إضاءاتالعناوين الرئيسية

كصيف هندي طويل .. أحمد علي هلال

 

|| Midline-news || – الوسط …

 

قبل أن تدخل الحداثة إلى السينما، ظلت السينما الهندية تضخ أفلامها ذات الطابع الرومانسي مع قليل من الحبكات البوليسية والكثير من قصص الحب التي غالباً ما تنتهي بنهايات سعيدة، ومعها اعتادت الذائقة العربية تلقي هذا النوع من الأفلام على محمل الجد والانبهار تارة، والدهشة والمحاكاة تارة أخرى.
في تلك الأفلام ينجح البطل رغم العثرات الكثيرة والمصاعب الجمة التي تواجهه، بأن ينتصر في النهاية ولعلها فكرة الفيلم هنا الأزلية في انتصار الخير على الشر ولقاء العاشقين وانتصارهم، ووصولهم إلى نهاياتهم التي يبتسم لها القدر. هذا المزاج «السينمائي» الذي ساد طويلاً في مخيلتنا لدرجة أننا ننعت أي ظاهرة بأنها «هندية» سيما إذا كانت على ذلك القدر من المبالغة والتهويل، ما يعني دراميتها المتطيرة من الواقع وما فوق الواقع لدرجة «المثال المُطبق».
وعلى هذا النحو تأتي المرتفعات الجوية هندية المصدر لتزيد في حبكتها الدرامية حرارة تُخرج كل كائنات الأرض من جحورها، وتعبث بخيال البشر فلا هم يستطيعون النوم، ولا يستطيعون الاستمرار في اليقظة، وللحرارة المستطيرة أيضاً حبكتها مع فارق بسيط أن نهاياتها ليست سعيدة في غالب الأحوال، وآية ذلك ما يُبقي أثره على المزاج العام الذي أصبح مرتهناً كلياً وفي الأغلب الأعم لنزوع ذلك المزاج الحراري المستشري في جنبات الأرض، حتى ليتندر أحدهم بالقول لعل الحرارة شكل من أشكال الإرهاب على النفوس والأبدان، والتي لا حول ولا قوة لها، وهي تستجدي القليل من الكهرباء لتنعم بتبريد شحيح لا يدوم طويلاً.
عجبت للهند فلا يأتي منها إن صحت أخبار متنبئي الطقس كيف تبرع في أن تتحفنا دائماً بالدراما في غير نوع، وأشقها على اللسان تلك الحرارة اللا عاطفية التي فتنتنا في يقظتنا والمنام، فأين يهرب المرء ليلتقط أنفاسه قليلاً، هل إلى جنائن أصبحت شبه مهجورة ما خلا القليل من العابرين والعشاق ، الذين يلوذون بها ساعة الظهيرة، ولعلك لا تجد مكاناً لتجلس فيه إلا إذا حدثت تسوية ما بالدوران بالمكان وإحراج أحدهم ليقرر النهوض وتجلس مكانه لبعض الوقت، ولك أن تستظهر تجليات الحرارة لأنها أشبه بالفاكهة المحرمة التي يتقاسمها الجميع دون استثناء.
وللهند أن تتحفنا بالمزيد من الحبكات ما فوق الدرامية من الأفلام إلى «المرتفعات» إلى الأحزان المعلبة إلى الدموع التي لا تجد مناديلاً سريعة لتجففها، ليس بسبب غلاء المناديل، بل لندرتها أيضاً، فلا مانع من أن تصبح الأصابع وطرف الثياب مناديلاً أخرى، ولا مانع إذن من أن تصبح قصصنا ذاتها على ذلك النحو الدرامي البالغ والذي يصعب تفسيره كلما سعى إمرء ليدوزن حكايته مع «الحر» ليشتق منها اسماً جديداً في صيف لاهب تجاوز كل تسمية حتى ليُقال أيضاً وفي سياق التندر البريء «على من وجد مفاتيح جهنم أن يحظى يومان في الجنة». وهكذا وجدنا أن مرويات «الحرارة» ظلت أكثر الهواجس سيطرة على الأذهان حتى ليمكننا القول محاكاة ومفارقة لما استقر في الشعر «حرارة إذا وقعت على رؤوسنا لم تكن لنا برداً على الأكباد»، فهل هي حرب خفية من نوع آخر ظلت ضحاياها حائرة وباحثة عن البدائل التي تقيها من قصف الشمس وانفجارات مجموعتها الشمسية، تلك المفخخة المزاج من تترك ضحاياها وسط حيرة تظل تتسائل ماذا سنفعل وكيف السبيل وما الذي ينبغي فعله لننجو بترف ساعة أو دقيقة، وكيف إذا كان ترف نهار تمطى بكلكله كموج حر لا ينتهي، بل ينذر بالارتفاع وبالشرر، من أرخى شظاياه كلها بأنواع الحرائق ليبتلي نفوساً كانت في زمن ما تلوذ تحت ظل شجرة أو شُجيرة اقتطعها لمؤونة الشتاء بعض ضعاف النفوس كما يُروى لم لكن هاجسهم الدفء إلا دفء الجيوب وحسب.

 

*كاتب وناقد فلسطيني.. سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك