وسام داؤد – واشنطن وجني الثمار …
|| Midline-news || – الوسط ..
سفير واشنطن والمبعوث الأمريكي السابق إلى سورية روبرت فورد ، اعترف في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية بارتكابه أكبر أخطائه السياسية عندما ” لم يقدر بشكل صحيح قوة حلف المقاومة وتماسكه وقدرته على إفشال مخططاتهم في سورية” ، وهم من خبروا قوة هذا المحور في عدوان تموز 2006 على لبنان ، وقال ” هذا أكبر خطأ سياسي ارتكبته ,لم أكن أتوقع أن ترسل إيران وحزب الله المقاتلين لمساعدة الأسد”.
عندما يكون هذا الكلام صادر عن فورد فهذا يعني أن الإدارة الأمريكية آنذاك ، أي إدارة باراك أوباما ، كانت تسير وفق تقديرات ومعطيات ومعلومات خاطئة عن تماسك هذا الحلف وقدرته على المقاومة والصمود في وجه مخططاتهم في سورية ، وهذا يعني أن مصادر المعلومات الواردة لواشنطن من حلفائها وعملائها في المنطقة غير دقيقة ، وعملت على توريط واشنطن إذا ما افترضنا ، وبناء على كلام فورد في المقابلة ذاتها , أنها لم تكن ترغب في تقديم دعم عسكري أو سياسي – من خلال طرح مسألة رحيل الرئيس الأسد عن السلطة – للمعارضة السورية .
وعندما يقول فورد ” إن اللعبة انتهت ، وإن أوباما لم يترك لترامب الكثير من الخيارات والمساحة للتحرك في تغيير قواعد اللعبة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الخطط الأمريكية التي كانت معدة لسورية وحلف المقاومة عند انهيار الدولة السورية بسبب التأخر “, فهذا يعني أن استراتيجية جديدة تقضي بتغيير جوهري في التعاطي مع ملف الأزمة السورية وملفات المنطقة بشكل عام .
وبناء على ما تقدم فإن إدارة ترامب لا تريد اليوم أن تتأخر في جني الأرباح السياسية والاقتصادية مهما بلغت قيمتها قبل فوات الفرصة ، أو قبل منعها من فعل ذلك ، بعد تحقيق الانتصار النهائي المرتقب لحلف المقاومة بالتعاون مع روسيا في سورية والعراق , وهذا ما يدفع بإدارة ترامب إلى تدفيع دول الخليج مئات المليارات من الدولارات عبر صفقات مع السعودية وقطر والإمارات واللعب على الخلاف المنافسة الخليجية الدائرة اليوم بين قطر من جهة والسعودية مع الإمارات من جهة أخرى ، وهذا الخلاف الذي تذكيه إدارة ترامب ذاتها بتصريحات تارة مؤيدة للسعودية وأخرى لقطر , خصوصا بعد توقيع اتفاقية مقاتلات الــ إف 15 والتي تبلغ قيمتها 20 مليار دولار , وتنفيذ مناورات مشتركة مع قطر , هذا ما سيدفع بحكام السعودية وخصوصا محمد بن سلمان إلى مزيد من دفع المليارات لإدارة ترامب واستمالتها بشكل نهائي إلى موقفه في مواجهة منافسة تميم أمير قطر .
وهنا يمكن الحديث عن وثيقة مسربة نقلتها وكالات أنباء عن اتفاق بين محمد بن سلمان وترامب تقضي بدعم بن سلمان للوصل إلى العرش وتحويل قانون جاستا الأمريكي نحو قطر مقابل دعم بن سلمان للاقتصاد الأمريكي بمئات المئات من الدولارات وهذا ما تحقق أمس بتنحية محمد بن نايف عن ولاية العهد ومبايعة بن سلمان مكانه ، وبالتالي تعتبر هذه الخطوة تنفيذا لبنود هذه الوثيقة بالاقتراب نحو عرش بات بمتناوله وعلى بعد خطوة قصيرة منه كون الملك سلمان بلغ الـ 95 عاما .
أما على صعيد المواجهة الميدانية على الأرض السورية فمحاولات واشنطن في جني الأرباح هي من خلال التخلي عن كل الفصائل المسلحة والرهان فقط على مناطق سيطرة الأكراد وتعزيز الانتشار الأمريكي هناك بمزيد من القواعد العسكرية ونشر أسلحة إستراتيجية , وبالتالي خلق ساحة نفوذ جديدة يمكن واشنطن التفاوض عليها مستقبلا وابتزاز التركي والسوري والإيراني والعراقي , هذا الحلف غير المرئي والمعادي لقيام أي كيان كردي مستقل في المنطقة , وهذا الواقع تحاول واشنطن فرضه حتى لو تطلب الأمر مواجهة الجيش السوري , وهو ما حصل أكثر مرة من خلال قصف مواقع للجيش السوري أو مواجهة روسيا من خلال إسقاط المقاتلة السورية بريف الرقة, وهي المواجهة التي قد تكون مفتعلة للدخول في تفاهمات جديدة مع روسيا لما يجري في سورية والمنطقة .
وفي الختام تتوسع واشنطن في جني الأرباح في أوروبا من خلال الفزاعة الإرهابية ودفع دول حلف الناتو , وخصوصا ألمانيا , لدفع المزيد من الأموال وتقديم تنازلات اقتصادية مهمة .