مـن هـم “الـيـهـود الـمـســلـمـون” فـي الـمـسـلـسـل الـتركـي “عـاصـمـة عـبـد الـحـمـيـد” ؟.. جـيـهـان عـلي جـان ..
سلسلة "نقلاً عن الباحثين" - ج1 -
|| Midline-news || – الوسط …
” لا تدر ظهرك وإلا قتلت أخاك، لا تسقط وجهك وإلا تسرق الأمل، لا تختبئ بين الصنم والحرام وإلا تحترق”
عاصمة عبد الحميد ــــ مسلسل تركي مدبلج للعربي
ما أن قال الصهيوني تيودور هرتزل (في المسلسل التركي) هذه الكلمات لبائع الخيوط السيد أحمد (يهودي يدّعي الإسلام) حتى أغلق باب دكانته واستقبله بحفاوة فكشف عن يهوديته مرسلاً إياه إلى زعيم جماعتهم (السيد إسحاق) حتى يُـعـرِّف هرتزل على اليهود السريين في العاصمة .
يذهب الصهيوني إلى السيد إسحاق ويجده على هيئة شيخٍ جليلٍ يوزع الحلوى على الأطفال المسلمين فيقول له : أن يعيش اليهودي مثل المسلم لسنوات فإنه شيء يستحق التقدير ولكن مع ذلك يكسر القلب، أنا أتيت حتى أخلصكم من الذل .”ثم يردد له العبارة السرية للجماعة اليهودية “لا تدر ظهرك وإلا قتلت أخاك ..إلخ.
مسلمون ولكن ..!
“التاريخ اليهودي” من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها بعض الصحفيين والباحثين أثناء دراستهم للجماعات اليهودية “فهذا التعبير مجازي فمن الصعب قبول مقولة “التاريخ اليهودي” لأنه من الصعب الحديث عن الهوية اليهودية أو الشخصية اليهودية، فهي جزء لا يتجزَأ عن التشكيلات الحضارية التي كانوا يعيشون في كنفها، ولهذا فإن من الأفضل استخدام لفظ الجماعات اليهودية بدلا من التاريخ اليهودي “(مقالة: يهود أم جماعات يهودية، عبد الوهاب المسيري، جريدة الشرق الأوسط) .
كثيراً ما أرَّقت مشكلة اليهود الذين اعتنقوا الإسلام الباحثين المتعمقين في تاريخ الحضارة الإسلامية، إذ أن شكوكاً كثيرة تحوم حول صدق اعتناق اليهود الدين الإسلامي.
لذلك طرح الباحثون في هذا المجال أسئلة كثيرة بدأت بهل “هم يهود أم مسلمون”، “ما هي خصائص هذه الجماعة” ،”ما أصولها التاريخية”،”ما حقيقتها ؟” وصولاً إلى “هل يمكن لجماعة بشرية أن تمزج بين هويتين دينيتين!؟” .
يوصف يهود الدونمة بأنهم سر منطقة “الشرق الأوسط” العظيم.
فهم طائفة عاشت في تركيا منذ القرن السادس عشر ، ولا تزال أصولها قائمة حتى وقتنا الحاضر بحسب ما تؤكده الباحثة هدى درويش في كتابها “حقيقة يهود الدونمة في تركيا وثائق جديدة”.
تخبرنا الباحثة المتخصصة في الدراسات التركية أن “الدونمة” جمعت بين الهويتين اليهودية والإسلامية، فهي يهودية الأصل والمنبع والجذور ، دخلت الإسلام بهدف التستر خلفه لتحقيق الغرض الذي يسعى إليه يهود العالم وهو الاستيلاء على فلسطين بزعم إحياء أسطورة إعادة سليمان وإقامة دولتهم الكبرى التي تحكم العالم من فلسطين.
المجتمع اليهودي في الدولة العثمانية .
تكون المجتمع اليهودي في الدولة العثمانية من ثلاث مجموعات:
1- اليهود الذين عاشوا في الدولة البيزنطية ثم خضعوا للدولة العثمانية التي حلت محلها.
2- اليهود المهاجرون من النمسا والمجر و وروسيا وألمانيا وبولندا.
3- اليهود المهاجرون من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا.
وبيَّن الباحثون كيف قام الأتراك بتقديم المساعدة لهؤلاء اليهود تطبيقاً لنظام التسامح الإسلامي مع أهل الذمة، حيث وجهوا مجموعات كبيرة منهم إلى المدن الرئيسية في الدولة العثمانية كالقسطنطينية وأدرنه وإزمير وسالونيك .. فقام اليهود بالسيطرة على المرافق الاقتصادية والميادين التجارية وتمتعوا باستقلال ذاتي استطاعوا عن طريقه ممارسة شؤونهم الدينية بحرية تامة وتم منح الحاخام اليهودي تمثيل جميع اليهود في الدولة أمام الحكومة العثمانية (كتاب “اليهود والدولة العثمانية” – أحمد نور النعيمي).
اليهود والأتراك..!
أصبح اليهود في الدولة العثمانية منذ هجرتهم من إسبانيا من كبار أصحاب المحلات التجارية في أسطنبول وسالونيك وإزمير وظهر ذلك بوضوح في المسلسل التركي “عاصمة عبد الحميد” حيث نافس يهود اسطنبول الصدر الأعظم والوزراء الأتراك في فخامة منازلهم إلى جانب إدارتهم العديد من الأنشطة وشغلهم الوظائف الهامة في الدولة (تركيا في الزمن التحول – محمد نور الدين).
في عهد السلطان مراد الرابع (1623-1640 ) بدأت الدولة العثمانية تسير نحو الانهيار حيث دخلت في حروب مع روسيا والبنادقة وظهرت موجة معادية لليهود في روسيا وبولندا وأوكرانيا، في ذلك الوقت بدأ يسري لدى اليهود الشعور بوجوب الخلاص من سلطة الغير عليهم فسيطرت عليهم فكرة ضرورة الخلاص.
هنا ظهرت دعوة “سبتاي زفي” الذي أعلن نفسه المسيح المنتظر وكون جماعته التي سميت بالدونمة تلك الجماعة التي اتخذت نمطاً دينياً إسلامياً يهودياً بينما أحدثت الكثير من التأثيرات السياسية والعقائدية والاقتصادية والإعلامية في تركيا حتى وقتنا الحاضر حسبما يؤكد الباحثون في الشؤون التركية-العربية .
وحرص الأتراك واليهود في آن واحد على إخفاء نشاط هذه الجماعة أي “الدونمة ” وعدم الاعتراف بهم فقد أخفى الأتراك نشاط تلك الجماعة نظراً لتأثيرها على المجتمع التركي وتسللها إلى مختلف أوجه الحياة التركية ، أما اليهود فقد أنكروا وجودهم وحقيقتهم نتيجة لاتخاذهم من التوراة مبادئ فلسفية منحرفة عن الشريعة اليهودية ، بالإضافة إلى تحليلهم المحرمات التي تضمنتها التوراة.