حـكومـة تـصـريـف الأهـوال ..
midline-news .. الوسط ..
خاص ..
ماحدا بيعرف شي” .. لعلها العبارة التي تطوف اليوم في “كاريدورات” الحديث عن الأسماء المرتقبة للوزراء في حكومة السيد حسين عرنوس .. وهي سابقة لافته في الأجواء الاعتيادية لما قبل تشكيل الحكومات ..
الرائج عادة الترويج للوائح وزارية ترشح بعض الشخصيات في مفاصل الدولة للحقائب الحكومية لسبب او لآخر، ولكن أبرز الأسباب يكون عادة ملائمة شخصية ما لكرسي الوزارة ونضجها المهني وتماهيها مع عدة اعتبارات وعوامل اخرى ترجح دخولها الى مجلس الوزراء، وبالعامية يقولون (الكرسي عم تناديه )..
لكن ماذا يحصل اليوم ؟، ولماذا غابت حتى التوقعات عن مشهد تشكيل الحكومة الجديدة !؟، هل فقدنا القدرة أم الرغبة اساسا في توقع تشكيل وزارة !؟.
قد تلعب المساحة الزمنية بين تكليف السيد حسين عرنوس لرئاسة الحكومة وتشكيله لها دوراً لابأس به في غياب التوقعات الحماسية خاصة انها مساحة زمنية ليست كبيرة لإجراء الاستشارات التي يقوم بها عادة رئيس الحكومة اثناء اختياره أسماء حكومته، ولكنها ليست العامل الوحيد في اختفاء هذه الظاهرة التمهيدية لولادة حكومة جديدة .
ربما يكون الكثيرون منا قد فقدوا الأمل وليس القدرة على التوقع بأن القادم الوزاري سيغير شيئا في الواقع الاقتصادي الصعب، والذي هو في جوهره حرب اقتصادية على سورية بأدوات الخارج والداخل، ووسط حروب اقتصادية على الدول الجارة والمنطقة بأكملها، مايعني ان المنافذ والبدائل والحلول ضيقة الى درجة لم يشهدها التاريخ السوري المعاصر .. ناهيك عن اقتران هذه الظروف بالحرب الإرهابية والاحتلال الأميركي والتركي للاراضي السورية وانعكاساته المباشرة التي باتت تقطع حتى مياه الشرب على السوريين ..
في ظل هذا كله، لاتبدو شهية المواطن السوري مفتوحة للتفاؤل بحكومة قادرة أن “تُخرِج الزير من البير” كما يقولون، وتبدل الواقع ولو جزئياً، خاصة أن دخان المعارك الذي بدأ يتبدد، يُظهِرُ مشهداً أكثر قسوة من الإرهاب، يتمثل بالفساد والترهل الإداري والاستهتار بوضع المواطن الذي صمد كثيراً، وكثيراً جداً، وبات اليوم في آخر صبره ..
ثمة من يرى أن الإنجاز السياسي والعسكري الذي حققته القيادة السورية يفوق بدرجات قدرة الحكومات السابقة على إدارة الوضع الداخلي .. لدرجة ان مافقدته مؤسسات الدولة من جراء الفساد والإهمال والترهل الاداري يفوق ماتعرضت له من اعتداءات إرهابية، لذلك كان مصطلح دواعش الداخل رائجاً ومرعباً للحكومات السابقة، لدرجة دفعت رئيس الحكومة السابق عماد خميس الى تحريم هذا المصطلح على الإعلام، واتهام بعض مُعدي البرامج السياسية بالاشتراك بالمؤامرة الكونية في حال التطرق إلى الوضع الداخلي …
خميس قالها أمام الصحفيين ذات يوم، ماذا تستفيدون من “نشر الغسيل الحكومي على الفضائيات” !؟، بل واتهم الإعلام في أخر أيامه كرئيس مجلس وزراء بالتقصير بإظهار مفاتن ومحاسن الحكومة .. رغم أنه من أعمالهم تعرفونهم !،
أي .. عندما تكون الاجراءات الحكومية ملموسة على أرض الواقع فذلك كفيل بأن يشعر بها المواطن (الحلو مابيخبي حاله) .. ولايصلح الإعلام ما أفسده الزمن الوزاري لحكومة أو إحدى وزاراتها ..
لذلك، ولكثير من الأسباب الأخرى، لم تعد التوقعات بأسماء الحكومة الجديدة رائجه ولا حتى مرتقبة، والجملة الشعبية في الشارع السوري (كله متل بعضه .. بيجي بعبي الجيبة وبيروح) ..حتى المنافسة على كرسي الوزارة بين المرشحين ربما فقدت حماسها ذالك ان الحكومة القادمة هي حكومة تصريف أهوال بامتياز ..
فهي ستُدير مرحلة مابعد الجزء الأكبر من انزياح الحرب الإرهابية وركامها وتراكماتها، وبداية حرب اقتصادية شرسة على سورية، وما بين الحربين فجوة الفساد الكبرى في مؤسسات الدولة وقطاعاتها والتي ابتلعت المواطن السوري حتى حلمة أذنه ..
فنيران الأسعار التي اندلعت في طريق تأمين مستلزمات المواطنين من رغيف الخبز حتى المسكن ربما كانت توازي نيران الحرب التي انتصر عليها السوريون، لكن الجوع (كافر)، والعوز اشد حدة من سيوف الإرهاب لأنه يطعن المواطن ويقتله مرتين .. مرة من معدته ومرة من كرامته ..
نحن نعترف أن الحكومة القادمة قد تكون الحكومة الأسوأ حظاً في تاريخ الحكومات السورية تبعاً للظرف الاقتصادي الاستثنائي للبلاد، وهي ستحمل وِزرَ تقصير من سبقها، وعليها تقع مسؤولية إنقاذ ماتبقى بعد الحرب من الوضع الداخلي واعادة تقويته والتأسيس عليه من جديد وبتجدد ..
عمر الحكومة القادمة الزمني قصير جداً، خاصة ان موعد الاستحقاق الدستوري للانتخابات الرئاسية لن يعطيها الكثير من الوقت، وقد تكون هذه السنة تحضيرية لبقاء أو رحيل وزراء .. لذلك نتمنى ان تفاجئنا حكومة عرنوس بما لا نتوقعه، خاصة اننا لم ندخلها في دائرة التوقعات، وعلينا أن نتفائل بها كما نتفائل في بهجة رأس السنة الجديدة، على الأقل في الساعات الأولى، وحسب المثل الشعبي أيضا (ليس عرس أرملة) ..
وللمصادفة هي حكومة 2020 .. هذه السنة التي حتى المنجمون قطَّبوا حواجبهم من هول مصائبها ..
نتمنى أن تكون حكومة “تصريف الأهوال” على الأقل ..