العناوين الرئيسيةمرايا

“سوق الكسالى” بعد الحرب.. مزاحمات على العمل ومضاربات في أجور اليد العاملة

تجهيز الخضراوات تحول من خدمة بريئة غير مأجورة إلى مهنة جريئة عالية التكلفة

…الوسط – midline-new
روعة يونس
.

قبل ثلاثة عقود ونيف، بدأت ظاهرة تجهيز الخضراوات للاستهلاك الفوري والطهي، كفكرة، أو خدمة، قدمها أحد أصحاب محال الخضراوات والفاكهة في حي الشعلان الدمشقي؛ لإحدى زبوناته التي طلبت منه أن يجد لها من يحفر الكوسا والباذنجان الذي اشترته منه. فتدخل اجير “عامل” في المحل وقال: ولا يهمك أهل بيتي يجهزونه لكِ.
كانت تلك الخدمة العفوية البريئة التي لم ينل عليها أجراً! شرارة أطلقت السوق الذي يُعرف اليوم باسم سوق التنابل، أو الكسالى. وتحولت إلى مهنة.
وهو سوق بيع خضراوات وفاكهة، يجد المستهلك فيه كل أنواعها الجاهزة للطهي الفوري مثل (جميع أنواع المونة من بازلاء وفول وفاصولياء وبامية مقمعة وذرة وجزر، والكوسا والباذنجان المحفورة، والبقدونس والسبانخ والملوخية المفرومة، والثوم المقشر، وورق العنب المكدس والزيتون المكلس…) إلخ
.

“قبل وبعد الحرب”
في بادئ الأمر قد يظن القارئ أن النساء من البيئة الثرية والميسورة وجدت في السوق ضالتها، لكن أبوسعيد (صاحب محل خضراوات في السوق) أخبرنا قائلاً:
كانت النسوة من الطبقة الارستقراطية أو الغنية يلجئن إلى مدبرات منازلهن أو الطهاة لتحضير خضراوات الغداء. لذا كان السوق في بداياته ملاذ النسوة لعاملات كالطبيبات والموظفات والمعلمات اللواتي لا تملكن الوقت الكافي لتحضير وجبات الطعام لعائلاتهن، فكن يطلبن منا تجهيزها بعد أن لاحظن وجود بعض الخضراوات الجاهزة، التي كانت -بصراحة- زوجاتنا وأخواتنا ينجزنها لتسهيل أمور الزبونات. سرعان ما نقل أصحاب المحال المجاورة الفكرة، لتنتشر وتصبح مهنة تعتاش منها الكثير من سيدات العائلات المستورة. يضيف أبوسعيد: بعد الحرب اختلفت الحال! وأيضاً المهنة باتت مكلفة جداً.

استلم الحديث عنه محمد السيد (بائع في السوق)، وقال:
خلال الحرب، بات تجهيز الخضراوات من حفر وقطف وتقميع وفرم….إلخ مهنة تعتاش منها العائلات المنكوبة التي لا تحمل النساء فيها شهادات تؤهلهن للعمل في المؤسسات الرسمية أو الخاصة. تحديداً العائلات التي فقدت في الحرب الأزواج والآباء الذين كانت رواتبهم ومداخيلهم العائل للأسرة. وبات أصحاب المحال بفضلون التعامل معهن كونهن الأكثر حاجة للعمل والمال لتغطية مصاريفهن”.
.

.
“لئلا يستمر الظلم”
من جهتها تلقفت الشابة فوزية (متعهدة عمل) طرف الحديث، وكشف سرّاً، لم يفضّل (المعلم) صاحب المحل، أن تتطرق إليه، إذ قالت:
يفضلون التعامل معنا، ليس رأفة بأوضاعنا كوننا أيتام أو أرامل! نحن ننجز عملاً كثيراً مقابل عائد مالي بسيط، فالمبلغ الذي كانت تتقاضاه النسوة قبل الحرب، هو نفسه الذي نتقاضاه الآن! هل يعقل هذا؟! الأسوأ من ذلك أن هناك بيننا نساء يزاحمننا على العمل ويعرضن على أصحاب المحال أجوراً أقل “دود الخل منه وفيه يا مدام” وذلك كي يأخذن الخضراوات ويجهزنها ويستولين على عمل باقي العاملات! لهذا صرت متعهدة بأمر من الأهالي كوني “أفك الحرف” أقرأ وأكتب، كي أقوم بمهمة الاستلام والتسليم. وقاطعنا باقي النسوة اللواتي يضاربن علينا وعلى الأرامل المسكينات، ومنعناهن من دخول السوق، وصرت أنا المسؤولة عن تسليمهن الخضراوات والعائد المالي لئلا يستمر الظلم وتستفحل المضاربات”!

أما السيدة رغداء أم ياسر (زبونة في السوق) فقالت:
“البضائع هنا نظيفة ومرتبة، ونشتريها باستمرار لأننا نثق بنظافتها وحسن إنجازها، وكذلك سرعة تسليمها لنا. لكن إن رغبتِ بشراء 5 كيلو كوسا، ليتم حفرهم خلال نصف ساعة أمام عينيك، وبسعر أقل من المحال، عليكِ الذهاب مقابل الجامع، حيث تفترش بعض النسوة الأرض بكل جرأة ودون شعور بالخجل من المارة؛ وتحفرن الكوسا وتقمعن البامية. لكن المشكلة أن “البلدية” تطاردهن. كما أنهن يرفضن المجيء إلى البيوت لتجهيز الخضراوات داخلها. وثمة نسوة يسكن في “حوش” بمنطقة الصالحية قريب من السوق يقمن بهذا العمل لصالح أصحاب المحال في السوق”.
.

.
(أرقام في السوق)

1-يبلغ عدد محال الخضراوات في السوق 9 محال.
2-يمكن أن يصل دخل العاملة الواحدة يومياً نحو 10 آلاف ليرة سورية.
3-هناك نحو 100 سيدة تعمل بشكل يومي في تجهيز مئات الكيلو غرامات من الخضراوات ورب البندورة والفليفلة.
4-يوجد أكثر من 20 عائلة تعمل يومياً فقط في تنظيف الحشائش الخضراء.
5-هناك فقط 10 رجال (سائقون) يعملون في هذه المهنة، ويقتصر عملهم على استلام وتسليم الخضراوات والرواتب.
6- تندرج العاملات ضمن الفئات العمرية 15 إلى 60 سنة. ومعظمهن (أرامل وأيتام).
7-تتعامل مع السوق نحو 150 عاملة، الغالبية من درعا وريف دمشق وريف المنطقة الشمالية الشرقية.
8-تختلف قيمة اليد العاملة بين تجهيز الحشائش أو الخضراوات. لكنها تتراوح من 100 إلى 500 ليرة عن كل صنف.
9-ثمن تنظيف وفرم (البقدونس والنعناع والملوخية والسبانخ والسلق) يبلغ 200 ليرة للكيلو غرام الواحد.
10-ثمن حفر الكوسا ومثله الباذنجان والقرع. وكذلك تقميع البامية. ولف ورق العنب. وتنظيف البازيلاء والفول والثوم والأرضي شوكي؛ يبلغ 500 ليرة للكيلو غرام الواحد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك