إضاءاتالعناوين الرئيسية

عازف النهار .. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …

 

* في الشوارع الخلفية، تلك الفضاءات المفتوحة على دراما مرتجلة، فطرية لا نصّ لها، فهي المتطيرة مما كان سائداً.

ثمة ما يستوقفك -بمحض المصادفة أو الضرورة- أو كلاهما معاً:
مثلاً، مشهد تكرّر كلازمة، أو كصورة خلفية تكاد تصبح ثابتة، بفارق مختلف أنها من تنفض الغبار عن ذاتها، غبار الوقت والحروب والأسئلة، لتبثّ جملة واحدة، على اقتضابِ بلاغتها الخارجية وتوسلّها بلاغة داخلية، أكثر إيحاءاً أو اعتمالاً بشجن لا يستنفد، أما، المارة فوحدهم من يكملون إيقاع المشهد، شعريته الغائمة ونثره الطليق..

* مشهد حضر فيه صدى «العود» الذي يرسل نغمات مشغولة الحنين، ممزوجة بصوت رقيق دافئ لرجل ثمانيني يعتمر طربوشاً أحمر، ويجلس على كرسي خشبي صغير، وبجانبه لوحة كتبت كلماتها بالأحرف الكبيرة: «بدّي غنّي حتى عيش.. وظيفي بإيدي مافيش.. ميلو اسمعوا غنّية بغنّي بشويّة بخشيش».

شيء من السجع-وفق مقتضى الحال-وآخر من مخزون شفوي فطري يستميل الناس ويقرع خزّان عواطفهم، ليجودوا بوصل «قد لا يغني من جوع، ولا يدرأ خوفاً»!.

وعازف النهار، لا شأن له بعازف الليل، الغافي تحت جمر عتمته، ولا حيلة له سوى التسلّل إلى أحلام النيام علّهم يسمعون أنين أصابعه وبوح ما تمزّق من روحه، والليل أعمى يقود مبصرين.

كأن –المشهد- خارج زمان ومكان بعينهما، يتكرّر هنا، أو هناك وكأننا به يرسم لأول مرّة، كفرجة لا نهائية، لا تجيد الحروب فكّ طلاسمها، بل تعبر من ورائها كخطوط واهية، أشبه بذكرى، تعبر متثاقلة بغبارها وصداها، إلى كثافة أقدارها، ولعلّها –بمنطق ساخر- تقف متفرجة هي الأخرى، على موسيقا تغريها بالتشبّه بها، واستعارتها لتضبط –ربما- إيقاعها الفوضوي، ولتحاكيها قليلاً علّها تطهرّها ولو قليلاً.

حكاية «الثمانيني» في غير مكان، ليست صورة عابرة من «ألبوم» صور منسي هناك، وليست لحظة منتقاة لتخصيبٍ إبداعي فحسب، هي حكاية أخرى لراوٍ عليم هو: الزمن. وكي لا يصبح أولئك «المتروكون» في الأرض، مصادفةً على شاطئ الحياة، نهباً لمخيلّة المدونيّن وتأويلاتهم الماكرة، وصيادو الذاكرة المثخنة، فليُتركوا كالوشم كلما يكتشف تقحمت فتنته مجاز الكلام، فصمت الألم كلامه..

* ثمة مشهد إضافي رسم على مبعدة من ذلك «الثمانيني» تخيلوا أن رجلاً نصف عارٍ يقتحم مؤتمراً صحفياً، ينطق ببضع كلمات غير مفهومة على الأرجح، لكن إشارة إصبعه تكفي لئن تشي بتهديد محتمل.

مهلاً هو ليس شخصية فرّت من خيال مؤلف لرواية «العراء وأنا» لكنه ولهشاشة ما، أصبحَ بذاته تعبيراً عارياً إذ لا فكرة واضحة تحتمله ليقول أو يعبر، سوى أن يتقشّف نصفه الأعلى بفعل زلزال خفي، ربما كان خامداً!

* ومازال السؤال يهجس بي: ترى مَنْ يحاكي مَنْ: الدراما أم الواقع؟!

فيما يقول أدونيس بعيداً عن «طواف الكآبة»: «للتاريخ مسرح، لا يستقبل إلا الذين يعرفون أن يروا، الآن تلك الأشياء التي لا ترى إلاّ غداً».

عَلّي أدرك الآن لم أولئك الناس مسرعون، ومنهم لو يستطيع أن يجري على قدميه ويديه ورأسه، ومنهم لا وقت لديه ليستمع إلى أغنية ولو كانت على شفة الطريق لعازف نهار بصير..

 

*كاتب وناقد فلسطيني- سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك