هذه الجائزة، تلك الضجة!.. أحمد علي هلال
|| Midline-news || – الوسط …
كعادتنا في انتظار الفائزين بجائزة نوبل نسارع لإسقاط رغباتنا بل ونرتب أسماء من نحبهم أملاً بالظفر بها، ولنستعيد هنا السياق التاريخي لهذه الجائزة سباق الاستحقاقات والأحلام وكسر أفق التوقعات… تحدث ضجة ما سرعان ما تنتهي بإعلان غير اسم، فكيف اذا كان الاسم بمستوى وقيمة شاعر كأدونيس؟ فهل يتنبأ العميان أم المبصرون، في مقابل ما سنتناوله من اسم ليس طازجاً كفاية، بل ستصبح معرفته طازجة هو فوز الشاعرة الأميركية لويز غلوك وفي حقل الآداب وهذا الحقل الذي يشهد احتدامات وسجالات لا تنتهِ، بجائزة ملتسبة أيما التباس بما يعني أن قيمتها المعنوية أيضاً مازالت تشغلنا بصرف النظر عن القيمة المادية الباذخة، لكن ما يجري -وكما يقال- من تحت الطاولة أو فوقها، في الكواليس أو وراء الأكمة، لم يعد خافياً على أحد، بعيداً عن نظرية المؤامرة على الأقل، ذلك لأن الجائزة بحكم قراءة أنساقها وأهدافها ومكوناتها كما بيانات لجنة تحكيمها، تساير دولاً لا أفراداً بمعايير مركبة لا سيما في حقل الآداب الذي يمثل ذروة ما يحلم به كثيرون من المبدعين العرب على وجه الخصوص، لكن السؤال الحقيقي ليس لمن تُمنح نوبل بل لماذا لم تُمنح لمن يُفترض أنهم مثلوا الثقافة الإنسانية وكانوا روافعها الخلاقة؟!
إذ ليس من قبيل الإثارة والتشويق أن يُدفع اسم للتداول كل عام، ثم يُرفع الستار لتظهر أسماء قلما يعرفها العرب، ونادراً ما عثروا عليها ترجمةً أو تعريباً، وبصرف النظر مرة أخرى عما تُنجز هذه الأسماء من إبداعات مختلفة بمعيار نوبل، لا بمعيار آخر فإن الحقيقة هنا تجلوها حقيقة أخرى هي الأهداف البعيدة لسدنة الجائزة، وأكثر هذه الأسباب ما هو سياسي بالضرورة، لكن باتجاه آخر تحكمه مقولات الإنسانية والسلام بكل ما انطوت عليه هذه المقولات من التباس وإرباك لا تصعب ترجمته إلى الذائقة العربية الثقافية، كما هو الحال حينما رُشح أدونيس ومحمود درويش وسواهم كثيرون، فالأمر لا يذهب بنا إلى من لا يستحق أو يستحق، لأن النظرة إلى الثقافة العربية مازالت محفوفة من لدن الآخر بالكثير من التوجس والارتياب وتدوير الحسابات.
مع ذلك فإن الأسماء التي تشكل ثقلاً معرفياً وفكرياً وإنسانياً وإبداعياً لا تحتاج جائزة يلهث ورائها متصيدو الجوائز، لأن الأسماء بحد ذاتها جائزة لتظل الثقافة العربية حيث تستحق، بؤرة اشعاع للآخر ونافذة ضوء كثيف له بعيداً عن حسابات السياسة وإملاءاتها، فإن «جائزة نوبل» هي صورة عن المستوى التنفيذي للعولمة التي تتوسل تذويب الحدود والجغرافيات وتقريب اللغة إلى الآخر، فهل نقرأ حقاً آثار من فازوا على سبيل المثال ليس لمعرفة «الفارق النوعي»، بل لقراءة أنساق التفكير والتعبير التي أراد صانعو نوبل أن يبثوها للعالم رسالة لا تكترث بالعواطف والرغبات.. نوبل ضجة وأكثر كسواها من جوائز ليست أقل شُبهة.
.