دراسات وأبحاث

حول زيادة الرواتب والأجور كمدخل لتنشيط السوق وتحسين مستوى المعيشة “مقاربة أولية”

الدكتور مدين علي ..

بات مما لا شك فيه أنَّ ارتفاع تكاليف الحياة اليومية، وتزايد أعبائها، يُشكِّلان في ظل الارتفاع الكبير في المستوى العام للأسعار، هاجساً يقضّ مضجع شرائح كبيرة وواسعة من المجتمع السوري، خاصة أصحاب الدخل المحدود. إنه الهاجس نفسه الذي جعلَ التساؤل المطروح من قبل هؤلاء، يأتي في صيغ متعددة: هل هناك زيادة في الرواتب والأجور؟ لماذا لا تقوم الدولة بزيادتها من أجل تحسين مستوى المعيشة؟ أليس ذلك في مصلحة المنتجين والمستهلكين؟ ألا يمكن أن تسهم الزيادة في تنشيط السوق وتحريك عجلة الاقتصاد، وتحفيز النمو ورفع مستوى التشغيل؟ أما آن الآوان لمعالجة هذه المشكلة على نحو جدِّيٍّ، لأنها تجاوزت قدرة الناس على الاحتمال!

 حقاً إنها تساؤلات مشروعة، تنطوي على أفكار مهمة، لا يمكن لعاقل أن ينكرها، هذا إذا كانت المشكلة في حدودٍ، يمكن أن يقبلها عقل، أو أن يتصورها إنسان، لكن أن تكون المشكلة خارج حدود العقل، أو ما لا يمكن أن يتصوره البشر، عندئذٍ لابد من الارتقاء بالتفكير إلى مستوى استحقاقات المشكلة، ما يعني ضرورة تجاوز أطروحة الحلول البسيطة أو التقليدية، لماذا؟ لأن المشكلة، أو المسألة السورية، ببساطة ليست تقليدية بكل المعايير أو المقاييس، لا التاريخية ولا المعاصرة.

لقد أصبح تأمين الحد الأدنى الضروري للبقاء على قيد الحياة، يشكل تحدياً كبيراً، يواجه ما يتجاوز-في تقديري-حدود الـ ((80% من المجتمع السوري، وهذه مشكلة كبرى، تنطوي في الواقع على مفاعيل وتداعيات اجتماعية وسياسية ونفسية خطيرة، ربما يصبح من الصعوبة بزمان ومكان، أن تُستوعب أو تُحتوى ارتداداتها ومنعكساتها بالطرق الاقتصادية الكلاسيكية، التي اعتدنا عليها عبر الزمن.

ما لا يمكن أن يقبل به العقل، أو يتصوره الإنسان هو حجم التركة الثقيل، والعبء النوعي الكبير، والتكاليف الباهظة الثمن، التي خلفتها الحرب على سورية، بما تسببت به من منعكسات خطيرة، وتداعيات مربكة على المستويات كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولعلَّ الأخطر منها تلك التي تتعلق بمستوى أداء الاقتصاد السوري، ومدى القدرة على تأمين الموارد الاقتصادية، والمستلزمات الضرورية، خاصةً، تلك المتعلقة بالعملية الإنتاجية، والتي شهدت في الواقع تراجعاً دراماتيكياً، نتيجة :

  • أولاً : التدمير الممنهج والمبرمج و المتدرج  على مراحل في ظل الحرب على سورية، والذي طال واستهدف مختلف البنى الاقتصادية، الإنتاجية والخدمية والمرافق الحيوية .
  • ثانياً : نتيجة العقوبات الدولية التي فُرِضت على سورية بالتزامن مع الحرب، والتي كان لها في الواقع دورٌ مكمل للحرب في تعطيل قدرات الدولة الإنتاجية والخدمية، وإرباك المؤسسات المالية والمصرفية، وبالتالي تجويع الشعب السوري، وحرمانه من أبسط شروط الحياة الإنسانية التي جاءت في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

لقد كان للحرب والعقوبات دور كبير في تشكل فجوة كبيرة في الكم والنوع بين العرض والطلب، على المستوى الكلي في الاقتصاد السوري. فجوة تجاوز فيها الطلب حدود العرض كماً ونوعاً، الأمر الذي خلق بدوره أرضية مناسبة، أسست لارتفاع مستمر ومتواصل في المستوى العام للأسعار على امتداد سنوات، أفضى إلى إحداث فجوة كبيرة بين الدخل والاستهلاك، انعكست مفاعيلها السلبية بصورةٍ مؤلمة جداً، سواء أكان ذلك لجهة ما يتعلق بإمكانيات توفير شروط الحد الأدنى اللازمة لتأمين مستلزمات المعيشة الضرورية، أم بالنسبة للمؤشرات ذات الصلة بنوعية حياة الإنسان السوري، التي شهدت تراجعاً كبيراً خلال سنوات الحرب، لدرجةٍ مسّت كرامة الإنسان في الصميم ([1]).

ويبقى الأبرز في هذا الإطار هو ما تعرضت له السوق السورية خلال سنوات الحرب والعقوبات المتلازمة معها من تشوهات بنيوية وهيكلية. فقد باتت أكثر من أي وقتٍ مضى سوقاً غير تنافسية، محكومة بقيود احتكارية شرسة، ومصالح فئوية ومافيوية ضيقة، تمتلك القدرة على التأثير، بما يتجاوز المستوى الاقتصادي إلى المستويات الأخرى (السياسية والاجتماعية والثقافية). وربما الأخطر، هو أن السوق السورية، أصبحت إلى حدٍّ كبير خارج نطاق أو حدود السيطرة الاستهدافية لأدوات السياسة الاقتصادية، أو حدود تأثير المضاعفات المالية التي يراهن عليها مؤيدو فكرة زيادة الإنفاق العام، وزيادة الرواتب والأجور. لقد فقدت السوق الكثير من الشروط والخصائص اللازمة كشرطٍ أساس أو كمدخلٍ للاستجابة لتقنيات أدوات السياسة الاقتصادية، وتحديداً النقدية والمالية، ومختلف الفنيات ذات الصلة المرتبطة بها ([2]).

ويمكن أن تتعلّق مشكلة الفجوة  بين الدخل والاستهلاك -التي تزداد عمقاً واتساعاً- بأسبابٍ متعددة أخرى إلى حدٍّ ما، تتفاوت من حيث أهميتها النسبية (كتقلبات الدورة الاقتصادية، والعوامل الموسمية، وتقلبات الطقس، وحالة الطرق، وظروف النقل، والتكاليف ذات الصلة …..الخ)، إلا أنها -إلى حدٍّ كبير- هي في المحصلة، نتيجة للارتفاع الحاد في المستوى العام للأسعار، الناجم عن تراجع كبير في القوة الشرائية لليرة السورية، لأسباب كثيرة تتعلق بسياسة سعر الصرف ورهاناتها الخاطئة، وإدارة القطع الأجنبي غير المتوازنة، كما تتعلق بـطبيعة البنية الاحتكارية المتجذرة، والتي أخذت مضامين ومناحي جديدة في ظل الحرب والعقوبات الدولية، و ظروف التنافس أو ربما الصراع بين مراكز القوى الاقتصادية (التقليدية والناشئة)، أو حتى بين القوى الناشئة نفسها، والتي باتت مُعطى موجوداً يسيطر ويتحكم -إلى حدٍّ كبير- بمقدرات الاقتصاد السوري ومجريات السوق والعملية التوزيعية)، وهي كلها أسباب يمكن أن تكون موضع بحث ونقاش لاحق لا يتسع المقام للخوض في تفاصيلها الآن .

على أي حال، إن معالجة الاختلال الحاد بين الدخل والاستهلاك في سورية، لم يعد يحتمل هدر المزيد من الوقت، ما يعني أنه لابد من تدخلٍ سياساتي وإجرائي علاجي وبجرعاتٍ عالية المستوى، من حيث التأثير والفاعلية من قبل الدولة السورية، وهنا يبقى السؤال الأبرز: ما نوعية السياسات التي يمكن للدولة في سورية، أن تلجأ إليها كمدخل لتصويب المسار وتصحيح العلاقة بين الدخل والاستهلاك، ما يساعد في تحسين أوضاع الناس الاقتصادية والمعيشية؟

في الواقع ثمة مقاربات مختلفة من وجهات نظر متعددة، يمكن الانطلاق منها والتأسيس عليها لاستعادة العلاقة التوازنية بين الدخل والاستهلاك، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى مدخلين أسَاسَيْن أو مقاربتين :

المقاربة الأولى :

4يُسرُّ بها كثيراً العاملون والموظفون في القطاع الحكومي، وربما يُسرُّ بها أكثر العاملون في الجهاز البيروقراطي من الوزراء والمدراء الّذين يريدون شراء الوقت، والعمل بمبدأ سياسة القفز، أو الهروب إلى الأمام، وترحيل المشكلات إلى من سيخلف لاحقاً في الموقع، أو الوظيفة. وتتمثل هذه المقاربة ، عمليّاً ، بقيام الدولة بزيادة الرواتب والأجور ، ورفع مستوى التعويضات المالية التي يتقاضاها العاملون، من خلال الإصدار النقدي أو الاقتراض الداخلي ، أو من خلال مصادر تمويل استثنائية أخرى (وهي مصادر باتت في جميع الأحوال معدومة). وهذا الإجراء يُعدُّ الأسهل والأبسط من الناحية العملية، لأنه لا يتطلب إجراءات أو تدابير نوعية، لكنه ينطوي بالتأكيد على مخاطر كبيرة في الأجلين القصير والمتوسط، لأن التوجه نحو اعتماد هذه المقاربة، يعني في ظل ضعف مرونة عرض الجهاز الإنتاجي المحلي (المدمّر بنسبة كبيرة منه)، وفي ظل  الجغرافيا الاقتصادية المفتوحة على مصراعيها وعدم القدرة على ضبط الحدود([3])، يعني تحول الطلب نحو سلع مستوردة، إما بصورةٍ نظامية أو مهربة، في حال كان الاستيراد مقيداً، أو مقنناً، أو ممنوعاً، وفي جميع الأحوال، سينعكس ذلك ارتفاعاً في حجم الطلب الكلي إلى مستوى  يتجاوز حدود القدرات الإنتاجية للسوق الداخلية، التي تفتقر لكلٍّ من (الإنتاجية والاستجابة أو القدرة على التكيف) بالمستوى المطلوب، وهذا ما سيدفع منظومة الأسعار للارتفاع، وبالتالي الانفتاح على حلقة تضخمية جديدة، ما يعني الدوران في حلقة لولبية مفرغة، لن نحتاج لوقتٍ طويل، لنجد أنفسنا وقد عدنا إلى المربع الأول، بفجوة أكثر عمقاً واتساعاً ([4]).

المقاربة الثانية :

وهي مقاربة مؤلمة وأصعب في الأجل القصير، لأن استحقاقاتها أشد و تحتاج إلى سياسات قوية وإجراءات نوعية على المستويين الكلي والجزئي، كما تحتاج لجهود نوعية متماسكة، تمتلك الرؤية والإرادة والأدوات، يتعين على الدولة أن تقوم بها بصورةٍ عاجلة، لأنها استحقاق الضرورة التاريخية، ولأن التحدي هو تحدٍّ نوعي من الناحية الميدانية (العملية)، والأهم أيضاً لأن القوى المتحكمة بالسوق ستقاوم، ولن تتخلى ببساطة عن الامتيازات التي حصلت عليها في ظل مفاعيل قانون الفوضى السائد في زمن الحرب ([5]) ، ويجب ألا نتوقع منها غير ذلك. لأنها بالأساس هي قوى طفيلية، انتعشت بسرعة، وأثْرت بطرقٍ مافيوية على حساب المجتمع السوري، وهي لا تتمتع إطلاقاً بالحس السليم، ولا بالمسؤولية التاريخية، ولا تمتلك هوية اقتصادية ولا سياسية ولا ثقافية، وأكثر من ذلك لا تتمنى لحالة الحرب أن تنتهي. لقد تحول بعض هذه القوى الجديدة إلى جماعات مصالح وضغط حقيقية، لديها قدرة كبيرة على السيطرة والتحكم بمجريات كلٍّ من السوق والعملية التوزيعية التي استطاعت أن تجيّرها بصورةٍ مباشرة وغير مباشرة وبأدوات مختلفة (مشروعة وغير مشروعة بغالبها)، لجهة مكنتها من الاستحواذ على القسم الأكبر من الفائض الاقتصادي على حساب مختلف حوامل المجتمع ومكوناته الاقتصادية والاجتماعية ([6]).

 ينطلق مضمون المقاربة واقعيّاً من ضرورة تنفيذ سياسات نوعية، تستهدف تغيير خصائص السوق، وإعادة تشكيلها من جديد، وفق قواعد أو مبادئ جديدة روافعها الأساسية: كسر حالة الاحتكار، واختزال عدد الحلقات الوسيطة (خاصة الطفيلية والمافيوية)، وتأصيل التنافسية كخاصة بنيوية للسوق السورية، وتحفيز العملية الإنتاجية الوطنية، وإعادة توزيع الدخل من خلال أدوات السياسة الاقتصادية وغير الاقتصادية، (غير المترددة، القوية، والفاعلة والصادمة) ([7]).

إن التوجه نحو تطبيق سياسة اقتصادية، تتضمن في جنباتها مضامين إعادة هيكلة شاملة خاصة لجهة ما يتعلق بالسوق، وتعزيز مقومات تنمية العرض، وتحفيز الإنتاج المحلي، بموجب خارطة إنتاج تنطلق من أولويات معينة، كلّ ذلك سيؤدي إلى تنشيط السوق الداخلية، ورفع مستوى الاستخدام والتشغيل، وتخفيض البطالة، وتوليد أو خلق مداخيل إضافية توازنية عند مستوى كتلة نقدية أقل (الكتلة القائمة نفسها)، لن يكون لها أي تأثير يُذكر في ارتفاع الأسعار، ولن تكون سبباً له على الإطلاق في جميع الأحوال وفي مختلف الظروف. في هذا الإطار لابد من التأكيد على أن مفاعيل إعادة هيكلة السوق لجهة تقوية الحاكمية التنافسية والمعيارية، لن تبقى محصورة في الإطار الضيق، بل ستسهم في تخفيض تكاليف الإنتاج، ومن ثم تخفيض مستوى أسعار السلع والخدمات، ما سيساعد في زيادة فرص التمكين من خلال توليد مصادر دخل جديدة ([8])، يمكن الرهان عليها كمدخل لرفع مستوى المعيشة، وتحسن نوعية الحياة. ويبقى الأهم هو أن تعزيز مقومات تطوير العرض الكلي من خلال الإنتاج المحلي، سيؤدي إلى تراجع حجم الاستيراد، وبالتالي تراجع مستوى حجم القطع الأجنبي المطلوب لتمويل الاستيراد، ما سيسهم بالمحصلة النهائية في تخفيف الضغط على موازين المدفوعات، والقطع الأجنبي، والموازنة العامة للدولة، وهذا سينعكس بصورةٍ إيجابية، لجهة ما يتعلق بالقدرة على توفير الشروط المطلوبة لتمتين مقومات صمود الليرة السورية، كما سيساعد السلطات النقدية والمالية إلى حدٍّ كبير، في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي، الذي يمكن أن يكون مدخلاً أساسياً للاستقرار الاقتصادي والتوازن الكلي، يمكن الرهان أو التأسيس عليه، لبناء استقرار سياسي و اجتماعي مطلوب، متماسك ومتين.

إن سياسة تحفيز الطلب من خلال زيادة الرواتب والأجور، أو من خلال زيادة حجم الإنفاق الكلي بصورة عامة، من أجل تحفيز الاستهلاك المولد للنمو، لا يمكن أن يكون مجدياً في الحالة السورية على الأقل في الظروف الراهنة، لأن السوق السورية بواقعها الراهن، لا تمتلك المرونة المطلوبة، كما أنها لا تمتلك الإنتاج ولا الإنتاجية بالمستوى الكافي كماً ونوعاً، ولا حتى المرونة السوقية اللازمة، التي يمكن الرهان عليها في تمكين آليات المضاعفات الإنفاقية لأن تقوم بدورها كما يجب، دون أن يترتب على عملها زيادة لولبية صاعدة في الأسعار.

وإذا كان خيار التركيز على الجانب المتعلق بالعرض كمدخل لتصحيح العلاقة بين الدخل والاستهلاك هو خيار استراتيجي كما نعتقد، فإن ما يجب أخذه بالاعتبار هو أن هذا الخيار يندرج في نطاق سياسات الاقتصاد الكلي في الأجل المتوسط والطويل.  ولما كانت قضية تحسين مستوى المعيشة وردم الفجوة بين الدخل والاستهلاك، باتت تشكل مسألة ملحة وضاغطة، لا تحتمل الكثير من الوقت، لذا لابد من اتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة في الأجل القصير، على مستوى السياسة النقدية، تستهدف تحسين سعر صرف الليرة السورية تجاه الدولار، الأمر الذي ستنعكس مفاعيله بصورة مباشرة لجهة تخفيض تكاليف المحتوى الاستيرادي للسلع والخدمات التي تعتمد على مدخلات مستوردة، أو تخفيض تكاليف بعض السلع النهائية المستوردة، التي تدخل كمكون أساس في عداد سلة المستهلك اليومية.

  إن إعادة النظر في الخيار، والانتقال من إطار الالتزام بمضامين المقاربة التي تركز على جانب العرض وتغيير خصائص السوق، إلى سيناريو المقاربة التي تركز على تحفيز الطلب المولد للنمو والتشغيل، من خلال زيادة حجم الإنفاق العام، عبر زيادة الرواتب والأجور والتعويضات والنفقات الحكومية الأخرى، يصبح كلُّ ذلك خياراً ممكناً، يجوز اللجوء إليه والاعتماد عليه، إذا ما توافرت شروط معينة. وهي شروط ستتولد بصورةٍ تلقائية وطبيعية، بمقدار ما ننجح في تنفيذ حزمة السياسات والإجراءات الهيكلية، المطلوبة على مستوى الاقتصاد السوري، خاصة لجهة ما يتعلق بطبيعة السياسات الاقتصادية، وأولويات العملية الإنتاجية، والرهانات القطاعية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي يجب أن تكون محكومة أولاً وقبل كل مطلب بهاجس تحفيز الإنتاج وتطوير العملية الإنتاجية، كمدخل أساس لمواجهة المشكلة الاقتصادية الراهنة في سورية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  ارتفاع في المستوى العام للأسعار استغلته القوى الاحتكارية وبعض المرتزقة وتجار الظل والسوق السوداء الذين انتعشوا وتصافقوا وأثروا على حساب الغالبية العظمى من أفراد المجتمع السوري (الذين باتوا فقراء ومستضعفين ومهمشين، والذين هم من ضحى أكثر لأجل سورية الوطن) مستغلين (أي هؤلاء المرتزقة) ظروف الدولة وانشغالها، وحالة الضعف التي أصابت مفاصلها الاقتصادية.

[2]  لم تعدْ إدارة السوق ممكنة إلى حدٍّ كبير، في واقعها الراهن، من خلال الفنيات أو التقنيات الاقتصادية التي علمتنا إياها النظريات الاقتصاديّة أو النظريات المتعلقة بإدارة الشأن العام، ما يعني أن المنطق أو الأسلوب الأنجع للتعاطي مع الشأن الاقتصادي وغير الاقتصادي هو منطق وتقنيات إدارة الأزمات، وأدوات اقتصاد الحرب.

[3] بعد مضي ثلاث سنوات من الحرب على سورية بلغت قيمة الصادرات التركية غير المسجلة (المهربة عبر الحدود) حوالي (1,8) مليار دولار أمريكي.

[4] إن المقاربة العلاجية للمشكلة الراهنة (الاختلال الرهيب بين الدخل والاستهلاك) عن طريق زيادة الإنفاق على بند الرواتب والأجور يحتاج إلى توافر شروط معينة غير متوافرة في الحالة السورية، وتحتاج إلى إطار سياسي واجتماعي وثقافي مختلف.

[5]  هذا القانون كان للقوى الفاسدة والتجار الذين استغلوا ظروف الحرب (تجار وأثرياء الحرب) دور كبير في جعله القاعدة وليس الاستثناء، وقد أمنوا له كل الظروف والمسهلات والسبل التي تجعله ساري المفعول في كل زمان ومكان على امتداد الجغرافية السورية. وستصب كافة الزيادات في الرواتب والأجور في ظل البيئة الاحتكارية واقتصاد الظل، في نهاية المطاف في جيوب هؤلاء (على غرار السحابة التي خاطبها هارون الرشيد قائلاً لها: أينما هطلتِ فأنت في ملكي)

[6]  تجدر الإشارة إلى أن الحكومة السورية مؤخراً، كانت قد اتخذت خطوات تستهدف تحصيل موارد مالية ومصادر تمويل تقدر بمئات المليارات، منها على سبيل المثال لا الحصر: لجنة للتدقيق في القروض المتعثرة، والتي كانت قد انتهت من عملها منذ وقت قصير، وأعدت تقاريرها النهائية، وانتهت إلى نتائج مهمة. وفي ضوء ما توصلت إليه اللجان المذكورة، اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات والتدابير العاجلة في إطار المساعي الرامية إلى استعادة هذه الأموال، ونتيجة هذه التدابير فقد تم تحصيل قسمٍ من هذه القروض، وعملية التسديد ما تزال مستمرة، كما قامت الحكومة بتشكيل لجنة أخرى على غاية من الأهمية، مهمتها دراسة الملفات الخاصة باستئجار واستثمار أملاك وعقارات ومرافق حكومية كثيرة، كان قد تمّ تأجيرها بموجب عقود وصيغ إيجارية مختلفة، في جانبٍ كبير منها لم تكن في صالح الدولة والمصلحة العامة، لأن معظمها تمّ بقيم بخسة، أدت إلى تفويت الفرصة البديلة على الدولة، وحرمتها من إمكانية الحصول على موارد حقيقية، يمكن من خلالها تخفيف الضغط عن الموازنة العامة للدولة، وتقليص مقدار العجز، وبالتالي تقليص مدى اللجوء إلى مصادر التمويل الاستثنائية ، وهي الآن باتت على وشك أن تصل إلى نتائج نهائية على غاية من الأهمية يمكن البناء عليها عن طريق تصويب المسار التعاقدي بين الدولة والجهات الخاصة، خاصةً وأننا على أعتاب الدخول في مضمار العمل بموجب قانون التشاركية.

[7] إن تنفيذ الدولة هذه السياسة الصادمة هو مدخل أساس لـ: محاصرة تجار الحروب وضعاف النفوس وبعض القوى الفاسدة داخل نسيج الدولة الناطق والصامت، القديم والحديث هذا من جانب، واستعادة هيبة الدولة التي تأثرت بالحرب والعقوبات، والتي ظن البعض أنها أصبحت خبراً من الماضي من جانب آخر

[8] لأن انخفاض مستوى الأسعار سيساعد في زيادة كمية السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها من حجم الدخل المتاح نفسه.

مداد – مركز دمشق للدراسات والأبحاث 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك