إضاءاتالعناوين الرئيسية

“صوت أبي العلاء” .. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …

 

لعله من الكتب النادرة، بل والنادرة جداً أن تلتقي الذائقة بكتاب عميد الأدب العربي د. طه حسين «صوت أبي العلاء»، فليست أهمية الكتاب بوصفه ترجمة لصوت شاعر فيلسوف له نظرته في الحياة وفي الأشياء ولا سيما في الخير والشر، بل في حوار صوتين صوت نقدي وصوت إبداعي، وهذا أصبح من البديهيات بمكان لكننا سنذهب أبعد من ذلك، أي أبعد من ذكرى أبا العلاء التي يستحضرها -طه حسين- في كتابه، إلى ما يعني ترجمة ناقد لشاعر مالئ الدنيا وشاغل الناس، شأنه شأن المتنبي فيما انطوت عليه كل عبقريته.

صحيح أن عميد الأدب العربي شاء التعريف بأبي العلاء للجيل الحديث، وبمعنى آخر من خاصة الناس إلى عامتهم، عبر ترجمة وتفسير مختلف لشعره، إذ يقول: «لو نشرت اللزوميات لعامة المثقفين لما فهمها أكثرهم، لأن أبا العلاء لم ينشئ اللزوميات لعامة المثقفين»، ولعله يتساءل ما الذي يمنع أن أيسًير اللزوميات للذين لا يستطيعون أن يقرأوا شعرها العنيف الذي لا يخلو من غرابة، والذي تزور عنه أذواق المتعمقين بالأدب العربي، فضلاً عن الذين لم يأخذوا من هذا  الأدب إلا بأطراف يسيرة قصيرة!.

إذ إن قلق -طه حسين- المشروع من أن كثيراً من الناس سينكرون عليه هذه الترجمة، فينكرها بعضهم لأنها تشيع التشاؤم وتسبغ على الحياة ألواناً قاتمة، ولا ينبغي كما يقول أن نشيع التشاؤم في الشباب، ولا أن نصور لهم الحياة إلا مشرقة باسمة، ليؤكد – طه حسين- أن الحياة أقوى وأنضر من تشاؤم المتشائمين.

وإذ يرى –طه حسين- أن بترجمته لأبي العلاء  بوصفها لوناً جديداً من ألوان الأدب الحديث، فالسؤال كيف يُترجم الشعر والأدل كيف لا يُترجم هذا الشعر، فالمعنى هنا هو قلب الثقافة التي تتسع دلالاتها، والذي يستدعي جدلية الأصالة والمعاصرة، أبعد من صوت وصدى وبالمعنى النقدي تبئير صوت أبي العلاء بذائقة ناقد دارس وقف على خصائص ومكونات ليفتح في أفقها ما يغذي نصه النقدي ويمنحه أسباب الحياة.

ولا تُختزل المسألة أيضاً بلقاء عبقريتين في فضاءات الشعر والقول، واستخلاص القيمة بل جعل قول أبي العلاء ممكناً لمتذوقيه، بل يمكن الذهاب إلى قيم الحوار ذاتها، كما حواريات -جان جاك روسو- عبر كتابه «الاعترافات» لـ أوغستين، وجيوفاني بوكاتشو لـ ألف ليلة وليلة، في نصها العابر للثقافات واللغات المختلفة ولنا في حواريات الفيلسوف السوري الفينيقي الرواقي زينون، بما يفتح الذاكرة إلى مرجعيات ثقافية تستنهض في الحوار ثقافة ذات قيمة مضافة، تماماً كما هي رؤية طه حسين لأبي العلاء المترجمة لآفاق النصوص الشعرية بمدياتها الفلسفية/ التأملية، والأدل في ما يقف عليه طه حسين، هو فكرة الزمان، أي كما يقول: «إنما الزمان إناء مفعم بالحوادث، مملوء بالعبر والمواعظ، محجب لا ترى ما فيه العيون، ولا تبلغه الظنون حتى يزيح سره ويبيح سره، وهو متصل الحركة متشابه الأجزاء… فما أشبهه في ذلك إلا بالقصيدة الجيدة من الشعر، قد استقامت للشاعر قوافيها وانقاد له رويها، فلم يجنح إلى إبطاء ولم يُضطر إلى إكفاء».

أليس ذلك ما يصب في معايير الجودة للقصيدة والتي يستخلصها ناقد حديث، لم يذهب إلى صوت أبي العلاء مكتفياً بالتوصيف وبالشرح، بل وقف على انتظام الدلالة في ما يبثّه الشعر من رسائل عبر الزمن، وفي ذلك خصوصية يمكن لنا أن نشتق منها غير تعريف للشعر، وغير توصيف للشاعر في زمنه الخاص،  ولعله الزمن المفتوح على ما يتطلبه الشعر اليوم من قوة المثال وبلاغته، لا بمحض استجابة عاطفية للواقع.

 

*كاتب وناقد- سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك