صفقة القرن بنسختها السورية … الحرب هي الخيار الوحيد
| Midline-news || – الوسط ..
في الثاني عشر من شهر كانون الثاني كتبت مقالا بعنوان “هل من صفقة قرن بشأن سورية؟” ,وذلك بمناسبة زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي ,جون بولتون إلى المنطقة وتحديدا إلى ” إسرائيل ” ,وقتها قال بنيامين نتنياهو لـ بولتون في مؤتمر صحفي ” إذا سمح الطقس سنزور الجولان وعندما ستكون هناك ستستطيع أن تفهم جيدا لماذا لن ننسحب من الجولان ، ولماذا من المهم أن تعترف جميع الدول بالسيادة الإسرائيلية على الجولان”. بعد شهر ونصف نطق الرئيس الأمريكي ,دونالد ترامب كفرا سياسيا بما أراده نتنياهو و بولتون وسار على طريق الاعتراف بسيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي على الجولان العربي السوري المحتل .
طبعا لا يمكن فصل ما قامت أو ستقوم به إدارة ترامب بخصوص الجولان عما قامت به من نقل سفارتها إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي . نريد أن نقول إن الخطوة الأمريكية كانت متوقعة وتم التمهيد لها عبر تصريحات لأعضاء في الكونغرس الأمريكي ,مثل ليندسي غراهام وفي الصحافة الإسرائيلية والأميركية ، وتأتي تحت غطاء محاربة النفوذ الإيراني في سورية وتطويق إيران ,وانطلاقا من هذا البند حشدت الولايات المتحدة في الـ 14 من شهر شباط الماضي جيشا من الدول في مؤتمر كان أهم الحاضرين فيه دول الخليج العربي “السعودية والإمارات ” ,التي باتت اليوم تعيش فوبيا إيران, التي صنعها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وبررت لدول الخليج لبس خاتم زواج المصالح مع الإسرائيلي علنا من دون خجل بطريقة استفزت حتى رجل “إسرائيل” وأمريكا المنتهية صلاحيته رئيس وزراء ووزير خارجية إمارة قطر ,حمد بن جاسم الذي وصف هذا المؤتمر بالقول ” هناك خطوبة تمت في السابق وهناك عرس تم في وارسو، والحضور إما (شهود ملكه) أو مدعوون للحفل ” . المؤتمر غبّ ما قبله ,أي أنه لم تكن هناك اعتراضات “عربية” أو مواقف تجاه نقل السفارة إلى القدس ومخرجات “صفقة القرن ” التي تسرّب من هنا وهناك ,وهذا يؤدي بشكل مباشر ,كون الملفات مرتبطة ببعضها ,أن موقف هذه الدول “العربية ” تجاه الاعتراف الأمريكي بسيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي على الجولان السوري المحتل هو ذاته تجاه القدس ,والأمريكي والإسرائيلي يعلم أنه لن تكون هناك معارضة من تلك الدويلات العربية للخطوة الأمريكية الإسرائيلية تجاه سورية والجولان السوري, كون معركتها اليوم لحساب الأمريكي والإسرائيلي مع إيران تستوجب تقديم تنازلات أيّاً كانت هذه التنازلات .
بالنسبة لسورية الدول المعنية بحماية أراضيها واستقلالها هي في الأساس لم تكن تعوّل كثيرا على مواقف تلك الدويلات الخليجية قبل أن تجتاحها الحرب الإرهابية في العام 2011 فكيف اليوم وهذه الدويلات دعمت وغذّت الإرهاب بالمال والسلاح والمقاتلين طيلة هذه الحرب. ولذلك تعرف سورية جيدا من سيكون إلى جانبها قولا وفعلا في الدفاع عن أراضيها حتى في وجه الولايات المتحدة و”إسرائيل”. وقد يكون اجتماع قادة جيوش سورية وإيران والعراق الذي عقد في دمشق في الـ 17 من شهر آذار الجاري خطوة استباقية لإحباط مخططات ما يمكن تسميته ” صفقة القرن في سورية ” في الشمال والجنوب ,أي مع التركي والإسرائيلي وبموافقة من الدول العربية. إعلان ترامب عن خطته للاعتراف بسيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي تزامنت مع جولة لوزير خارجيته ,مايك بومبيو في المنطقة والتي شملت الكويت و”إسرائيل” ولبنان الذي يشكل أرقاً حقيقياً لـ “إسرائيل” بفضل وجود حزب الله وقوته العسكرية والتنظيمية والعقائدية وخبرته في مواجهة “إسرائيل” التي انتصر عليها أكثر من مرة .
من هنا يمكن التنبؤ بما يحاول بومبيو فعله في بيروت للتحريض على حزب الله ,رأس الحربة في محور المقاومة, والذي سيكون له دور كبير في إحباط “صفقة القرن” الأمريكية في سورية وكذلك تحرير الجولان والأراضي العربية . الإدانات الدولية والتعبير عن رفض قرار ترامب كما هو حال روسيا وإيران وحتى الاتحاد الأوروبي لا شك أنها مهمة في المرحلة الراهنة ,لكنها لن تسمن ولن تغني من جوع لأن الموقف الأمريكي سيعطي سلطات الاحتلال الإسرائيلي مزيدا من القوة لتكريس حالة فصل الجولان المحتل عن سورية الأم , إلاّ إذا أتى أسف مجلس التعاون الخليجي أؤكله وخافت “إسرائيل” على نفسها من الغضب السعودي.
الأمريكي يّضيق الخيارات ويجعل الحرب مع إسرائيل طريقا وحيدا مفتوحا لاستعادة الحقوق واليوم يمكن القول إنه ليس لدى الدولة السورية الكثير لتخسره وتدرك إيران ومعها حزب الله إنه بعد سورية ستكون الهدف والمقاومة الفلسطينية مع سلطة رام الله خسرت كل شيء فلا طالت عنب السلام ولا بلح الدولة ولذلك لا يستبعد اشتعال المنطقة …علي وعلى اعدائي .
وسام داؤد