في حوار ناري أشهرت فيه سلاح جرأتها .. هويدا يوسف: الغياب ولا حضور ما يشرّف طالما مزمار الحي لا يُطرب المافيات والشلليات!
على نقابة الفنانين صون حقوقنا ومساندتنا بدل جمع الاشتراكات والعضويات
|| Midline-news || – الوسط …
إعداد وحوار: روعة يونس
.
لعلكم اشتقتكم إلى المطربة الجميلة هويدا يوسف، التي غابت بفعل الحرب عن الأنظار..
هدهد الأغنية السورية التي أطلقت أغنيات جميلة (ما اندم عليك، أغراب، نصفي الثاني، ناري، الله العالم).. وغيرها. وفي أقل من عام، تجاوزت أزمة خطف أغنيتها “ما اندم عليك” وأطلقت ألومها الثاني ثم الثالث وهكذا.. قدمت عدة ألوان غنائية (جبلي ومواويل وقدود وخليجي وعراقي ومغربي) وتميزت بها جميعاً.. وحققت نجومية وشهرة بحيث قدمت حفلاتها في بلدان كثيرة واستضافتها في حوارات معظم الفضائيات العربية..
لكن! في أوج شهرتها.. تزوجت من موزع موسيقي وأقامت في مصر، وأنجبت وحيدتها جنى.. فغابت مع المسؤوليات الجديدة، إلى أن قضت الظروف أن يتم الانفصال بينها وبين والد ابنتها، وتنشغل بأحداث متصلة بالواقع الجديد، إلى أن عادت إلى سورية.. وبعدها نشبت الأزمة وطالت الحرب، فسافرت إلى المغرب وأقامت بها. لكنها لم تنس سورية التي غنت لها “الله يحميكي يا شام”.
في حوار “الوسط” معها، تحلت بالصدق والصراحة وقبلهما الجرأة، وكشفت الكثير من الأمور..
“ضغوطات عديدة”
الحوار مع المطربة هويدا يوسف، حوار مع نجمة غنائية وتجربة فنية، لا يلغيها الابتعاد عن الساحة.. بداية، حدثينا، لمَ كل هذا الغياب؟
- في بداية زواجي قبل 15 عاماً تقريباً، انشغلت بالزواج ثم إنجاب ابنتي حبيبة قلبي “جنى” وحصلت بعدها مشاكل فطلاق، انشغلت رغماً عني بهما. وانعكسا علي سلباً، خاصة أنني كنت متزوجة من موسيقي مصري ومقيمة هناك. ووجود أي إنسان تحت ضغوطات كبيرة، لن يتمكن من العمل بهدوء وارتياح.
أعرف مقدار قوتك وأيضاً مقاومتك. أنت إنسان لا يستسلم. فلماذا بعد انتهاء قصة الزواج والطلاق؛ استمر غيابك؟
- لأنه صادف أن تخلت شركة “روتانا” للإنتاج الفني عن معظم فنانيها. لم أكن وحدي. هناك عشرات الفنانين من كل الوطن العربي بما فيهم نجوم الصف الأول تمّ التخلي عنهم (بدليل أن نجومهم الآن يُعدون على أصابع اليدين الاثنتين).
“غياب الإنتاج”
أعرف أنه كانت هناك وعود لكِ من “روتانا” هل حاولت معرفة ما يحدث في كواليس الشركة؟ (أسألك عمّ حدث آنذاك لأن الجمهور لا يعرف هذه التفاصيل).
- نعم، صحيح، كانت الوعود لي من قمة الهرم بدءاً بالأمير الوليد بن طلال، ثم المدير سالم الهندي ومعظم المعنيين بالتواصل مع النجوم. لكن يبدو أن سياستهم آنذاك اعتمدت على وضع مادي ثم دخول بشراكة عالمية كما عرفت. مما ساهم في عدم تجديد العقود لأكثر من 100 فنان.
قدمتِ ألبومات وأغنيات رائعة، منها: أغراب، ما اندم عليك، نصفي الثاني، ناري، الله العالم، هايل سحرك، لا ما تقدر… إلخ. أما كان يفترض بكِ استثمار نجاحك وحماية فنك، بأن تنتجي لنفسك؟
- أنا لم أستسلم –كما قلتِ- أنا قدمت عدة أغنيات بعد مغادرتي “روتانا” لكن النجومية تتطلب مؤسسة فنية تدير الأعمال وتشرف على الحفلات، وكنت آنذاك وحدي. وحدي مع طفلة، نقيم في سورية التي غبت عنها خلال رحلتي الفنية وحفلاتي الخارجية، وكذلك خلال الإقامة في مصر. حتى أنني شاركت في مسلسل “بنات العيلة” لأظل في أذهان جمهوري وقدمت العديد من الحفلات.
“حسابات أخرى”
لا نريد هويدا اللطيفة الدبلوماسية.. بل الجريئة الشجاعة: هل يتم تغييبك لأنه لم يعد الصوت الجميل القادر مطلوباً؟
- يا عيني، هذا ليس سراً. تمّ تغييب كثر، منهم أقدم مني وقدراتهم الصوتية مهمة! من كانت نجوميته قديمة وحصل على شركة إنتاج أو أنتج لنفسه فقد تجاوز العاصفة. ضعي خط عريض تحت العبارة التالية: من ليس لديه شركة إنتاج أو ظهر يحميه “سند” لن يستطيع إكمال مسيرته سواء كان مطرباً أو ممثلاً. وهذا الكلام عن وضع الفن في كل بلادنا العربية. لأن أصحاب شركات الإنتاج والفضائيات، باتت لديهم حسابات أخرى.
إذاً، لا ترين وضع الساحة الغنائية بخير؟ أتحدث عن وجوه شابة؟
- لا ليس بخير مطلقاً. والساحة تشكو وتئن. وبرامج مسابقات الهواة لم تُسفر عن نجوم طيلة فترة الحروب في بلداننا. إلاّ إذا استثنينا ناصيف زيتون وكارمن سليمان ومحمد عساف. وسأخبرك لماذا؟ لأن أهداف البرامج تلك تجارية ربحية ترفيهية كي يبتهج المشاهد طيلة فترة “السيزن” إلى يأتي “السيزن” الذي يليه ويستمر الترفيه.
ثم يعني يا عزيزتي ألا ترين موضة الكليبات والفتيات اللواتي يغنين في فضائياتنا العربية؟ هبوط فني وصل القاع. لذا الغياب عن هكذا ساحة أفضل من وجود لا يُشرّف فيها. وأنوّه أنه مقابل هذا الهبوط هناك حالة راقية رائعة لفنانين وفنانات أحترمهم لم يقعوا في الفخ!
“إقامة في المغرب”
إذاً .. أين كان غيابك خلال عشرة سنوات من عمر الحرب؟ يقال أنكِ حصلتِ على الجنسية المغربية؟
- تسببت الحرب في سورية، بغيابي الكبير عن الساحة الفنية فيها. فقد غادرتُ رغماً عني بكل معنى الكلمة. فأنا لدي طفلة، ومسؤوليات كبيرة، والتزامات، لا أستطيع أن أعمل في بيئة حرب واقتتال، كشفت النفوس وعرّت البشر وأظهرت الأحقاد! فتمت دعوتي لإحياء حفلات في المغرب، وكان أمامي خيار الحصول على إقامة والعمل هناك.
لكن، لا ليس صحيحاً أنني حصلت على الجنسية المغربية. أنا لدي إقامة فقط هناك. والقصة أنني قصدت المغرب بفيزا لإقامة حفلات فيها.. ووجدت مودة واحترام كبيرين من الشعب المغربي، كما وجدت أنني هناك محبوبة كفنانة ومعززة في بلد شقيق. ففكرت في البقاء فيها. بخاصة أن جلالة الملك محمد السادس، مشكوراً، أمر بمنح التسهيلات والإقامات. والحمد لله أنا سعيدة ومرتاحة في المغرب، وأعود إلى سورية دائماً في زيارات متقطعة، لأنني لم أترك بلدي بهدف اللجوء. بل للإقامة في المغرب والعمل في حفلاتها الفنية، لأوفر حياة كريمة لابنتي جنى وعائلتي.
ألا تشتاقين لطرح أغنيات جديدة، وتصويريها فيديو كليب كما جرت العادة؟ لمَ لا يكون هناك تعاون جديد مع ملحنين أو شعراء، لتقديم أغنيات تعيدك إلى الساحة؟
- أنا بصدد أغنية من كلمات الشاعرة حياة اسبر وألحان الفنان فضل سليمان وتوزيع فادي جيجي.. وهناك أغنية “عراقية” أيضاً. أتمنى التوفيق بهما.
“المزمار والطرب”
على ذكر الأغنية العراقية.. وبعد المهرجانات وكبرى الحفلات التي قدمتيها في سورية.. لماذا تقتصر حفلاتك على دول الجوار، ولا نجدك في سورية؟
- أنتِ تفتحين جرحي! سأوجه تحية عبر “الوسط” لجمهوري في كل مكان. وخاصة في سورية والعراق والمغرب. ثم أقول: لماذا تريدينني أن أغني في سورية؟ تتم دعوتنا للغناء في حفلاتها “مجاناً” يريدوننا دون مقابل مادي. بينما كانوا يحضرون من يغني من خارج سورية ويتقاضى بالدولار! أيضاً ضعي خط عريض تحت هذه العبارة “أهلاً وسهلاً بكل النجوم العرب في سورية فأنا أحبهم وأرحب بهم في بلدي”. هل يغني هؤلاء النجوم مجاناً في بلادهم؟. في سورية “مزمار الحي لا يطرب” فإن تذكرونا وتمت دعوتنا للغناء يتم هضم كل حقوقنا؟ سأذكر حادثة أريد نشرها بالتفاصيل “تم الاتصال بي من قبل معنيين ومسؤولين في وزارة السياحة ونقابة الفنانين كي أقيم حفلاً في بلودان، على أن يتم إرسال حجوزات التذكرة والفندق إلي، مرت أيام واقترب موعد الحفل، وحين اتصلوا بي مجدداً أعلموني أن قدومي وإقامتي في سورية على نفقتي الشخصية، وغنائي في الحفل مجاني! بينما قريبة أو قريب الوزير أو المحافظ أو عضو مجلس الشعب فلان يغني ويحصل على مقابل مادي (!)
مع ملاحظة أنني جاهزة للغناء دائماً في حفلات يعود ريعها لأبناء الشهداء ولجرحى الجيش. صوتي فداءً لهم وأنا مستعدة طالما العائدات ستصل إليهم.
لكنكم تتبعون لنقابة فنانين.. أليست معنية بحقوقكم وشؤونكم؟
- (تضحك) النقابة لا تعلم بنا! المفروض على نقابة الفنانين صون حقوقنا ومساندتنا. لكنها لا تتذكرنا إلاّ حين جمع الاشتراكات والعضويات والانتخابات. في كل بلدان العالم تعمل النقابات على حماية الفنانين بينما نحن متروكون وسط “مافيات وشلليات”.
“بلدي وابنتي”
هل حقاً أصبتِ بجلطة قاسية كدت تفقدين بصرك –لاسمح الله- وأنك أجريتِ مؤخراً عملية لإنقاص وزنك؟
- نعم، صحيح.. كل ما يحدث حولنا جعلني حزينة محبطة، وأصبت بجلطة استلزمت مني العلاج لعودة بصري. والحمد لله أنا بخير. وكان أن ازداد وزني بسبب الأدوية ولأنني أحب بطني (تضحك). فأجريت عملية قبل فترة في اللاذقية مسقط رأسي، وشعرت بالارتياح لوجودي في بلدي، والحمد لله تكللت العملية بالنجاح وها أنا أفقد وزني وأستعيد رشاقتي بشكل جيد.
زواجك وسفرك إلى مصر ربما ساهم في انطفاء “نجمك” لكن لديك “قمر” أي جنى. وهذا أكبر مكسب. حدثينا عنها؟
- ابنتي “جنى” هي الحياة نفسها. وتستحق أن تكون بخير، فهي ذكية ومجتهدة وتتقن 5 لغات وموهوبة في فنون “الرسم والانيميشن”. وما حياتي الآن وكل ما أفعله إلاّ كي تحيا بشكل صحيح وجميل مادياً ونفسياً وأخلاقياً.