مرايا

موسكو تصعد ضد واشنطن وتسعى لحشد تأييد دولي لموقفها في شرق الفرات

|| Midline-news || – الوسط
وسعت موسكو لائحة اتهاماتها ضد واشنطن، فيما بدا أنها حملة منظمة تشنها على المستويين العسكري والدبلوماسي، تهدف إلى مواجهة التحركات الأميركية في منطقة شرق الفرات، ومحاولة إقناع بلدان أخرى بتأييد مواقفها، وهو ما برز من خلال تنظيم وزارة الدفاع الروسية أمس، عرضاً واسعاً للتطورات في سوريا، دعي إليه الملحقون العسكريون الأجانب، وممثلو البعثات الدبلوماسية.
وبعد مرور واحد على تعليقات قوية صدرت من الكرملين، حملت إدانة لـ«خطط إقامة كيانات بديلة في شمال سوريا» انضمت وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان إلى الحملة، من خلال عرض ما وصفته موسكو بأنه «وقائع ومعطيات تعكس حقيقة ما يجري على الأرض السورية»، وفقاً لرئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف. في حين وصفت الخارجية التحركات الأميركية في سوريا بأنها «أنشطة مشبوهة».
وكان لافتاً أن موسكو تجاهلت لليوم الثاني على التوالي تصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري، حول التوجه إلى إنهاء مساري آستانة وسوتشي، إذا فشلت جهود تشكيل اللجنة الدستورية قبل حلول منتصف الشهر الجاري. وزاد أن واشنطن قد تستخدم آليات جربتها في العراق، في إشارة إلى احتمال فرض مناطق حظر جوي في الشمال. ولم يصدر تعليق روسي بشكل مباشر على التلويح الأميركي؛ لكن محللين رأوا أن تصاعد لهجة الاتهامات الروسية يهدف إلى مواجهة لجوء محتمل لواشنطن إلى مجلس الأمن، وحرمان واشنطن من دعم دولي لتحركاتها.
واتهم غيراسيموف الولايات المتحدة بمحاولة إنشاء كيان كردي مستقل عن دمشق شمال سوريا. وقال للملحقين العسكريين الأجانب، إن «الوضع شرقي الفرات يتأزم بشكل حاد، وتحاول الولايات المتحدة المراهنة على الأكراد السوريين لإنشاء كيان شبيه بدولة، مستقل عن دمشق شمال البلاد، ونشطت تحركاتها لتشكيل حكومة ما يسمى فدرالية شمال سوريا الديمقراطية».
وذكر أن «الأميركيين عبر دعم التوجهات الانفصالية للأكراد بالآليات العسكرية، يسمحون لهم بمضايقة القبائل العربية».
وجدد غيراسيموف اتهامات لواشنطن بالتغاضي عن نشاط الإرهابيين في مناطق نفوذها، بهدف استخدامهم في تحقيق أهدافها السياسية، موضحا أن «مسلحي (داعش) موجودون في شرق الفرات فقط، في المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة، وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي انتهت العملية النشطة للقضاء على العصابات في سوريا. وفي الوقت الحالي يوجد مسلحو (داعش) في شرق الفرات فقط، في المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة، في حين تتركز بقايا الجماعات المسلحة بقيادة (جبهة النصرة) داخل منطقة وقف التصعيد في إدلب».
وأكد أن «الخلايا النائمة» لتنظيم داعش بدأت في النشاط وتوسيع مناطق نفوذها شرق الفرات، مشيراً إلى أنه «في غرب سوريا كانت هناك مجموعات متفرقة من المسلحين، كما كانت هناك خلايا نائمة لـ(داعش)، إلا أن القوات السورية، والأجهزة الأمنية، تمكنت من تصفيتها والسيطرة على الوضع بشكل كامل». منتقداً «عدم اتخاذ تدابير مماثلة في شرق البلاد». وزاد أن «التحالف بقيادة الولايات المتحدة و(قوات سوريا الديمقراطية) التابعة له، غير قادرين على إحكام السيطرة على تشكيلات (داعش) في بلدة هجين».
وقال غيراسيموف إن النشاط الأميركي يتخذ «منحى تخريبياً» ليس في الشمال وحده؛ مشيراً إلى أن روسيا عرضت على الولايات المتحدة إزالة القاعدة في التنف، وفرض سيطرة مشتركة هناك؛ لكن الولايات المتحدة «لم تستجب لعرضنا».
وأوضح: «من جانبنا، اقترحنا القضاء على المنطقة وفرض سيطرة روسية أميركية مشتركة على المعبر الحدودي؛ لكن الشركاء الأميركيين تركوا مقترحاتنا من دون إجابة». علماً بأن هذا الملف نوقش عدة مرات خلال الشهرين الأخيرين، على مستوى خبراء عسكريين من الولايات المتحدة وروسيا والأردن، الذي أبدى مخاوف من استمرار الوضع القلق في منطقة التنف ومخيم الركبان للاجئين.
وفيما بدا أنه حصيلة لنتائج العمليات العسكرية في 2018، عرضت أمام الدبلوماسيين الأجانب، قال المسؤول العسكري: «خلال هذا العام، نجحت القوات الحكومية السورية، التي حصلت على خبرة قتالية كبيرة تحت قيادة المستشارين العسكريين الروس، في إجراء عمليات للسيطرة على مناطق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية والجنوبية وحمص. في الوقت نفسه، تم القضاء على أكثر من 23 ألف مسلح، وتحرير 387 حياً سكنياً من أيدي المتطرفين». وأضاف أن هذه «النجاحات» قوبلت بعراقيل من جانب الغرب الذي «عطل طويلاً إجراء عملية إنسانية خلال المرحلة الأخيرة من تحرير ريف دمشق من الإرهابيين».
ولم يفوت غيراسيموف فرصة شن حملة جديدة ضد منظمة «الخوذ البيضاء»، التي وصفها بـ«منظمة إنسانية زائفة»، وقال إنها صورت في أبريل (نيسان) الماضي مشاهد عن «استعمال القوات الحكومية للأسلحة الكيمياوية في دوما»، ما أدى إلى استفزاز واشنطن وحلفائها لشن ضربة ضد سوريا، مضيفاً: «تم استعمال 105 صواريخ مجنحة. القوات السورية استطاعت صد الهجمات الصاروخية بنجاح».
وفي توسيع للائحة الاتهامات ضد واشنطن، قال رئيس الأركان إن الاستخبارات الروسية رصدت بشكل دوري دخول قافلات نفط من شرق سوريا إلى أراضي تركيا والعراق، ورأى أن واشنطن تتغاضى عن عمليات واسعة لنقل النفط السوري إلى البلدين المجاورين. وأوضح أن «وسائل الاستطلاع الروسية سجلت مرور قوافل تنقل النفط، قادمة من المناطق الشرقية من سوريا، التي يسيطر عليها التحالف، متوجهة إلى أراضي تركيا والعراق. في الوقت نفسه، الأموال الآتية من بيع المنتجات النفطية، تذهب إلى تمويل إرهابيي (داعش)».
بالتزامن، اتهمت الخارجية الروسية بدورها الأميركيين بـ«تفعيل خطط لتقسيم سوريا» وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، إن «الوجود غير القانوني للقوات الأميركية في سوريا يهدف إلى تقسيم دولة ذات سيادة».
وزادت أنه لا يمكن وصف «الأنشطة المشبوهة» التي يقوم بها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في سوريا، إلا بأنها تدعو لقلق متزايد.
وربطت بدورها بين التحركات الأميركية في الشمال، وما وصفته بأنه «احتلال أميركي» لمناطق في الجنوب السوري، مشيرة إلى أن «واشنطن تحتل بشكل غير شرعي منطقة مساحتها 55 كيلومتراً حول قاعدة التنف؛ حيث يتصرف الأميركيون هناك وكأنهم أصحابها». وزادت أنه «من وجهة نظر أوسع، نرى أن هدف الوجود الأميركي غير الشرعي بات واضحاً، وهو يتمثل في محاولة اللعب بالورقة الكردية، والسعي نحو تقسيم سوريا، بغض النظر عن التصريحات الرسمية التي تزعم الالتزام بوحدة أراضي سوريا».
وكانت زاخاروفا اتهمت واشنطن بالسعي إلى تقويض جهود التسوية السياسية في سوريا. وقالت إن الولايات المتحدة «لا تبدي اهتماماً بالجهود الرامية إلى تسوية سلمية في هذا البلد».
ورأت أنه «يبدو أن الشركاء الأميركيين لديهم وجهات نظرهم الخاصة حول سوريا، وهم قليلو الاهتمام بإنجاح جهود التسوية». وكانت واشنطن قد قاطعت اجتماعات جولة المفاوضات في آستانة الأسبوع الماضي، قبل أن يعلن جيفري عن ضرورة إنهاء هذا المسار، وعودة الأطراف لتفعيل مسار جنيف للتسوية السياسية.
وتطرقت زاخاروفا إلى الوضع في إدلب، وقالت إن المسلحين «يستمرون في الاستفزازات اليومية في منطقة خفض التصعيد في إدلب». وأشارت إلى أن موسكو على الرغم من ذلك تواصل مع أنقرة «تنفيذ الاتفاق على الاستقرار ووقف التصعيد في منطقة إدلب في سوريا، الذي توصل إليه رئيسا روسيا، فلاديمير بوتين، وتركيا، رجب طيب إردوغان، في سبتمبر (أيلول) في سوتشي، ويبذل الجانب التركي جهوداً لفصل الإرهابيين عن المعارضة المعتدلة. وعلى الرغم من ذلك، لا يخضع جميع المتطرفين لأمر إنشاء حزام طوله 20 كيلومتراً من المنطقة المنزوعة السلاح، وحتى الآن، لا يمكن وقف الاستفزازات التي يقوم بها المتشددون يومياً، والتي تهدف إلى تعطيل العمل الروسي التركي».
واتفق الرئيسان بوتين وإردوغان في سوتشي، سابقاً، حول إقامة منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية، على امتداد خط التماس بين الجيش السوري والجماعات المسلحة. كما وقع وزراء دفاع البلدين على مذكرة تفاهم بشأن استقرار الوضع في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك