعْبَريْ الشَّبَحيِّ..؟!
….
ولكنه لا يُجيْبُ هُنا
لا يقول الغريب ُ: الشَّهيدُ أنا
إنما يهبطُ الصمتُ
على الكَائناتِ..
كثيفاً
نَقيـَّـا.
.
.