“ترجمة الواقع وتحرير المعنى”.. بقلم: د.سامي محمود إبراهيم
|| Midline-news || – الوسط …
.
حين أتت السبع العجاف على سنابل حقل الروح، تسلل غول الجدب الضمير، من موسيقى الأسئلة الموؤدة والأمل المصلوب.
هكذا تبدو الإنسانية حين تفخر طينها نار الحروب. نشد وثاق الحروف ونبحث عن الحاء، وعلى شاطيء الليل تبكي الألف حزن الضياع. فلأبجديتنا المشتتة أحاول أن أرسم لغة واحدة فتخونني الكلمات…
أضرم الجمر بأهداب الحروف، أجمع ما تناثر بذات المشجب الذي فرقنا يوما ورحل. قصائدنا ما تزال مخضبة بالتمرد، تفرض الجزية على الكلمات، تردد أغاني الموت لتنتفي الحياة. فمنذ باديتنا الأولى أدّمنا الرحيل لنترجم ما في الرمل من أحزان، ونعقر للأمنيات الشجون… نجفف أحزاننا الماضية في شتاء دامع عند ساحل اللقاء.
فاستوقفنا الدهر طويلا ثم قال: حدثوني عن نشاتكم الأولى.
لكننا قبل أن نجيب، شكا الدهر مرارة الانتظار.
هذا هو سؤال الزمن…
سؤال تأملي مثير يفتح حوارات وقناعات تقلب ما ألفناه، وتدعونا للنظر في لون الحقيقة تلك التي يغيب فيها كل لون، حتى البياض لون التصالح مع الزمن، ذلك البحر الذي نقطعه ونحن نحمل أعباء حريتنا على أكتافنا. نلجم جواد أمواجه الجموحة لنكتب سطورنا على صفحاته في كتاب الزمن، كتاب من؟ ومتى القلب في خفقانه أطمان؟
كيف يمكن لبياض قلب الحقيقة أن تقدم نفسها للعالم دون إخضاع لعملية تجميل قسرية في صالات تشريح النص واستئصال المعنى بأيدي أمهر لاعبي التفكيك العالمي المعاصر بهدف تقويض نماذج الحضور التي تستند إليها الحضارة الإسلامية بما يسمح بظهور بدائل حضارية وإزاحة النص الديني للانخراط في عوالم المعاني المتخيلة والهوامش المربكة في عقلية الإنسان الغربي؟
يصطادون سمكنا على حافة ما كان نهرا وجف! وها أنا قد نقلت مخططا حقيقيا: وناقل الكفر ليس بكافر..
هكذا يبدو العالم وكأنه صراع بين نجدين بين ضدين. فمتى يأتي اليوم الذي تتوحد فيه وجوهنا شطر أنفسنا؟ فلا صفاء والقلب أسود لا يرى غير الرفض والنكران. لون رفض الحياة، وفي المقابل التميمة ضد الزمن. ضد من؟
ومتى القلب مع العقل اتزن؟!
أوصلنا منطق الفوضى الأمريكية إلى مرحلة المابعديات التي عكست جليا أسوأ المراحل التي مرت بها البشرية وهي تجوب الفضاء الخارجي عبر الكبسولة الكونية العجيبة وهي تبحث عن جزيرة الأمل الرافضة لشتى أشكال وصور الفوضى والعدم! فيا لعزاءنا هذا من عزاء!
يتحدثون عن الصدفة وما يهلكهم إلا الدهر ونحن نتحدث عن الواحد الذي وحد الممكنات، فنقول:
الممكنات المتقابلات… وجودنا والعدم والصفات
أزمنة أمكنة جهات… كذا المقادير روي الثقات
ختاماً: اختلفت الحرية مع القدر في كون الإنسان مسيّراً أم مخيّراً! فالحرية تقول إنه مخير، والقدر يصر على أنه مسير، وبعد جدال طويل احتكما إلى العدل الذي حكم ببراءة القدر وعاقب الحرية بنفيها من دائرة الخدمة والشؤون الإنسانية، قائلا لها: كلنا يعرف أن الإنسان مخير لكني أعاقبك لأنك جادلت القدر، فذلك ميزان الوجود دقيق.
.