انتخابات تونس الرئاسية:باب مفتوح للمفاجآت
|| Midline-news || – الوسط …
وسط أجواء ضبابيه تشهد تونس تنافُساً محموماً بين المترشحين للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، الذين يحدوهم الأمل ليخلفوا الباجي قائد السبسي على رأس الدولة التي التي تكاد تكون الوحيدة التي خرجت بأقل الخسائر من ما يسمى “الربيع العربي”.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي الهيئة المشرفة على تنظيم العمليات الانتخابية في تونس منذ سنة 2011، عن القائمة النهائية للمترشحين للرئاسية، والتي تضم 26 مترشحاً يمثل أكثر من نصفهم أحزابهم السياسية، فيما تَقدَّم الآخرون بصفة مستقلين.
ونزلت الأحزاب السياسية الكبرى بكل ثقلها لهذا السباق، إذ تتضمن قائمة المترشحين رئيساً سابقاً هو المنصف المرزوقي، ورؤساء حكومات سابقين، على غرار حمادي الجبالي ومهدي جمعة ويوسف الشاهد، ووزراء سابقين، مثل عَبد الكريم الزبيدي وسعيد العايدي وإلياس الفخفاخ ومحمد عبو، ورئيس البرلمان بالنيابة عبد الفتاح مورو، الذين تُظهِر استطلاعات رأي غير رسميَّة أنهم الأوفر حظّاً للمنافسة على المنصب الذي جرده الدستور الأخير من معظم الصلاحيات وحصر دوره في العلاقات الخارجية والأمن القومي.
وحسب الدستور التونسي، يتولى الرئيس “تمثيل الدولة وضبط السياسات العامَّة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة”، إضافة إلى جملة من الصلاحيات التي قد لا يحتاج إلى ممارستها طوال مدته النيابية مثل “إعلان الحرب وإبرام السلم وحل مجلس نواب الشعب”.
لكن عدداً من المتابعين يعتبرون أن هذه الانتخابات قد تشهد مفاجآت مدوّية لأن معظم هذه الشخصيات لم يسجّل نجاحات تُذكر لدى تقلُّدها مناصبها السابقة، وهو ما قد يفسح المجال أمام بروز شخصيات أخرى قد تنال ثقة التونسيين إذا نجحت في صياغة خطاب أكثر إقناعاً.
ولا يبدو الطريق نحو ” قصر قرطاج” (مقر إقامة الرئيس التونسي) مفروشاً بالورود أمام أي من المترشحين الستة والعشرين، في ظل وجود أبرز الأسماء التي تصدرت المشهد السياسي خلال هذا العقد
ويحفل مشهد الانتخابات الرئاسية بعدد من الظواهر التي لم يعهدها التونسيون، فهناك مرشح في السجن متهم “بغسل الأموال والتهرب من الضرائب” فيما تدير زوجته حملته الانتخابية، وهناك 26 شخصاً قبل ترشحهم للانتخابات وهو رقم كبير للغاية لم يعتده الناخب، ما يجعل التونسيون لا يملكون فكرة عمن سيكون الرئيس الأمر الذي يفتح الباب أمام الكثير من الاحتمالات والمفاجآت غير المتوقعة.
ومع فتح باب الترشح للانتخابات، ظهرت على الساحة السياسية التونسية عدة شخصيات أثارت الكثير من الجدل. إحدى هذه الشخصيات هو نبيل القروي إمبراطور الإعلام ومالك قناة نسمة الفضائية والمسجون منذ 12 يوماً على ذمة التحقيقات في قضايا غسيل أموال وتهرب ضريبي، والذي رفضت محكمة استئناف تونسية الإفراج عنه مؤخراً، وسط تشكيك من مناصريه بأن توقيف الرجل شابه الكثير من الاختلالات، وأن الأمر مقصود نظراً لتصدره استطلاعات الرأي قبل القبض عليه.
ومن تلك الشخصيات أيضاً عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر والتي يعتبرها البعض أحد وجوه نظام بن علي. موسى تلقت مؤخراً تهديدات بالاغتيال، ما جعل الداخلية التونسية توصيها بتغيير محل سكنها بصفة دائمة. وعبير هي أحد أشد خصوم حركة النهضة وقد تعهدت مراراً وتكراراً بأنها حال فوزها، فإنها لن تقدم مطلقاً على التعاون أو العمل مع الحزب.
وواصل التلفزيون التونسى،لثلاثة أيام على التوالي، بث المناظرات التلفزيونية للمرشحين فى الانتخابات الرئاسية،تم توزيع المرشحين على ثلاث أمسيات، كان أولها السبت وشارك فيها ثمانية منهم. وشارك في مناظرة الأحد تسعة مرشحين، وشارك الاثنين ثمانية آخرون.
وكان هناك كرسي فارغ لرجل الأعمال المثير للجدل نبيل القروي، المرشح الذي أودع السجن بتهم غسل الأموال. وجاء في تغريدة على الصفحة الرسمية للقروي تعليقاً على غيابه “حرموني هذه الليلة من حقي الدستوري للتعبير أمام الشعب التونسي. ويجرؤون على الحديث عن انتخابات شفافة وديمقراطية في غياب مبدأ أساسي وهو التساوي في الحظوظ”.
ويرى محللون أن تونس أمام عرض انتخابي متضخم، فقد تقدم مئة مترشح حضر أحدهم يحملة (قٌفة) بها مبلغ التأمين المطلوب للتقدم للترشح، بل إن كثيرين منهم لم تتوفر فيهم المواصفات المطلوبة لشخص رئيس الجمهورية وامتلأ المشهد بحالات سيريالية”.
ويعتقدون أن ما حدث “لم يكن عفوياً أبداً وإنما يقف خلفه من يريد أن يحدث حالة من التعمية أو الفوضى في المشهد التونسي، ما يجعل الناخب التونسي يرى مشهداً مليئاً بالفوضى، فيحجم عن المشاركة وهنا سيشارك في التصويت فقط أعضاء الأحزاب الكبرى، وبالتالي تتم إعادة إنتاج المشهد السياسي نفسه”.
ويشيرون إلى أن “الـ 26 شخص الذين تمت الموافقة على ترشحهم سيكون بينهم مرشحون جادون وهناك أيضا ترشحات غير جدية”.
إضافة إلى عدد لا بأس به من المرشحين الرئاسيين يحملون جنسية دول أخرى، مؤكدين على أن “هذه مسالة في غاية الأهمية ولها تداعيات كبيرة على مجمل مستقبل العملية السياسية في تونس”.
وكانت وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في 25 تموز/ يوليو عن سن 92 عاما قبل وقت قصير من انتهاء عهده، قد دفعت إلى إعلان انتخابات رئاسية مبكرة كان يفترض أن تجري في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد الانتخابات النيابية المحددة في تشرين الأول/أكتوبر. وقد تم تسجيل أكثر من سبعة ملايين ناخب ستتم دعوتهم إلى الاقتراع يوم 15 أيلول/سبتمبر، وذلك بعد نسبة عزوف انتخابي لافتة في الانتخابات البلدية عام 2018، خاصة فئة الشباب.
-الاعداد:شهناز بيشاني