اختراق المعنى بين الرواية والسينما .. بقلم سعد ناجي علوان
|| Midline-news || – الوسط …
.
تؤكد السينما دوما على أنها اسم اللذة التي يخلقها الإنسان لنفسه، بينما يميل أهل السرد إلى رأي كونديرا ووصفه للرواية بفردوس القارئ، أو هي أساس توليد آليات التأويل.
وما بعد كل ذلك وغيره لابد لنا من تحصيل البعد الثالث لهذه الإشكالية.. فالعلاقة بين الرواية والسينما تنشد الاختراق لا التوازي.. وقد سعت السينما منذ البدء إلى دراسة ما يجاورها من مختلف الأشكال التعبيرية والعلوم الإنسانية لإنتاج أساليب أكثر تطورا وقربا للواقع المعاش. وبالخصوص الرواية لأنها صورة كبيرة للواقع، مما زاد التناغم والوئام بينهما. فلربما تزيل السينما ما تراكم من سكون حول الرواية أو تؤكد معناها الأول، وقد تفشل في اجتياز عتبة العمل الأدبي.
فالذي يشاهد فيلم “المريض الانكليزي”.. وأبعاده الفنية والانسانية وثرائه الباذخ، سيزهد في قراءة الرواية التي اعتمد الفيلم عليها في صناعته، وهي من تأليف الكاتب مايكل اونداتجي.
أما فيلم “اسم الوردة” والذي اعتمد على رواية نحمل ذات الاسم، لأمبرتو أيكو ، فسيجعلك تصاب بالخيبة التامة بعد فشل معالجات الفيلم الفنية أمام عمارة الرواية وعمق دلالاتها.
ومثل هذه الخيانة السينمائية جعلت الروائي غابريل غارسيا ماركيز يمتنع نهائياً عن أفلمة رواياته بعد عملين فقط! بالرغم من كل المغريات المادية.. مع أنه كتب سيناريوهات أربعين فيلماً وصاحب ورشة لتعليم كتابة السيناريو.. فيما اكتفى المخرج البرازيلي الشهير غلوبير روش؛ بتوعد محبب وهو يخاطب ماركيز: “حسنا سأظل أسرق بعض المشاهد من رواياتك وأضعها في أفلامي كلما سنحت الفرصة.
إلا أننا لانعدم الأجمل ضمن هذه العلاقة، حين يتم الانتباه بصورة واعية لآفاق الرواية ودهشة السينما للإيغال بعيداً في المعنى الإنساني المشترك، والإمساك بسحر الواقع ما يجعل الحياة أجمل وأصدق مما هي عليه،كما فعلت الكثير من الأفلام. ورغم أن السينما والرواية عالمان مختلفان بقدر عدم إلغاء أو نقض بعضهما البعض، مع بيان احتواء التفرد للسينما.. وهذا إقرار جميل بذلك من روائية ومخرجة متمكنة ومحترفة مثل مارغريت دوراس، حيث كتبت العديد من الروايات وأخرجت خمسين فيلما روائيا، لتجزم بعدها “أن الفن هو الحقل الأكثر قابلية لاحتواء نصوصنا الروائية ومشروعاتنا الإبداعية بحرية أكبر”.