|| Midline-news || – الوسط …
.
هل كان ينقص الأرض هذا الوباء ليعترف أهلها بضعفهم أمام الخطر المتربص..؟؟
كورونا.. غلاء ..فقر ..يأس ..
شباب محبط درجات حرارة مرتفعه..عطش ..عطش شديد ..كمامات ملونة ..تدافُعٌ على المواصلات العامة. وابواق سيارات وصخب وازدحامٌ حذرٌ مترقب..
كل منا ينظر إلى الٱخر على أنه موبوء قد يتسبب له بالعدوى ..أحدهم يعطس والٱخر يناوله منديلا وٱخرون يجمعون أجرة الباص من الركاب ..مئة مئتين ..فراطة اريد فراطة .يصرخ السائق الذي يتصبب عرقا بينما يدير الراديو على أغنية تمزق الاحشاء من لحنها المتقافز .
ثمة شاب يريد الصعود، لكن سائق السرڤيس رفض أن يفتح له الباب، لأنه من جامعي القمامة! الكل ينظر بارتياح لهذا الأمر خوفا من العدوى. وتمضي الحافلة ..الناس يتدحرجون في الشوارع تلفحهم الأشعة المتسلطة عليهم من السماء ..
يارب السماء .. أما زال في هذا الكون بعضٌ من رحمة؟!
النهر على ضفة الطريق اليسرى يجري نحو الغوطة غير عابئ بما يحمله من أوساخ المدينة. والمدينة واقفة على قدم وساق .. فغداً يوم الانتخابات.
صور المرشحين تطل شامته بربطات العنق الملونة غير المتناسبة مع نظرات العيون الموحية بالهرولة والحماقة على طرقات عاجزة عن ان تكون طرقات ..
ثمة رائحة تلاقيك عند احد المنعطفات ، حاويات القمامة التي تقوم السيارات بإفراغها..
سيارة البطيخ يعلو صياح صاحبها ..وعيون اطفال عاجزة عن التخيل تلاحقها أتغدو البطيخة حلما ..وكل الزوايا ملاى بأكوام منها؟؟!! والسيارات تنادي ” بلاش يابطيخ “.. الأطفال لايهرولون خلفها .. قلوبهم الصغيرة تعودت على العجز المتكرر .. واللاجدوى من أي جري أو سؤال..
سيارة الإسعاف تطلق زعيقها تتجاوز السرفيس بأمتار، وأنت تتخيل حالة اختناق .. ٱخذ نفسا عميقا ..مازال في إمكاننا أن نتنفس. ثمة أخبار يتناقلها تلامذة يجلسون أمامنا ..”أحد المعاهد الكبرى في دمشق فيه إصابات ..”
استحضر صور طالبي الصغير وهو يحاول حل مسالة الفيزياء ويمتنع عن القيام بأي نشاط في صيفه الممل لأنه يريد أن يجمع قدرا أكبر من الدرجات ليتجاوز كل إحباطات هذا الواقع المرير .. هل يعقل أن تكون الكورونا حقيقة منتصرة ؟ تقود كل الصراعات ثم تنهيها؟ متجاوزة كل هذه المحاولات نحو حياة انتصرت على سنوات القذائف والحرب المؤلمة وتناست ندوبها العميقة لتصبح الحياة كمامةً… وهواءً ناضباً وانقطاع نفس وازرقاقاً في الشفتين …؟
“نحن أقوى” قال التلميذ الٱخر.
أجابه زميله: هذه ليست مزحة لا تعلم من أين تأتيك العدوى.
يرد عليه: لا لا أريد أن أموت بضيق في التنفس هناك أنواع كثيرة من الموت أكثر تميزا.
ثمة مطب لاينتبه له السائق الذي فر من أمام شرطي المرور، والذي أراد إيقافه لأن نمرة سيارته شبه ممحية .. الحافلة تكاد تسقط في الحفرة التي قامت بحفرها شركة الصرف ..كل شيء في هذه المدينة يتخبط بفوضى عارمة .. إلا الكورونا منتظمة السير تنتقي أهدافها وتخضع لعملية حسابية دقيقة فالموت صار علاقة رياضية محتومة في هذه المدينة الحمقاء.
.