سورية ..حقول النفط البحرية ..حق ممنوع التصرف فيه
|| Midline-news || – الوسط …
* وسام داؤد
خلال تواجده في موسكو وفي حوارات مع وسائل الإعلام الروسية ومنها روسيا اليوم تحدث وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن آخر التطورات الميدانية والسياسية المتعلقة بالحرب على سورية ومن جملة ما تحدث به المعلم ملف إعادة الإعمار وتطوراته أيضا كون هذا الملف يمثل كعكة كبيرة ودسمة تحاول معظم الدول التي حاربت وتحارب الدولة السورية أو التي وقفت وتقف معها نيل حصة كبيرة منها ..وقال المعلم بالحرف في أجوبته على اسئلة الصحفيين عن حاجة سورية للدول التي تمتلك الأموال اللازمة لإعادة الإعمار:
” سورية تمتلك مقومات إقتصادية كبيرة منها النفط والغاز في البر والبحر” . نعم هو اعتراف رسمي صريح وواضح والأول من نوعه بوجود الثروة النفطية والغازية في السواحل السورية .نعلم وقبل هذا الإعتراف بخمس سنوات أن سورية وقعت مع شركة سيوز نفتاغاز الروسية الحكومية عقدا للاستكشاف والتنقيب في البلوك رقم 4 بقيمة 100 مليون دولار قبالة سواحل مدينة طرطوس حيث القاعدة العسكرية الروسية يمتد ل25 عاما بتمويل من الحكومة الروسية وتقدر الاحتياطات من الغاز والنفط حسب مجلة أويل أند غاز بنحو 2,5 ملياري برميل نفط ، وهي من الأهم بين كل جيرانها باستثناء العراق وبلغت احتياطات الغاز المثبتة في المياه الاقليمية السورية نحو 8,5 تريليون قدم مكعب أي أن سورية تتمتع بأحد أكبر الاحتياطات من النفط في البحر المتوسط، حسب المجلة ذاتها .
وقتها استبشر السوريون الخير من هذ العقد وتوقعوا أن تنتهي محنتهم الإقتصادية والمالية المتفاقمة بفعل الحرب على بلدهم فالنفط يمثل الدخل الاساسي للدولة السورية وحرمت منه بعد سيطرة المعارضة والتنظمات الإرهابية على معظم حقول وآبار النفط والغاز ولكن مضت السنوات الخمس ولم يعد أحد يتحدث عن هذا الملف بالرغم من أن دول الجوار التي نتقاسم معها الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط وهي مصر وفلسطين المحتلة” إسرائيل “قد بدأتا الإنتاج من الحقول المكتشفة ،ولبنان وقع عقود مع الشركات التي ستستخرج النفط من حقوله العام الماضي 2017 وسيبدأ الإنتاج خلال خمس سنوات ولم يبقى خارج معادلة إنتاج النفط والغاز من الشاطئ الشرقي للمتوسط سوى نحن السوريين. وهنا تطرح أسئلة كبيرة وكثيرة حول عدم التقدم خطوة واحدة في هذا الملف وحتى لوكان هناك تطورات لماذا لا يصارح بها الشعب السوري المنتظر على أحر من الجمر لموارد هذه الحقول ؟ .
طبعا لم نتعود يوما على مصارحة وشفافية الحكومة السورية في أي ملف من الملفات سواء كانت إقتصادية أو غيرها فكيف في هذا الملف الحساس المتعلق بالصديق الروسي الذي يحارب معنا على الأرض ويبذل الدماء دفاعا عن سورية ومصالحه فيها هنا سيكون للموضوع بعد سياسي عسكري أكثر منه إقتصادي وهذا نعلمه جيدا ولكن استخراج النفط من الحقول البحرية السورية يجب أن يكون أولوية الأولويات وعلى رأس السطح بالنسبة للحليف الروسي وأن يتعامل معه بشفافية ووضوح فالإنتاج من الحقول البحرية يخفف العبء الإقتصادي على الدولة السورية وبالتالي يخفف من حجم المساعدات الإقتصادية المقدمة “إن وجدت ” من قبل حلفاء دمشق وترفع من مستوى معيشة السوريين في الداخل وهذا يسهم أيضا في المساعدة على إعادة المهجرين كما يجعل من قضية وملف إعادة الإعمار غير قابلة للابتزاز والربط بملف الحل السياسي للأزمة السورية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وحتى الأمم المتحدة حسب الوثيقة المسربة مؤخرا والتي تطلب من الدول عدم المشاركة في إعادة إعمار سورية مالم يتم التوصل لإتفاق سياسي
وأما إذا كانت حجة الشركة الروسية متعلقة بالوضع العسكري والميداني في سورية، فروسيا اليوم أقوى عسكريا وسياسيا في منطقة الشرق الاوسط من أي مرحلة سابقة حتى أيام الإتحاد السوفيتي وكذلك هي تنتج النفط بالتشارك مع “إسرائيل ” في الحقول المكتشفة قبالة سواحل فلسطين المحتلة و من الحقول المصرية بالإضافة لتوقيع عقد تعاون مع لبنان بشأن استثمار الحقول المكتشفة قبالة سواحله وبالنسبة للمشترين فالصين الحليف القوي وثاني أكبر إقتصاد في العالم يبحث عن موارد جديدة.
هذه المعطيات والحقائق يدركها الروسي الذي وضع يده على أول هذه الحقول المفترضة والمعول عليها كثيرا في سورية ونحن ندرك أيضا أن التأخر في هذا الملف يخدم روسيا فقط وسياستها الدولية الساعية للإمساك بقوة أكثر على عصب الطاقة المتجه صوب القارة الأوربية العجوز والتي تحاول الولايات المتحدة وحلفائها من الدول المنتجة للنفط والغاز كسر الإحتكار الروسي لما له من قوة في التأثير على القرار السياسي لدول الإتحاد الأوربي ويكرس روسيا كقوة دولية ثانية في العالم وندرك أن هذا التأخير يضر بسورية والسوريين إقتصاديا وسياسيا كون فاتورة استيراد النفط والمشتقات النفطية يكسر ظهر الحكومة السورية التي تعاني من شح الموارد المالية ويكبح دوران عجلة النمو في كل القطاعات الإقتصادية نتيجة ارتفاع أسعار حوامل الطاقة .
بالمختصر لا معلومات جديدة حول هذا الملف سوى ما تحدث به الدكتور عماد فوزي الشعيبي رئيس مركز المعطيات والدراسات الإستراتيجية قبل ستة أشهرعلى إحدى القنوات التلفزيونية العربية عن وجود كميات هائلة من النفط والغاز في هذه الحقول تفوق ما تنتجه دول خليجية كبيرة. وإلى اليوم نحن ننتظر ولا ندري إلى متى سينطبق علينا بيت الشعرالذي يقول “كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول ”
وسام داؤد – صحفي وكاتب سياسي سوري
Midline-news – خاص