رأي
قرعُ طبول الحرب الشاملة مجدداً .. ضجيجٌ لا أكثر !
حيدر مصطفى ..
|| Midline-news || – الوسط ..
ارتفعت حدة التصريحات المتبادلة بين قطبي الأزمة السورية في موسكو وواشنطن ، التهديدات المتبادلة أنذرت بإمكانية اشتعال النيران الخامدة تحت الرماد مجدداً ، القراءة السطحية أو المرور بشكل سريع على جملة تصريحات مسؤولي البيت الأبيض والكرملين مؤخراً قد يستشف نية حقيقة لرفع سقف المواجهة الروسية الأمريكية على الأرض السورية ، وهي ليست المرة الأولى التي ترتفع فيها حدة التهديدات بين القطبين المتنافرين .
المشهد حالياً يتماثل مع مشهد الفترة المماثلة من العام الماضي إبان التدخل الروسي في سوريا لحماية مصالح موسكو ودمشق ووضع الحدود أمام تمدد الجماعات الإرهابية ومنها ما تبين بشكل واضح لاحقاً دعم واشنطن وحلفائها الغربيين المباشر لهم ، آنذاك صعد مسؤولوا البيت الأبيض من تصريحاتهم العدائية ضد موسكو ، واعتقد كثيرون أن طبول الحرب العالمية الثالثة بدأت تقرع من بوابة حميميم وصولاً إلى ساحة حلب الملتهبة حتى اللحظة ، والآن بعد عامٍ على التدخل الروسي لا يبدو أن خرقاً حقيقاً قد حقق في جدار الأزمة السياسية الخاصة في سوريا ، رغم كل الجهود التي بُذلت ، وبدد مفاعيلها تخبط الإردات الأمريكية والعربية والأوروبية ، وعدم وجود استراتيجية واضحة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما المنتهية ولايته.
لم يفاجئنا أوباما بالخروج أمام الصحفيين قبل أسابيع للقول : ” قدموا لي أفكاراً لحل الأزمة السورية دون التطرق إلى التدخل العسكري ! ” ، قولٌ أراد منه أوباما رمي مسؤولية إنهاء الأزمة السورية إلى الإدارة القادمة كي لا تتحمل إدارته مسؤولية تورط جديد في معركة قد تكون نتيجتها مقتل مئات الأمريكيين وقد تذهب خارج الحدود المتوقعة إلى مواجهة مع الخصم الروسي لا تنتهي تداعياتها على الأرض السورية وإنما قد تمتد إلى أوكرانيا ومناطق القطب الشمالي المتنازع عليها، وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي، حيث لا مياه هادئة في ظل استمرار المناكفات الآسيوية الأمريكية.
من هذا المنطلق تتضح ماهية التصعيد الأمريكي الأخير ، الحديث مجدداً عن إمكانية تحوله إلى حرب شاملة تتجاوز حدود حلب وإدلب والرقة ، قد يكون سقطة تحليلية بنظر كثيرين من متابعي الشأن السوري ، خصوصاً أن ثقة تعترم دمشق بأن الأوضاع إلى تحسن ملحوظ ، كيف لا ورايات استسلام الجماعات الإرهابية في احياء حلب الشرقية رفعتها يدا المبعوث الأممي لحل الأزمة السورية ستيفان دي مستورا، الذي طالب بخروج المسلحين من تلك الأحياء وتعهد أن يرافقهم . وربما من المنطقي القول إن دي مستورا لم يرفع راية استسلام جماعات النصرة وحلفائها من دون أمر أمريكي أتى نتيجةً لقناعة بعدم قدرة واشنطن على إجراء تغيير في معادلات الميدان تحديداً في حلب وقد فات الآوان على ذلك .
الروس والسوريين أحكموا السيطرة على حلب المدينة ومحيطها إلى حد يخولهم المجاهرة بالقول : لا هدنة ولا تهدئة حتى إنهاء وجود الإرهاب في هذه المنطقة ، ولا عدول عن خيار الحسم العسكري إلا بعملية سياسية جدية تفصل جبهة النصرة عن باقي الجماعات ، وقد يتعدى الأمر حدود المعركة في حلب الشرقية ليصل إلى حد استخدام الفيتو في مجلس الأمن من قبل موسكو التي أكدت أن لا حلول جزئية للازمة السورية .
وفي ضوء جملة التطورات هذه لا تتضح أي معالم منطقية أو مبررات للتصعيد الأمريكي طالما أن لا قدرة حقيقية لواشنطن لكبح الجماح الروسي في هذه المرحلة ، وطالما أن الإرادة الأمريكية الحالية تعمل على تسويف الملف السوري بشكل ينسف كل الإنجازات السياسية التي يفترض أنها محققه مع موسكو ، بهدف تسليمه إلى الإدارة القادمة على أرضية مفتوحة على جملة من الخيارات ، وبناءً على ذلك قد لا يبدو الضجيج الإعلامي المرافق منطقياً ، وأن أي توقعات للخيارات الأمريكية المحتملة يجب أن تعتمد على المساحة المفتوحة أمام واشنطن للتحرك في الميدان السوري وفي السماء السورية بعد الإتفاقات السورية الروسية الموقعة حديثاً لتمتين وتدعيم الوجود العسكري الروسي في سوريا ، ووصول أحدث أنظمة الدفاع الجوي إلى دمشق .
* إعلامي سوري – بيروت