إضاءاتالعناوين الرئيسية

اغتصاب وافتراء.. بسام العطري

|| Midline-news || – الوسط …

.

 

في كثير من الأحيان عند حدوث الخلافات واستفحالها ووصولها إلى ساحات القضاء، يلجأ بعض المتخاصمين إلى إقامة دعاوى جزائية يختلقون وقائعها وتفاصيلها وقصصها من نسج خيالهم، أو يقومون بتضخيم تلك الوقائع بحيث تتحول إلى أفعال جرمية يعاقب عليها القانون، وذلك كله بهدف الضغط على خصمهم وابتزازه للحصول على مكاسب غير مشروعة، أو قد تكون مشروعة، لكنهم يلجؤون إلى وسيلة غير مشروعة لا تبررها الغاية، وقد تكون الغاية من هذا التلفيق والاختلاق مجرد الرغبة بالكيد والانتقام من الخصم وذلك عبر زجه بدعاوى جزائية محرجة يصعب تجاوزها والإفلات من فخاخها.

أكثر ما يؤسفني هو ما يقوم به بعض المحامين المحسوبين على المهنة بغير وجه حق من مسايرة الموكل ومحاباته من خلال اقتراحهم عليه تلك السيناريوهات البائسة التي أقل ما توصف به أنها مخزية، والمفارقة أنهم من حيث النتيجة يؤذون موكلهم عبر توريطه بتلك الادعاءات الكاذبة التي ستنقلب عليه وبالاً لا فكاك منه في نهاية المطاف عندما يقوم الخصم بملاحقة موكلهم قضائياً بجرم الافتراء واختلاق الجرائم، هذا الجرم الذي نص عليه قانون العقوبات السوري في المواد 392 و 393 و 394.
وجدير بالذكر أن المشرّع اعتبر الافتراء جناية إذا كان الفعل المعزو جناية، وجنحة إذا كان الفعل المعزو جنحة، ولهذا السبب كنتُ دائماً أختلف مع كل موكل يحاول أن يلجأ إلى هذا الأسلوب الملتوي بالضغط على خصمه، وكنتُ أنصح دائما بعدم سلوك هذه الطريق لأنها ستؤذيه بالنتيجة وتدور عليه دوائرها ليقع فريسة ما جنت يداه…
حوالي الساعة الرابعة فجراً في ليلة من ليالي شتاء سنة 2000 تعالى رنين جوالي بإلحاح غريب… جاء صوتها يملؤه الفزع والرعب وهي تقول: آسفة للاتصال في هذا الوقت يا أستاذ، أرجوك أن تنقذني من هذه المصيبة، لقد جاءت الشرطة اليوم ظهراً لتلقي القبض عليّ لأسباب لا أعرفها. أجبتها برحابة صدر: حسناً.. ولكن ما من شيء نفعله الآن… غداً صباحاً.. عفواً، أقصد اليوم صباحاً ممكن أن نتابع الموضوع في قسم الشرطة ونعرف الأسباب.

التقينا صباحاً في المكتب، وانطلقنا بسيارتي إلى قسم الشرطة، وعند وصولنا هناك طلبتُ منها بعد أن توقفتُ بعيداً عن القسم أن تبقى في السيارة ولا تغادرها مهما كانت الأسباب!
دخلتُ إلى قسم الشرطة وقصدتُ على الفور المفرزة المسؤولة عن متابعة الموضوع، وبعد السلام والتحية والتعارف دعاني رئيس المفرزة إلى كأس من الشاي، وبعد ذلك سألته عن المشكلة التي يطلبون موكلتي لأجلها، فأجابني بأنه لا يعرف بالضبط، كل الموضوع أنه ثمَّ مذكرة إحضار صادرة بحقها عن قاضي التحقيق. دوّنتُ على ورقة صغيرة رقم المذكرة وشكرته على تعاونه، وقصدتُ القصر العدلي فوراً للوقوف على حقيقة الموضوع.
لم يكن قاضي التحقيق قد وصل بعد عندما دخلتُ دائرته، فوجدتُ الكاتب يرتب الملفات. ألقيتُ عليه تحية الصباح وسألته عن ملف موكلتي، فعرفه على الفور وأخرجه لي من بين الملفات الموضوعة على مكتب قاضي التحقيق، وقال لي: اطلع عليه يا أستاذ واقرأ بنفسك، لا أكتمك سراً أن الأستاذ مزعوج جداً من الموضوع وينوي توقيف موكلتك عندما تحضر!

تناولتُ الملف وبدأتُ بالاطلاع عليه سريعاً وقراءة الوثائق المهمة منه وتدوين ما يهمني من فقرات تلفت نظري في مجريات وسير ذلك الملف، وعندما اكتملت الصورة تماماً في ذهني أغلقتُ الملف وأعدته للكاتب شاكراً له جزيل الشكر.  اتصلتُ بموكلتي وطلبتُ منها موافاتي على الفور إلى القصر العدلي لأناقش معها موضوع الملف. التقينا في القصر العدلي، فبادرتها قائلاً: ما هذا الذي ورطتِ نفسك به يا سيدتي؟ وكيف تجرؤين على فعل ذلك؟ أجابتني برعيب متناهٍ: ما القضية؟ ماذا هناك؟ أجبتها بعصبية: طبعاً تعرفين (فلان) أليس كذلك؟ أجابت: نعم أعرفه.. هو قريب زوجي وبينهم خلافات إرثية كبيرة تتعلق بوالد زوجته التي هي شقيقة زوجي… قاطعتها: ونتيجة تلك الخلافات قمتِ بالافتراء على الرجل بهذه التهمة الشنيعة؟ أجابت: أية تهمة يا أستاذ؟ أنا لم أفترِ على أحد، ولا علم لي بشيء… قلتُ لها بغضب: كيف ذلك؟ أنتِ ادعيتِ أن الرجل قد دق باب بيتكم وسأل عن زوجك، وعندما أخبرته أنه غير موجود دفعكِ إلى الداخل وهجم عليكِ يريد اغتصابكِ، وقمتِ بتنظيم ضبط شرطة أصولي بذلك لدى قسم الشرطة الذي يقع منزلكم في نطاقه.
اتسعت حدقتا السيدة ذهولاً، وشرعت تحلف الأيمان المعظَّمة أنها لم تفعل شيئاً من هذا!!
تابعتُ حديثي: لقد جاء الرجل بشهود أكدوا وجوده في التاريخ والساعة التي زعمتِ بها وقوع الحادثة في مكان عمله وأنه لم يغادره نهائياً حتى المساء، وبناءً على ذلك قرر القاضي براءته من الفعل المنسوب إليه. ورداً على الفضيحة التي تسببتِ له بها حيث أحضرته الشرطة مخفوراً من مكان عمله إلى قسم الشرطة ومن ثم إلى القصر العدلي وعلى مرأى ومسمع من الناس والجيران بجرم الشروع بالاغتصاب، قام الرجل برفع دعوى افتراء جنائي واختلاق جرائم بحقك، وتبعاً لذلك فقد أصدر قاضي التحقيق أمراً بإحضارك إلى دائرته للتحقيق معك، وسيقوم بتوقيفك وإيداعك في سجن النساء على ذمة القضية المنظورة أمامه.
(يتبع)…

*محام ومستشار قانوني- سوريا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك