إضاءاتالعناوين الرئيسية

الحكواتي الأخير .. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …

 

«تعريب الغرب أم تغريب العرب»؟!
مازالت سمتنا نحن العرب من نقلد غيرنا، ولعل ابن خلدون في مقدمته التاريخية من قال بتقليد المغلوب للغالب في مسكنه وملبسه وسلاحه، ولو كان ابن خلدون حياً هذه الأيام لقال وفي الفيسبوك أيضاً، وهكذا تقحمتنا «الحداثة» بكل أدواتها لنجد صورتنا عبر آخر وصرنا معه افتراضيين بما يكفي، وهكذا تبددت عبر الأثير كلماتنا وكل ذلك بفضل الحكواتي الآخير وقد كان هذا في زمن التلفزيون، فهل ضيعنا حكواتينا من كان يجلس في المقهى ويتفرد بالحكايات، يستلها من متون التاريخ ليبهج مستمعيه وتستعر المشاعر وتلتهب الأيدي بالتصفيق إثر بطولة استثنائية لمن كان يقص سيرتهم ويضيف عليها الكثير من انفعالاته، ويخرج الجميع فرحين بنشوة لا تتكرر، لقد ذهبوا في رحلة قصيرة إلى الماضي عبر حكاية زاخرة بالحماسة والإعجاب ملونة بتفاصيل البطولات وفرادة الشخصيات الأقرب إلى الأساطير منها إلى الواقع، كأنها لم تذهب في ماض غابر، كأنها تولد الآن من جديد، فهل ضيعنا ذلك الحكواتي التليد وسعينا لاستحضاره كيفما اتفق وفي مقاه على عجل وقتها تختزل الحكاية فتستعير من لحظتنا ما يشي بأنها –حكاية أولئك العظام- مازالت مستمرة؟.

وارتضينا من الحكواتي بحكّاء عابر يختزل الوقت والكلام والانفعال ليمضي إلى شأنه راضياً وينفض الجمع الغفير كأن شيئاً لم يكن وكأن الفاصل المقصود هو مجرد وسيلة تكسب لا غير، أشبه بوظيفة لعاطل عن عمل بعينه!.

وأصبح لكل منا حكاءه الخاص لا سيما في يومياتنا الحاضرة المنفلتة من الجحيم، ولكل فصله ومرآته وطريقته في سرد ما نعرف، بقصد الخيال أو الواقع أو كليهما معاً، المفارقة التي لم تجد نقيضها هي أن الغرب يبحث عن حكواتي، وبعض الإبداع أصبح خلفه، ليذهب إلى الفيزياء والرياضيات إلى ما بعد العلوم، والحكواتي الذي يبحث عنه الغرب، هو بِرَهنِ هاتف من يطلبه لقاء دقائق يروي بها ذلك الحكواتي قصة معينة مقابل بضعة دولارات، وبعض الغرب عاد للكهوف والأكواخ هرباً من مدينة لا تشبه إلا ذاتها، ومازلنا في الشرق نخطب كخطبة «قيس بن ساعدة» ونلتحف حكائنا «التلفزيون» ذلك الحكواتي الخطير والذي لم يبق قيد انملة لفكرة إلا وبثها، والقليل النادر من هجره وهجر حكاياته المضجرة، المضرجة أخبارها بالدم وبالقلق وبالخوف، فهل هجرنا حكواتينا أم هجرناه ليصبح هو نحن، ولكل حكايته وبطولاته على امتداد نهاره الطويل وفواصله المترعة بالخوف من المجهول، فقد أصبح المجهول طليقاً وانداحت طرافة الحكايات، إلى عرائها وانكشافها.

والحكواتي هذه المرة هو الواقع ذاته، ونحن من يصغي لحكاياته دون مقاطعته ودون تلويح الأيادي، ورغرغة الدموع، هو فقط من ينفعل ويستمر أمامنا نحن الافتراضيين حتى في انفعالاتنا وأشكال استجابتنا لذرا الحكاية، الواحدة المتعددة فصولها، ويبقى للتخييل حصته تُبعاً لدراما الحالة، دراما النهايات التي تبتدئ ولا تنتهي.

ذات حكاية فرت من خيال مؤلفها، ومشت حافية الروح على بلور دهشتها، وتحت ظل وقتها نثرت كل حقائبها، طارت أوراقها، ارتقت علواً في إثر خطا القمر عله يصغي لها ويلتفت قلبه من علٍ بليغٍ إلى أرض الحكايات، أرض الكلمات التي يكتبها الجوعى واللائذون بظلالهم إثر طيش حكايات أخرى طارئة لم يألفوها، فهم من بحثوا عن أكثر «من ميناء سلام» لأغانيهم الصامتة العالية الأنين، ولشجوهم الفادح في نهارات تركض مسرعة إلى لا مستحيلها، ذات حكاية ظلت وحيدة مبرأة من قلقها ومن شوك نهارها، لتستدير صوب القلوب المتعبة تلقمها بالمعنى الأثير: لا تحزموا حقائبكم سوف يشق غباركم فرسان آخرون تعب تعبهم ولن يطول طريقهم ليصلوا في رابعة الكلام، والحلم، ذات حكاية ظلت وحيدة السرد، لكنها جمع كثيف حسبها أنها تروي وحسب من يصغي إليها أن يعيد رويها ليظل في مبتدأها من يلهمها أنينه، لا بطولة نهائية للأمل، هو البطولة فحسب.

 

*كاتب وناقد فلسطيني- سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك