الزهرة تتصل بالمريخ! .. أحمد علي هلال
|| Midline-news || – الوسط …
.
مهلاً.. ليس عنواناً لرواية محتملة تستلهم من الخيال العلمي حكاياتها، بل محاكاة للعناوين الشائعة لكتب الأبراج والحظ والتنجيم والتبصير، التبصير بالكلمات ليس بأحجار النسوة اللات يفترشن الحدائق العامة في محاولة لتجميل حيوات من يقع في «أفخاخهن».
إذ ليست المشكلة في التبصير ذاته، بقدر ما نذهب إلى الطرائق الغريبة في القراءات التي يقوم بها أشخاص هم لا يعلمون عن أحوالهم شيئاً فكيف بهم أن يعرفوا أحوال الآخرين وتقلبات أحوالهم من المال إلى الحب إلى الزواج وهكذا…
فلنتخيل كيف يدخل التنجيم مساحات الأدب الرقمي، ليقوم المنجمون هنا ومن شاكلهم، بخلفيات بصرية يُستثمر فيها الخيال كي يتمكن ذوي الاحتياجات العاطفية على سبيل المثال من رؤية غدهم، ولا بأس بشيء من الرقص والغناء واختراع شاشات عملاقة تُطَوَّع فيها الصورة للعين وللحواس، ومازلنا نحن أسرى متخيلنا أكثر مما نحن أسرى واقع بعينه نحاول أن نتطير منه، أي من أحماله وأثقاله التي تنوء بها الجبال.
رب قائل يقول: دع الخلق للخالق، ودع الخيال يواسي فجوات الواقع، فالناس في أشد الظمأ ليعرفوا ماذا سيحدث غداً، على الرغم من كثرة الأخبار العاجلة في العالم، فهل التنجيم حاجة عاطفية أكثر منها علم وخوارزميات ولوغاريتمات وحسابات معقدة لا تبدأ من النقطة والدائرة فحسب، بل تتعداهما إلى تدوير الزوايا –بلغة السياسة- وتسخير الجان إن لزم الأمر، واستعارة خاتم سليمان إذا أمكن، فقد أصبح مصباح –علاء الدين- شاقاً للكثيرين الذين يحاولون توسله مما يقرأون ويسمعون ويشاهدون، وعلى التلفزة العربية أن تكثر من قراء الحظ الحفارون في جداريات الأيام، وأن تطمأن أولئك المساكين بعيداً عن -كتاب «المساكين» لمصطفى صادق الرافعي- إذن ليس شأننا فيمن يأتي من الزهرة ويذهب إلى المريخ أو العكس تماماً، فمازلنا على الأرض رغم أن أحلامنا قد تُطاول عنان السماء، وليت الأمر يقف عند حدود ضروب العصف العاطفي والاجتماعي وضراوات التخييل، وردم الهوة النفسية عند من يتلقون أخبار التنجيم وأبراج الحظ الضاحكة أبداً، اللافت في زمننا هذا أن يصبح التنجيم السياسي هو الذي يتوسل قراءة المصائر وتفسير الحوادث الكبرى والصغرى، على نحو لا يختلف كثيراً عن قراء الحظ الظرفاء، فبعض من يذهب في هذا الاتجاه سيظهر وكأنه يستقرئ الأحداث كلها وبعد آخر كلمة يقولها سيذهب العالم إلى النوم مطمئناً وبأحلام مورقة، ماخلا أولئك الذين يجتهدون بالاحتمالات ويكثرون من قد وربما ولعل، وهذه ليست دلالات نحوية بقدر ما هي حصافة يستدرك بها من ذهب في هذا الاتجاه، حكاية الممكنات كما هي في الحظوظ، كممكن كتابتنا هذه من أن تُعجب أو تُقنع أحداً بحوار جاد، وقراءة ما بين السطور قراءة العارفين بعيداً عن حديث الصباح والمساء على الرغم من جمالها!.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سورية
http://تابعونا على صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews