عبد الحميد الثاني للصهاينة: “خذوا ليبيا بدلاً من فلسطين” وأردوغان: “ليبيا أمانة عثمانية”.. جيهان علي جان
سلسلة" نقلاً عن الباحثين" ــــ ج3ــــ
الوسط -midline-news
“وها نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة في كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط. ونأمل في أن يحقق جنودنا في شرق المتوسط ملاحم بطولية كتلك التي حققها (أمير البحارة العثمانيين) خير الدين بربروس (1478-1546)، وهم بالفعل سيواصلون كتابة تلك الملاحم”
أردوغان في اتصال هاتفي مع جنود في جنوب شرق تركيا
سيظل أردوغان يتغنى بأمجاد أجداده العثمانيين الزائفة ويغزو فكرنا العربي بالدراما التركية التي تجمل صورة الإمبراطورية العثمانية الاستعمارية عسى أن يطمس تاريخهم الدموي وما ارتكبوه من انتهاكات بحق الدول العربية، وبالأخص فلسطين المحتلة وبذلك يستطيع أن يحقق مطامعه في البلاد العربية من سورية والعراق وصولاً إلى ليبيا.
لا يختلف اثنان على أن ما جاء على لسان أردوغان في الأيام الأخيرة بما يخص ليبيا ونجاحه في انتزاع تفويض من البرلمان التركي لإرسال قواته إلى ليبيا ستعقّد المشهد الليبي بحجة أنه يحمي “أمانة” عثمانية ، وليس هذا موضوع حديثنا وأنا أتابع هذه التصريحات التركية الاستفزازية بحق ليبيا تذكرت ما قرأته عن فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني التي شهدت بوضوح ظهور أنياب الصهيونية العالمية في جسد العالم الإسلامي وفتح الباب أمام التدخلات الصهيونية في البلاد.
السلطان العثماني استمع لعرض هرتزل بشأن فلسطين لمدة ساعتين..!
تيودور هرتزل زعيم الحركة الصهيونية العالمية قام بمحاولات عديدة لإقناع السلطان عبدالحميد بالتنازل لليهود عن أرض فلسطين، وعبدالحميد رفض، وهي الحجة التي يتعلق بها أصحاب “نطالب بعودة الخلافة”، ناسين أن تلك الخلافة المزعومة هي التي دقت مسمار الصهيونية في نعش حركات التحرر العربي.
أي عاقل سوف يسأل هنا هذا السؤال المنطقي والبسيط كيف استطاع هرتزل أن يقابل السلطان آنذاك ولمدة ساعتين حسب الدكتور أحمد نوري النعيمي ويطلب منه التنازل عن فلسطين دون أن يطرده أو على الأقل ألا يدع له مجالاً لإعادة المحاولات مرة تلو الأخرى.
كان لهرتزل رجال في قصر الخلافة، فقد كان زعيم الصهيونية العالمية صديقاً مقرباً لفنيولنسكي صديق السلطان العثماني المقرب الذي مهد الجو أمامه بأن يتحدث مع عبدالحميد مباشرة عن العرض المتضمن تقديم يهود العالم مساعدة مالية لتركيا لكي تخرج من ضائقتها المالية مقابل التنازل عن فلسطين وهو العرض الذي رفضه عبدالحميد، لكنه لم يغلق هذا الباب تماماً بدليل أن هرتزل أعاد المحاولة عدة مرات، وهو ما يفسره البعض بأن أصدقاء هرتزل في قصر الخلافة أشاروا عليه بأن يعيد المحاولة، وذلك حتى لا يقطع عنهم الرشاوى التي لم يكن هرتزل ليتورع عن تقديمها لكل المسؤولين الذين يقابلهم، وقد أشار إليها هرتزل نفسه في مواضع كثيرة من يومياته حيث قال” إن نحن حصلنا على فلسطين، فسندفع لتركيا كثيراً أو سنقدم عطايا كثيرة لمن يتوسط لنا، ومقابل هذا نحن مستعدون أن نسوي أوضاع تركيا المالية”
كما قال في موضع آخر أن “عزت (سكرتير السلطان) الذي هو لسان حال السلطان، مستعد أن يسمح بفلسطين شرط أن توجد الصيغة المناسبة لإنجاز ذلك ويعتقد نيولنسكي أن الأتراك راغبون في إعطائنا فلسطين”
السلطان العثماني لم يكن حاسماً في رفض العرض الصهيوني.
الكاتب أحمد نوري النعيمي أكد في كتابه اليهود والدولة العثمانية أن “الدولة العثمانية قدمت اقتراحاً لاستيطان اليهود في ليبيا، وأبدت رغبتها في أنه في حالة الموافقة من قبل اليهود باستيطان منطقة في ليبيا ، فإن منطقة سرت بليبيا هي الملائمة لهم، نظراً لموقعها الهام لما فيها من ثروات حيوانية ورعوية وبترولية أيضاً ، وسوف نقوم بتقديم التسهيلات والامتيازات التي تضمن لهم إقامتهم هناك”
وورد ذلك أيضا في مذكرات هرتزل كما ذكر العراق أيضا لبعدهما عن فلسطين.
لكن هذا المشروع لم يدخل حيز التنفيذ بسبب انقضاء حكم السلطان عبد الحميد سنة 1909.
لم يرفض عبد الحميد التنازل عن فلسطين إلا لأنه خاف من ردة فعل العالم الإسلامي ضده وليس كما يدّعي البعض احتراماً للمقدسات الإسلامية، وواضح من محاولات هرتزل أن السلطان ورجاله كانوا يريدون أن يقبلوا بالعرض المغري الذي جلبه هرتزل لكن دون إثارة البلبلة ضدهم فكان اقتراح توطين اليهود في ليبيا، لأن السلطان عبد الحميد أكد لهرتزل أنه يتعاطف معهم ومع قضيتهم.
هذه هي الأمانة العثمانية التي يتحدث عنها أردوغان والتي لم يمتنع العثمانيون في التفريط بها من أجل مصالحهم واستخدموها كورقة للبازار والمساومة.
يتبع..