إضاءاتالعناوين الرئيسية

“عباّد الآلهات” .. د.محمد عامر المارديني

|| Midline-news || – الوسط

.
كان ملْحداً، لا يؤمنُ بربِّ السّموات والأرض، بل كان له آلهاتٌ كثيرة ومتغيرة.. كلّ يوم هو في شأن، فتارةً يعبد شمساً، وأخرى قمراً، ومرة يعبد بطلاً، وأخرى ملكاً، إلى أن التقيته ذات يوم فسألته ممازحاً:
هل تخبِّئء لنا في هذه الأيام آلهةً جديدة يا صديقي الملحدَ؟
قال وهو يلوي شفته: مممممم..بالأمس فقط ، فكّرت في أن تكون آلهتي الجديدة لهذا العام جارتنا.
قلت له ضاحكاً: أوَلهذا الدّرك من الكفر قد وصلت بك الحال؟! أن تعبد جارتك؟؟!! والله إنك لمجنون!
طيب.. وما الذي دعاك لتعبدَها أيّها الزنديق؟
قال: آه يا صديقي.. ماذا أقول لك!! ما إن رأيتها على الشرفة تنشر غسيلها حتى كفرتُ من بعدها بكلّ الآلهات. ثم سمعتها بعد ذلك خلسة من خلف الباب تدندنُ شعراً غناه مطرب لا أذكر اسمه وكأن كلماتِه نظمت في سحرها وجمالها..
قلت له بتململ : وماذا كانت تدندن؟؟ هيا اسمعني!!

تنهّدَ تنهيدة طويلة ثمّ أغمض عينيه يستجمع ذاكرته ثم قال:

 

نجواكِ تسبيحٌ و صدرُك معبدُ وأنا التقيُّ الراهبُ المتعبدُ
أنت المليكةُ في الجمالِ وإنني متصوفٌ عَفُّ الجَنانِ موحِّدُ
شَلالُ شَعرِك والعيونُ سُلافتا شعري وكأسي نهدُك المتمردُ
أهواك، أهوى الحُسنَ لحظاً قاتلاً فالموتُ في عِشْقِ اللحاظِ تَوَحُّدُ
 
وما إن انتهى حتى قال لي: هه! ما رأيك! ألا تستحقّ صاحبةُ كلّ هذا البهاء أن تكون آلهتي؟
قلت له متأفّفاً: عافاكَ اللهُ من هذا الكفر أيّها المأفون!
ثم تركتُه على أمل أن أراه ثانية لأعرف ماذا سيحلُّ به.
 
مضى نحو سنةٍ بعد ذلك اللقاء حانت معها صلاة العيد. دخلت المسجدَ مع جموع الناس المهلّلين والمكبرين لأرى قرب المنبر صديقي الملحدَ يرتدي عمامةً ويلبس ثوباً وعباءةً ويبدو في قمّة الورع.
لم أصدّق انتهاءَ مراسم الصلاة حتى اقتربتُ منه مستغرباً وجودَه في المسجد وبذلك الملبس، عايدتُه وقلت لهبدهشة واستغراب: غير معقول!! ماذا حلَّ بك أيها الملحدُ؟ ولماذا أنت هنا؟
رمقني بنظرة وقال: استغفر ربك أيها الصديقُ.. أرجو أن تسبِّع فمَك وتطهِّرَه من قول السوء.. أتقول عني إنّني ملحد وأنا الذي ليس له إلا الله ليخلصَني من كثرة الذنوب التي اقترفتها، ادعُ لي عوضاً عن تذكيري بأيام الجهالة.
قلت له: طيب هلَّا رويت لي ما حصل معك بالتفصيل، وكيف انتقلتَ من واقع الإلحاد إلى ضفافِ الإيمان؟
قال لي: ماشي، وأمري إلى الله.. أتذكر آخرَ مرة التقينا فيها؟
قلت له: نعم لن أنساها، وحينها قلت لي إنك ستعبدُ جارتك الجميلة.
قال لي: وهذا ما حصل بالفعل.. فلقد همتُ بها حدَّ العبادة، وهامت بي، فتزوّجنا، وما إن تزوّجنا حتى عرفتُ وهي معي أنّ اللهَ حقّ، فعدت فوراً إلى ربّي.. لقد جعلتني أكفرُ بكل الآلهة التي سبق لي وأن عبدتُها، وإن شاء الله سأسعى لأن أهجَّ هذا العام، قصدي أحجّ، وسأبقى بجوار الكعبة المشرَّفة إلى أن يأخذَ الله أمانتَه.
قلت له: وزوجتك؟ ألن تأخذَها معك؟
قال: إن الله سيأخذُ الجميع.
.

*أديب وكاتب.. وزير التعليم العالي السابق- سورية

http://تابعونا على صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك