رئيس التحرير

الإعلام  .. جوقة الفساد الضاربة .. طارق عجيب ..

|| Midline-news || – الوسط .. 

في بلدٍ “رخو”  بكل طبقاته الداخلية ، لم يتمكن الإعلام ، من العام إلى الخاص ، في سوريا ، من إقناع الناس بأنه يمكن اعتماده كمصدر أول للمعلومة ، ولا حتى مصدر موثوق بشكل كافٍ “أو نزيه” ، ويغني عن البحث عن مصادر أجنبية  “غير سورية” ، كما فشل في أن يكون منبراً يمكن التعويل عليه ، ولو بالحد الأدنى ، في قول كلمة حق أو شكوى أو مطلب ، يمس الخطوط الحمر والمحرمات التي حددتها االحكومة ، أو الإسهام في تشكيل رأي عام ضاغط ومؤثر على أي جهة رسمية ومسؤولة ، واكتفى الجميع  بالعمل تحت السقوف التي وضعت لهم ، وفي ظل موافقة الحكومة ورعايتها وتمويلها بأشكال مختلفة ، تشذُّ عن هذه القاعدة بعض الحالات الخاصة العابرة ، أو الفردية لأشخاص ، يتم تغييبها أو قمعها لاحقاً ، وبعض صفحات الفيس بوك التي لا يمكن أن تكون مؤثرة وفاعلة ، لأنها إمَّا هزيلة وغير ناضجة وغير قادرة ، أو تشبه “الشخص” الذي من السهل تكميم فَمَه بألف طريقة .

بعد تحييد الإعلام الرسمي ، وهذا طبيعي ومنطقي لأنه ناطق باسم الحكومة ومُروِّج لسياساتها ، يبقى الإعلام الخاص ، ما بين تلفزيونات وإذاعات وصحف ومواقع مرخصة  “أيامَ كانت الرخصة ميزة ودليل علاقة طيبة ووثيقة مع الحكومة ” ، وأخرى صُـنِّـعـَـت لاحقاً لتكون “غب الطلب” ، وأيضاً يبقى هنالك المواقع غير المرخصة  “لمزاجية ورؤى أصحاب القرار” ، وصفحات الفيس بوك ، التي بغالبيتها في الداخل تصب في صالح الحكومة ، أما القسم الآخر فهو ضعيف وتأثيره لا يتعدى دوائر ضيقة لا تتسع لتشمل ما يجب الوصول إليه  .

تاريخياً ، وحتى يومنا هذا ، وفي “ملاحم” الربيع العربي ، ومنها المقتلة السورية ، أثبت الإعلام انه السلاح الذي لا يقل تأثيراً عن أي سلاح أخر من أسلحة الدمار الشامل التي صنعتها عقول الشر والجشع ، وكان له الدور الأكبر والمستمر في استهداف سوريا من الخارج ، وحقق النسبة الأعلى من أهدافه .

على مستوى الإعلام الداخلي ، اختلفت الأسباب والغايات التي دفعت بالحكومات منذ البداية لاستخدام الإعلام كمنبر ، حيث كانت الغايات لا تتعدى التوجيه والتعبئة ، الترفيه ، التطبيل ، التزمير ، الترويج ، الإعلان والتسويق لكل ما تنتجه الحكومات من سياسات وتتخذه من قرارات ، وأصبح الأمر أكثر إمتاعاً بعد دخول الإعلام الخاص والسوشيال ميديا على خط الهمروجات الإعلامية التي تريدها الحكومات ، وكان لها ما أرادت .

قبل الأزمة الأخيرة ، عشنا وتعايشنا مُكرهين مع ما يفرض علينا من إعلام ، ومن هذا الإعلام ، وراقبنا مقهورين ما يرتكبه الفاسدون من “إنجازات” في الحكومة مع نظرائهم وشركائهم في القطاع الخاص وبطانتيهما ، وما تقوم به جوقاتهما الإعلامية من حملات تغليف المرَّ بالعسل ، والسمَّ بالدسم ، لعجزنا أولاً عن مواجهة هذه الغيلان ، ولاعتقادنا حينها ( وثَبُتَ أننا كنا مخطئين وغرقنا في عسلهم ودسمهم ) بأننا في مأمنٍ من الغرق في المستنقع الذي أمسينا نتخبط فيه منذ بداية الأزمة عام 2011 ، كل ذلك نتيجة فساد الحكومات المتتالية ، وعجزها عن تلبية وتأمين وتثبيت أبسط شروط وظروف ومتطلبات الحياة الكريمة لمواطنيها ، لكن الجديد الذي فاجأنا هو انضمام جوقات الإعلام الخاص إلى الرسمي ، والتي تلهث وتتصارع لتحجز مكاناً لها على مائدة ومنصة الحكومة وفاسديها الرسميين وغير الرسميين ، لتكون على أهبة الأستعداد للقيام باستعراضاتها التسويقية  لما تنتجه الحكومة من فساد ، وتشاركها في صياغة المشهد الذي يُراد للمواطن أن يراه فقط .

أخبار تخديرية ، سيناريوهات فانتازية ، وعود كاذبة ، إشاعات تسويفية ، تبريرات تهريجية ، فعاليات  “تجارة” إنسانية ، حفلات خيرية ، نشاطات مجتمعية ، حكايات تلميعية ، ورسائل تهديدية ، وغير ذلك من وسائل مبتذلة ومأجورة  .

في سنوات الأزمة الثمان ، وخاصة في السنة الأخيرة ، رأينا الكثير من وسائل الإعلام السورية الخاصة ، التي تعمل بشكل فج ورخيص على التهليل لكل ما تقوم به الحكومة ، وتصوير ما تتخذه الحكومة من قرارات وإجراءات بأنها إنجازات استثنائية وصمود تاريخي ، وإنقاذ للوطن من هزيمة أو انكسار اقتصادي ، أو أنها مخارجَ مبتكرة من الأزمة الكارثية التي يعيشها المواطن ، أو تنشر “بإيعازات” تسريبات لقرارات  “ستتخذها” الحكومة لمحاربة الفساد والنهوض بالواقع المزري للمواطن ، أو تبريرات “سرية” لعجز الكحومة عن القيام بأبسط واجباتها .

قبل القانون ، من المفترض أن يكون حديثنا عن رادع وطني وقِـيـَمي ، ووازع أخلاقي “وديني” ومهني ، يُحصِّن هذه الجوقات من الوقوع في شرك الشراكة مع الفاسدين في فسادهم ، ثم يأتي دور القانون “المُغَيَّب” الذي يجب أن يحاسب كل الشركاء بنفس السوية الجُرمية على نتائج فسادهم وارتكاباتهم بحق المواطن والوطن الذي وصل إلى درجة من التردي قاربت مستويات الخراب .

|| Midline-news || – الوسط .. 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك