رأي

بطاقة معايدة للآباء السوريين .. عن عيد الأب وقانون قيصر!.. بشار جرار – واشنطن ..

|| Midline-news || – الوسط …

 

يحتفل الأميركيون, ومنهم الأميركيون السوريون, كل آخر أحد من شهر حزيران يونيو بعيد الأب.

عيد لا تحفل به للأسف ثقافتنا المشرقية وقد خرج منها الرسل والقديسون والآباء الأول من أولي العزم ..

في مصادفة غير مقصودة حتماً، تفصل هذه المناسبة العائلية الدينية الوطنية في آن واحد بالنسبة للثقافة الأميركية, ثلاثة أيام عن دخول قانون قيصر حيز التنفيذ.

بعيداً عن السياسة، تزدحم المشاعر الإنسانية لدى الآباء السوريين وبخاصة من المغتربين الجدد الذين هجّرتهم تسع سنين من حرب سوريا الدامية قمعاً وإرهاباً، قصفاً وغزواً، تهجيراً وتشريداً، إفساداً وتجويعاً.

وفي زحمة التنظير والانفعالية الخطابية بين نقيضي التهوين والتهويل، أراني مضطراً -لاعتبارات عدة- اقتصار بطاقة المعايدة هذه على مشاعري كأب لن ينسى أجمل أيام العمر في ضيافة الأخوال الكرام بدمشق العتيقة المعتّقة.

“الخال والد” كما يقال وبرّه من برّ الوالدين.

بداية أسارع للقول بأن أكثر ما يميز غياب هذا العيد لربما عن ثقافتنا المشرقية والشرق أوسطية عموما لربما يكون إمعاناً في تكريم الأم، وإفراطاً ربما في نكران الآب لذاته أمام أسرته كونه خادمها وفاديها..

لازلت أذكر استقبال صغار خالي الكبير على باب “الزقاق” يدسون أيديهم الغضة في جيوبه لأخذ السكاكر قبل أن يعطوه فرصة تنزيل حمولته على الجانبين، وفي كل “ساك” حمولة من الحواضر والمونة ما يهدّ الحيل.

“ركن الدين” الحي الدمشقي العريق في تنوعه الإثنيّ, في خصوصيته الكردية الجميلة، كان يومها وعراً في أعاليه، غير معبّد لسيارة لم يكن يملك ثمنها لا نقداً ولا تقسيطاً حتى بعد عقود من الخدمتين العسكرية فالمدنية.

لن أفشي سراً عائلياً إن قلت إنه كان ينهر زوجته إن تدخلت بينه وبين صغاره وهو يناغيهم إيه “يابي” في كمان سكاكر بالساك!

و”الساك” لمن لا يتحدث السورية بطلاقة هو الكيس باللغة الفرنسية التي تركت أثراً بعد إجلاء أو جلاء قوات الانتداب الفرنسي أمام وحدة الأمة السورية العظيمة.

في هذا العيد أتمنى أن يرحم الجميعُ – أياً كان موقفهم من قيصر – الأبَ السوري، كفاه خدمة وفداء فاليتم أدهى وأمرّ ..

لا يُنكر عاقل – مع النظام أو ضده – خطورة قيصر، لكن القليل هم الذين يحسنون قراءة الفرص الكامنة في هذا التحدي الكبير.

إن المحب لسوريا الوطن والدولة وحتى النظام ورأسه شخصياً، يعلم أن أقصر طرق النجاة والنصر ليست بالضرورة معبدة وما هي دائما التفافية.

قد يُـفـرض المخرج أحياناً باعتباره الطريق الآمن الوحيد المتاح حالياً ، أقله لحين توفر مدخل آمن نعود فيه جميعا إلى طريق تجمعنا إلى وجهتنا الكبرى والعليا وعنوانه الوطن الذي ضم رفات آبائنا السوريين الأوائل حتى شاوول – بولص الذي حمل بمحبته رغم آلام السجن وشهادة الموت من أجل معلمه الذي عاتبه على الطريق إلى دمشق على اضطهاده له شخصيا.

لم يقل السيد المسيح يومها لِـمَ تلاحق خرافي بالقتل !؟، إنما عاتبه بمحبة غامرة: لِـمَ تضطهدهن !؟.

اقتداء بذا الفداء أرسل بطاقة معايدتي هذه إلى كل أب سوري هنا في أميركا وهناك في الوطن التليد المجيد سوريانا الحبيبة.

إن كان محبوكِ يا سوريا صادقين، عليهم على “المصلّب” مفترق الطرق هذا أن يحسنوا قراءة المشهد.

وإن لم تطلب القيادة السورية والمعارضة السورية بكل أشكالها والأمة السورية، ولا أقول العربية، الواحدة ذات الرسالة الخالدة، إن لم يطلبوا ممن يعتبرون أنفسهم حلفاء وأصدقاء وداعمين لهم في حربهم، الانسحاب ومغادرة سوريا فوراً، فإن الحكمة تقتضي من كل هؤلاء الداعمين والحلفاء والأصدقاء على اختلاف دوافعهم وغاياتهم القيام بما هو خير لسوريا وشعبها والانسحاب منها.

ارحموا سوريا “يابيي” ارحموها وشكر الله سعيكم ..

أما أولئك الذين لا شكرَ الله سعياً لهم، فمن المؤكد أن النجاة بسوريا مما دبّروا لها بليلٍ مع قوى الظلام في العالم كله ستكون إسقاطاً لآخر قناعات الدجل الفكري والديني والسياسي.

وسيخرج الجميع دون استثناء، وجلائهم أو إجلائهم عن سوريا، سيعيد إلينا سوريا التي نحب، ويُـرَدُّ إلى الشرق الصبا ..

هذه دمشق يا سادة، وعطر الياسمين فيها مازال فواحاً ..

وكل أب سوري في سوريانا الوطن وفي المهجر بألف خير ..

بـشـار جـرار .. واشنطن
كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك