ما وراء الحرب الكلامية بين واشنطن وبرلين ؟
|| Midline-news || – الوسط ..
وضاح عيسى ..
أثارت سياسة الإدارة الأمريكية حفيظة ألمانيا فوجّهت انتقاداً لاذعاً إلى واشنطن حرّكت من خلاله حرباً كلامية بدأت تتصاعد وتيرتها دراماتيكياً بين حليفين استراتيجيين، تُرى ماالأسباب التي تقف وراء هذه الحرب الكلامية؟ وهل ستأخذ العلاقات بينهما منعطفاً خطراً ينذر بابتعاد كل منهما عن الآخر؟ وما تداعياتها مستقبلاً على البلدين وعلى حلف شمال الأطلسي وانعكاسها على العالم بشكل عام؟.
برلين التي أعلنت امتعاضها من سياسة واشنطن الراهنة هاجمت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإبرامه صفقة السلاح مع السعودية، ورأت أن الطريق الذي تسلكه الإدارة الأمريكية خاطئ ولا يساهم في تخفيف التوتر في الشرق الأوسط بل يصبّ الزيت على النار، وهذا بعيد كل البعد عما يحتاجه العالم من آفاق اقتصادية واعدة ونزع السلاح وليس سباقاً للتسلح تقوده واشنطن من أجل إضرام الحروب في أماكن عدة وفقاً لأهوائها ومطامعها انعكست نتائجها سلباً على حياة الدول وشعوبها وأثرت في المحيط الإقليمي والدولي.
صفقات الأسلحة التي عقدتها واشنطن مع السعودية هي فعلاً لا تبشر بمستقبل آمن للمنطقة ولا محيطها، وصدقت برلين بما قالته بخصوص صفقة السلاح وضرورة نزعه ومراقبته، ولكن هل ما خرجت به برلين نابع من حرصها، أم إن ما يدور في خلدها ناتج عن ضيق مساحة مصالحها التي تحاول واشنطن كسب مساحة أكبر لمصالحها وإن كان على حساب التضييق أكثر فأكثر على حلفائها؟.
انتقاد الرئيس ترامب موقف ألمانيا بخصوص التجارة وحلف شمال الأطلسي ونعته بـ«المسيء جداً للولايات المتحدة» ناتج عن عجز الميزان التجاري مع ألمانيا، وعن اتهامه لها بأنها تدفع أقل بكثير مما يجب على «ناتو»، ما دفعها إلى إطلاق تحذيراتها بعدم التعويل على السياسة الأمريكية وضرورة مواجهتها لما لها من مخاطر مستقبلية على الصعيد العالمي بمختلف الجوانب بعدما رأت واقتنعت بأن واشنطن تمارس ضغوطاً لانتزاع مكاسب من حلفائها.
مهما يكن نوع الخلاف الناشب وطبيعته بين ألمانيا والولايات المتحدة، ومهما تكن دوافع ألمانيا، فإن ما تبرمه واشنطن من صفقات أسلحة لدعم العسكرة وتأجيج الحروب والدمار يفسح المجال واسعاً لوضع دول كثيرة في مواجهة حقيقية مع بعضها بعضاً، ومع محيطها الإقليمي بعدما شرعت أنظمة تناهض توجهات شعوبها محمية من واشنطن لكونها تخدم أهدافها العدوانية بإنشاء «تحالفات» بزعم إيجاد ما سموه «التوازن» المبني على لغة العسكرة، بيد أن توجه أمريكا يصبّ في إبقاء أنظمة السلاح سلعةً حيةً في سوق الصراع العالمي، فإن كانت الولايات المتحدة نجحت في اللعب على التناقضات في الماضي، فهل ستنجح في ذلك مستقبلاً؟.