رجائي موسى و”نهايات سعيدة”.. بقلم: ميسون صالح
|| Midline-news || – الوسط …
.
لا أكتب عن رواية لا تعجبني، لهذا أنا لا أستطيع ارتداء قلنسوة النقد الأدبي. هي ليست بمقاس رأسي ولن تكون. قراءة الأدب عندي فعل يجب أن تكون نهايته الوصول إلى النشوة. واذ لم يفعل فستكون عملية فاشلة لا تُحذف من الذاكرة لكن لا جدوى من ذكرها.
“ليس هناك خلاص، من قال هذا نحن منذورون لقدر عظيم”.
نهايات سعيدة، مشفوعة بسيرة الحارس الليلي للأوتيل.. لرجائي موسى، رواية من 130 صفحة تقريباً. ودار نشرها (كلمة).
لم يكن صدفه قرار بداية الغوص فيها، وإنما عن سبق إصرار وترصد. فمع رغبة اكتشاف اللؤلؤ كنت أرغب في معرفة سر كتابة “الهذيان” هذه التي بدأت تتخلل قراءاتي كما السحر.
قسمها الأول:
سيرة الحارس الليلي للأوتيل.
إسماعيل شبيه أبيه، وآخر شهوته. إسماعيل ذبيح أمه. إسماعيل الذي يزرع أجنة الموت في صدره، ويرغب في حياة مفلوقة الشفاه حبشية. قتل كل الأحبة، قتل حرفه ولم يفت الأوان.
بدأت الرواية بتلك الجمل السحرية، العبقرية أيضاً، فقرة لها سلطان “غير مبرر أبداً على الإطلاق هذا العنف الذي يصعد كل ليلة من هذا النهر، كل ليلة أنتظر عروس النيل لكي تصعد، وكل ما أسمعه هو صوت صراخ قتلى”. الرواية لا تحدثنا عن العقد الأوديبية كما تكتب. هذه الرواية الملعونة تحدثنا عن حب الأب كما لم تكتب. سردية بشخوص وتسلسل ما بين الحلم والهذيان والواقع. وهذا يظل مقبولاً حتى يخرج علينا الراوي بشحمه ولحمه وبخط طباعة مختلف “اللعنة على اللا مألوف ما ألذه. وطوبى للمتمردين”.
نعم الراوي يروي نفسه يتجسد لنا، ويروي عن إسماعيل غربته “هي الغربة أستطيع أن أعرف ملامحها الآن. خوف التقاء الغرباء”.
طريقة السرد التي أعشق.. هذا الذي يجعلني أضيق ذرعاً من تركيب المفكك وفك المركب، ولكني أقف في كل مرة إجلالاً للجمال “أجمع اللغة حرفاً حرفاً من البيوت، مثلما أجمع كسر الخبز”.
.
.
قسمها الثاني:
معنون بالنهايات السعيدة.
يبدأ بجملة لجيمس ب كارس “لقد عرف كيركجارد كيف يموت، فهو قد أفرغ نفسه تماماً من لغته”.
صدمتني! لأنني عرفت سبب انزعاجي السابق واللاحق، لقد كنت أخشى على الراوي إسماعيل والكاتب. وكأني كنت أبحث عن طفل ضائع مخافة الذئاب. رهان آخر كسبته الرواية، أن أدخلتني في هذا الخوف من إفراغ الجعبة (الموت) ترددت في إكمالها، خفت النهاية السعيد التي لن يشفع لها الموت كبداية للحياة.
لن أنسى طفل الخزانة مهما تكاثرت تخيلات الكتاب، لن أنساه، إني أراه كلما فتحت خزانتي..
هذه الرواية الأولى للكاتب، كتبت عام 2014 سيجدها البعض نخبوية وغير مألوفة، ووجدتها أنا قدر، كي أزداد إيماناً بأني أعشق هذا الأسلوب في السرد.
رواية أظهرت لنا الأديب و محب الأساطير الاثنوغرافي المصري رجائي موسى. والذي يعرف أن الكتابة نوع من الطلاسم ولعلها اكثر ما يجب أن يعاش.
.