ماوراء اغتيال سليماني /بقلم محمود السريع
الوسط -midline-news:
جاء إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني، تلبية لطلب إسرائيلي، قبل أي شيء آخر.دأب الاسرائيليون على التعبير ، عن عدم ارتياحهم، لما يصفونه بتهديد أمن إسرائيل، بفعل التمدد الإيراني، وعمل المنظمات، التي – حسب – قولهم كان لسليماني دورا كبيراً في تعزيز قوتها. وقد قال رئيس الموساد يوسي كوهين، قبل أيام من انتهاء العام الفائت، إن” إيران على رأس أولويات الموساد” وأضاف إن ما تقوم به إيران في الموضوع النووي وتمددها في المنطقة ودعمها للمنظمات “الارهابية” يشكل تحدياً لأمن”دولة إسرائيل”
جاء اقتحام السفارة الأمريكية، في بغداد من قبل العراقيين الغاضبين، إثر سقوط حوالي خمسة وعشرين شخصا، من أفراد الحشد الشعبي، في هجوم بالطائرات الأمريكية الموجهة، قرب الحدود السورية العراقية، ليشكل السبب المباشر ،للقيام باغتيال الجنرال سليماني. لكن هذا لا يمنع من القول، بأن هذه العملية، تأتي لخلط الأوراق، على المستوى الداخلي الإسرائيلي والأميركي. إذ أن ترامب ونتنياهو ارتبط الواحد بالآخر ،ارتباطا مصيريا، وكل واحد منهما يحاول مساعدة الآخر ،على طريقته.حيث يواجه ترامب، خطر الإقالة على خلفية قضية أوكرانيا _ غيت، بينما يواجه نتنياهو خطر الدخول الى السجن، بسبب قضايا الفساد المتورط فيها، خاصة وأنه يخشى من عدم الحصول على الحصانة البرلمانية، التي تمنع مثوله أمام المحكمة.
مع ذلك، يقول الكاتب الإسرائيلي كوبي بريدا، الخبير في السياسة الأمريكية، ومؤلف كتاب”المفتاح لفهم دونالد ج ترامب” إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإغتيال الجنرال سليماني، يحدد كيف يجب أن تؤخذ التهديدات الواضحة في المستقبل. فقد كتب،قبل ثلاثة أيام، في تغريدة له على تويتر، إثر اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، أن “ايران ستكون المسؤولة عن حياة من سيسقطون، وعن الأضرار، التي ستنجم عن ذلك، سوف يدفعون ثمنا باهظا. وهذا ليس تهديدا بل تحذير…”.
أما لماذا الآن بالذات ولماذا بهذا الشكل؟ فإن من يريد أن يحلل ترامب عليه أن يبحث عن نقطة التوازن عنده. فقد كان بالإمكان تصفية سليماني،الذي يتجول بحرية في المنطقة، بعد إسقاط الطائرة الأمريكية، أو الهجوم على السعودية، أو سلسلة طويلة من هذه العمليات.
فما هي نقطة التوازن، التي أدت بالقائد الأعلى للجيش الأمريكي، لإتخاذ هذا القرار? وفقا للكاتب بريدا، تمكنت اسرائيل من الوصول إلى عدد من الايميلات، حول عمل هيلاري كلنتون، خلال اقتحام السفارة في بنغازي في ليبيا. كان عمل هيلاري واوباما، يمثل النقيض بالنسبة لترامب، الذي أكثر من وصف نفسه، بأنه يختلف تماماً عن الإدارة السابقة. وكان قد انتشر في شبكات التواصل الاجتماعي، ملايين المرات، توثيق شهادة كلينتون، حول تأخر المساعدة للسفارة، لما يزيد عن أسبوعين، حين قالت :” ماذا يمكن ان يغير هذا في الأمر؟. واعتبر هذا إهانة لاتحتمل من قبل “الوطنيين” الامريكيين. على هذا الأساس، جاء قرار ترامب الذي لايخرجه عن طوره إلا كلنتون – اوباما، وقضية السفارة في بنغازي، والتعبير عن كراهيته للإدارة السابقة.
يمكن النظر إلى إغتيال سليماني على أنه هجوم على إرث أوباما. فإذا كانت إدارة أوباما تأخرت في تقديم المساعدة للسفارة في بنغازي، فإن الأمر مختلف بالنسبة لترامب، الذي ينهي الأمر بثمن باهظ يدفعه الإيرانيون، لأنه لن يسمح بتهديد السفارات. مع ذلك، تؤخذ الأمور بخواتيمها، وهو قد طرق الباب فكيف يكون الجواب..