م . رفاه رومية – السيارات الكهربائية : تطلعات لقطاع نقل طاقته خضراء
|| Midline-news || – الوسط ..
يعتبر قطاع النقل من أكبر القطاعات المستهلكة للمشتقات النفطية و التي تعتبر المصدر الرئيسي للطاقة الضرورية لعمل وسائل النقل بمختلف أنواعها ، فالتزايد السكاني المتفاقم في العديد من دول العالم مثل الصين رافقه توسع كبير في شبكة المواصلات لتخديم حركة السير في أرجاء البلاد ، لكن كل تقدم و تطور لا بد أن يكون له ضريبة ندفعها من اقتصاد البلد أو من صحتنا و حتى قد تشاركنا البيئة هذا الجانب السلبي للتوسع .
كما هو معلوم أن احتراق الوقود بكافة أنواعه ينتج عنه انبعاثات ذات خطورة عالية على المناخ الجوي و تعتبر إلى جانب الانبعاثات الكربونية الناجمة عن المصانع المسبب الرئيسي لحدوث ظاهرة الاحتباس الحراري ، و كما لا يخفى علينا مدى تأثيرها الخطر على تلوث الهواء الذي نتنفسه و ما يرافق ذلك من مشاكل تنفسية تودي أحيانا للاختناق و الموت .
فظاهرة الضباب الدخاني التي تعاني منه العديد من مدن العالم مثل لندن التي شهدت أسوأ ضباب دخاني عام 1952 أدت لوفاة الآلاف من الأشخاص و إصابات بالجملة بأمراض متعددة فكان لا بد من البحث عن بدائل للوقود الأحفوري تخفف من هذا الضغط على البيئة خاصة بات معلوما أن مصادر الطاقة التقليدية آخذه للنضوب مع الزمن فالتوجه العالمي للبدائل المتجددة و دعم الحكومات و الشركات المصنعة للسيارات قد بدأ يلعب دوره و خاصة في مجال السيارات العاملة على الطاقة الكهربائية ( الكهربائية و الهيدروجينية) التي أثبتت حضورها في سوق السيارات خاصة في السنوات القريبة الماضية .
السيارات الكهربائية ليست بالجديدة على عالم السيارات
لا تعتبر السيارات الكهربائية اختراعا جديدا على الساحة فقد أبصرت النور في القرن التاسع عشر معتمدة على المحركات الكهربائية في سيرها و التي تتغذى بدورها من البطاريات و قد كان لهذه السيارات عصر مزدهر في فترة من القرن التاسع عشر و العشرون لكن هذه الفترة لم تدوم طويلا .
فالازدياد العالمي في إنتاج النفط و مشتقاته الذي يعتبر الوقود الأساسي للسيارات المعتمدة على محركات الاحتراق الداخلي، بالإضافة إلى مشاكل البطاريات الكهربائية و عدم قدرتها على تسيير السيارات لمسافات طويلة و تأثير ذلك على الأداء العام قد ساهم في تراجع شعبيتها بشكل كبير في تلك الفترة .
ميزات السيارات الكهربائية و عيوبها
بات معروفا أن التوجه الدولي و العالمي للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن الانبعاثات الكربونية و التي يعتبر قطاع النقل من مسببيه ، فالسيارات الكهربائية صديقة للبيئة لا ينتج عنها أي غازات سامة يمكن أن تؤثر على الجو إلا في حالة السيارات الهجينة التي تعتمد على الوقود النفطي في حال انتهاء شحن البطارية ، كما تتميز بقلة ضجيجها و أدائها الجيد بالإضافة لقلة الصيانة باعتبار أن أجزاء المحرك الكهربائي أقل من محركات الاحتراق الداخلي .
من أكبر العيوب التي تنسب إلى هذا النوع من السيارات عدم القدرة للسير لمسافات الطويلة بسبب نفاذ شحن البطارية و قلة محطات الشحن التي تعتبر في مرحلة التطوير ،وأيضا تحتاج لتبديل البطارية بالكامل كل 3-10 سنوات بالإضافة إلى إن السيارة ككل تعتبر باهظة الثمن .
تكنولوجيا السيارات الكهربائية في القرن الواحد و العشرون
كان من اكبر التحديات التي واجهت هذه السيارات كيفية إعادة شحن بطاريتها وبأقل زمن ممكن مما جعل الطلب عليها قليلا جدا لكن في عام 2003 عمدت شركة تيسلا موتورز لصناعة السيارات إلى إعادة تطويرها و أحدثت بداية لعصر السيارات الخضراء الصديقة للبيئة مقدمة في الأسواق عام 2008 Tesla Roadster و التي تتميز بالأداء الجيد في قطع المسافات .
أما احدث سياراتها كان عام 2016 التي غيرت مفهوم أداء البطاريات الضعيف للسيارات الكهربائية فقد توصلت لتقنية الشحن السريع الذي من الممكن ألا يتجاوز النصف ساعة قاطعة مسافة تصل ل350 كم في شحن البطارية الواحد .
شحن السيارات الكهربائية
بما أن شحن السيارات الكهربائية يعتمد على الكهرباء و كما هو معروف يمكن الحصول عليها إما بالطريقة التقليدية ( توليد بمصادر الوقود الاحفوري ) أو من مصادر الطاقة المتجددة ، و سعيا لحياة مستدامة خضراء حفزت الشركات المصنعة و الحكومات على اعتماد هذه السيارات على الطاقة الخضراء سواء من إنشاء منصات شحن تعتمد على الخلايا الشمسية أو الرياح أو من الشحن المنزلي ، حيث تضاف في هذه الحالة قيمة الشحن إلى فاتورة المنزل في حال الشحن التقليدي أو من الألواح الشمسية في حال تركيبها على الأسطح .
هنالك الكثير من التوقعات التي تشير إلى أن تقنية السيارات الكهربائية تعترضها الكثير من العراقيل منها عدم وجود البنى التحتية لانتشارها من محطات و منصات شحن ، لكن تسعى العديد من الشركات المصنعة للسيارات بالتعاون مع الحكومات و المنظمات إلى الاستفادة من محطات الوقود التقليدية الموجود لتركيب منصاتها و في مراكز التسوق و بذلك تعمل على إنشاء شبكات متكاملة تساعد على تسهيل و انتشار السيارات بقوة أكبر .
أسواق السيارات العالمية
تشهد الساحة العالمية في الوقت الحالي سباقات بين شركات إنتاج السيارات لتطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية حيث جاءت شركة تيسلا في المقدمة بالإضافة لشركات أخرى مثل فورد ونيسان ..، حيث كان التوجه لزيادة الاستثمار من خلال تطوير بطاريات الليثيوم المستخدمة للتوصل لشحن أفضل بوقت أقل .
إن تشجيع الأبحاث و الدراسات الحالية على تطوير التقنيات المستخدمة في عمل هذه السيارات جعل من التنبؤات المستقبلية لازدهار هذه الصناعة ذات طابع ايجابي بالرغم من الانتقادات الكبيرة التي تواجهها من عدم وجود بنى تحتية مؤهلة لها ، حيث تشير التوقعات أنه بحلول عام 2040 ستصبح نسبة السيارات الكهربائية 35% من إجمالي السيارات العالمية.
كما أن انخفاض كلفة بطاريات الليثيوم سيساعد على ازدياد الطلب عليها .
أما بالنسبة للسنوات القريبة القادمة ستصل نسبة السيارات الكهربائية إلى 8% بحلول عام 2020 بينما السيارات الهجينة إلى 20% و لتحصل السيارات ذات مواصفات رفاهية عالية على نسبة 2% من إجمالي السيارات العالمي .
تسعى العديد من الدول على تشجيع المواطنين على اقتناء هذا النوع من السيارات من خلال الإعفاء من الضرائب لمدة عشر أعوام كما فعلت ألمانيا ، و هنالك دول عربية مثل لأردن قد اتجهت بشكل فعلي و عملي لتسهيل إجراءات دخولها للبلاد من خلال الإعفاء الجمركي و الضرائب و بناء منصات الشحن للتزويد بالوقود الكهربائي .
هنالك الكثير من التساؤلات فيما إذا كانت هذه السيارات الخضراء قادرة على الصمود إمام الانخفاض الكبير في أسعار النفط و الكلفة العالية لأسعارها و تبقى السنوات القادمة كفيلة بإظهار مدى قدرتها على الدخول السريع و القوي في الأسواق العالمية و خاصة مع التكنولوجيا الداعمة لها .