حـرائـق سـوريـا بين غضب الطبيعة وغضب الإنسان .. مازن عجيب ..
من يطفىء اللظى في القلوب !؟..
|| Midline-news || – الوسط ..
عندما يجتمع الوجع مع النار تصبح باقي الاشياء بحكم الثانوية .
عشرات الآلاف من الهكتارات التي تحمل فوق أديمها الجمال والخير بكل تلاوينه و محتواه تلاشت تحت وطأة سعير الشر اخذت معها الحلم واطبقت على ماتبقى من خيوط أمل .
لم يعد ثمة فرق بين احتمالية افتعالها او حدوثها بفعل الظروف الجوية والخطأ البشري فما حدث قد حدث والوجع الحقيقي يكمن في الفشل الذريع في قدرتنا على احتوائها و مواجهة تداعياتها , ولم يعد مجديا كل تحليل او استنتاج فقد بات كل ذلك قزما اما ما ينساب على شفاه القرويين من قصص مؤثرة اولئك الذين خسروا تاريخهم و ذكرياتهم و احلامهم و اصبح التعاطف خجلا امام تلك الدموع الهاميات من مقل الثكالى و المختنقات في محاجر الرجال , بات مرعبا ذلك الشرر المتطاير من اكواز الصنوبر حاملا معه الموت بابشع صوره و كاننا في مشهد هوليودي يحاول تصوير الجحيم بنوعية عالية الدقة لكنها هذه المرة كانت الحقيقة .
كان العري هذه المرة مقززا و لم يكن يحمل معه اي شغف او يحرك بعض غريزة كان المشهد بشعا بكل ما للكلمة من معنى وأي بشاعة اصعب من مشهد الأرض البكر و هي تتعرى عنوة و كأنها تحضر لوليمة اغتصاب جماعي في حضرة عشاق عاجزون عن منع الجريمة فأدواتهم لم تك تقوى على مواجهة مايحدث لدرجة بدا فيها غضب الطبيعة و عنصر النار و كأنهم في صف المغتصبون الاشرار , كما كان العري الاخلاقي يعبر عن قبحه بصور أخرى لن يجدي معه اي تفسير او تصوير .
وصلت النيران هذه المرة الى مشارف القرى و دخلت بعض بيوتها من دونما استئذان و أخذت بطريقها تعب سنين طوال من غير رحمة او شفقة لم تك النار و هي تلتهم بطريقها كل ما يواجهها تمتلك ادنى تفكير انها تقضي على اخر ما تبقى من احلام اولئك الناس و لم يك يشغلها ان ثمة حكايات و امال و احلام كانت مرسومة على اغصان زيتون التهمتها بلا رحمة او على جذع شجرة تفاح حولتها الى رماد .
ان الانسانية اليوم تسقط في امتحان مفصلي في ظل استغراب و استهجان من اولئك الناس الذين يدفعون فواتير باهظة لم يكن لهم فيها لا ناقة ولا جمل ثمة الاف من الاسئلة تتطاير مع لهيب تلك النيران، ما سر هذه الصمت من الجميع !؟، هل تلاشت الانسانية أيضاً !؟، أين هم مدعوا الانسانية و التعاطف و التعاضد !؟، أين هم الاشقاء !؟، أين هم الأصدقاء !؟، أين هم ممثلوا المجتمع المدني !؟، حتى في آتون الحروب ثمة هدن انسانية ومنظمات دولية ومساعدات لمواجهة هكذا كوارث، ما هو الذنب الذي ارتكبه الشعب ليدفع هذا الثمن !؟، أسئلة كثيرة برسم الإنسانية جمعاء .
ستنتهي هذه الكارثة، وسنقوم من جديد، ولأن هذه الارض ولّادة للرجال، ولّادة للإنسان المُحب للإنسان، الذي يحمل بين جوانحه كل قيم الخير و الجمال و النزاهة و الإنسانية، و سنزرع من جديد، وسنحصد الخير والأمل لان هذه الارض وساكنوها، على اختلاف مذاهبهم و تلاوينهم، هم أبناء سوريا العظيمة التي عجزت امبراطوريات الأرض عن محوها .
ستنطفىء النيران في الشجر .. لكن من يطفىء اللظى في القلوب .