رحل الطيب تيزيني بعد أن “اتجه إلى السماء” .. الفكر والقرار لم يجتمعا !!..
|| Midline-news || – الوسط ..
عزة شتيوي ..
مازلت أذكر لقاءه عام /2008/ .. حينها كان الموعد أمام وكالة سانا ، وصلت ووجدت الطيب تيزيني يتجادل مع الشرطي : ماهذا المنظر ؟ ألا تخجلون ؟ ، باعة الكعك يزنرون الوكالة ، هذه صرح يعكس وجه الوطن ، نظفوا وجهه ، اقتربت كأني أقترب من صرح فكري لايقل أهمية عن صروح البلاد ، رجل تشهد له الأجيال بفكره ، انه الطيب تيزيني .
في الطريق الى إحدى الكافيتريات القريبة من الجامعة كان يحدثني : (دمشق اليوم عروس الثقافة العربية وعاصمتها ، هذه المناسبة جديرة بأن نزين العروس ، على الجميع أن يبدأ بذلك ) ، قلت له وماعلاقة الشرطي ؟! قال : هنا الكارثة ، كل واحد منا لايظن أن له علاقة ، كلنا مسؤولون ، لن نعتمد فقط على قرارات ذلك المبنى ، أشار بيده الى إحدى مقار حزب البعث العربي الاشتراكي ، جرَّني فضولي لأخذ منه جواب ، سالته باستفزاز : هل تحب أن تشاركهم القرارات ؟ ، ضحك كثيراً وأجاب : الفكر والقرار لايجتمعان في كل هذه المنطقة !!
كان حديثاً رائعاً ، بدا فيه الطيب تيزيني على دراية بكل التفاصيل مستشرفا للاحداث ، عنونت المقابلة حينها بواحدة من مقولاته “شبابنا يتجه نحو السماء” ، في إشارة منه للتطرف الديني الذي يرفضه بشدة ، ويخاف أن تتشكل التنظيمات الإرهابية وتفجر في أحشاء عروس الثقافة العربية .
ترك انطباعا عميقاً داخلي ، حتى بدأت الأحداث في سورية ، وبدا موقفه انفعالياً ومتفاعلاً معها ، بحثت كثيراً عن موقف له يدين ماتخوَّف من وجوده من إرهاب ، وللأسف وجدت صوراً له تحت علم الاحتلال-الانتداب .
لماذا لم يلتق فكره الرائع مع قراره ؟ ، لماذا وقع الطَّيب في مطب ما كان يأخذه على غيره ، الفكر والقرار لايلتقيان .
لم تكن وحيداً من وقعت في هذا المطب ، كثيرٌ من المفكرين انقلبوا على فكرهم ، هل هي مصيدة مصطلح الثورة ؟!.
علَّه الغياب الذي يؤلم كل سوري برحيل رجل فكر يرد على الجواب ، لم يمهله القدر حتى يخبرنا لماذا انجرَّ كغيره من مفكري “الربيع العربي” ، وأعلنوا القطاف دون ثمار .
برحيلك ، مسافة كبيرة نسترجع فيها قيمتك الفكرية ، ونبقى نأسف لتلك الهوة التي بقيت بين الفكر والقرار .