مدينة الطبقة السورية في مهب المعارك والتجاذبات
|| Midline-news || – الوسط ..
دخلت الحملة للسيطرة على مدينة الطبقة الواقعة غرب مدينة الرقة بنحو 50 كيلومتراً ، يومها الـ21 ، في ظلّ تقدم بطيء لقوات سورية الديمقراطية ، التي تخوض معارك منذ أشهر عدة في إطار عملية “غضب الفرات” ، المدعومة من أميركا بذريعة طرد داعش من معاقله في شرق سورية .
الأنباء الواردة من مدينة الطبقة وريفها متضاربة بشكل ملفت ، في ظل انقطاع للاتصالات بشكل شبه كامل ، وبسبب عدم وجود ناشطين حياديين يمكن الاعتماد على معلوماتهم . لكن من المؤكد أن ” قوات سورية الديمقراطية ” أحكمت الطوق حول مدينة الطبقة من كل الاتجاهات لعزلها ، ولم يعد لعناصر داعش الذين ما زالوا داخل المدينة وسدّها ممر آمن للانسحاب . ما أكد فرضيات اندلاع معارك عنيفة ، شبيهة بمعارك خاضها مقاتلو التنظيم في مدينتي الباب ومنبج ، في ريف حلب الشمالي الشرقي . وسيطرت قوات سورية الديمقراطية على منطقة الكرين في غربي الطبقة ، وعلى المطار العسكري في جنوبها الشرقي ، وعلى قرية الصفصافة في شرقها ، كما تمركزت على مدخل سد الفرات الشمالي ، بعد سيطرتها على قرية السويدية ، شمال شرقي مدينة الطبقة ، الشهر الماضي إثر معارك كبيرة مع داعش .
مصادر في قوات سورية الديمقراطية أكدت أنها تتقدم باتجاه مدينة الطبقة من الجهة الشرقية ، مع استمرار الاشتباكات على الطريق الدولي من جهة مدينة الرقة ، والمؤدي إلى الطبقة من الجهة الجنوبية . وأشارت المصادر إلى مقتل عدد من مقاتلي التنظيم .
وتأتي أهمية مدينة الطبقة، الواقعة شرقي العاصمة دمشق بنحو 500 كيلومتر ، من كونها تحتضن سد الفرات الذي يعد أكبر السدود السورية ، ويحتجز خلفه بحيرة كبرى يصل طولها إلى نحو 80 كيلومتراً ، وعرضها في بعض الأماكن إلى 5 كيلومترات ، كما تعد خط الدفاع الأخير الحقيقي والفعال عن مدينة الرقة ، لذا من المرجح أن يحاول داعش التمسك بها حتى آخر لحظة ، خصوصاً أن خطوط الانسحاب لما تبقّى من مقاتليه داخلها باتت مقطوعة .
ورفض قياديون في قوات سورية الديمقراطية الخوض في تفاصيل الخطة العسكرية التي تتبعها هذه القوات في التعاطي مع معضلة سد الفرات ، الذي يعد من أهم قواعد داعش في الطبقة ، إلا أن مصادر مطلعة مقرّبة من قوات سورية الديمقراطية أكدت أنه سيجري تحييد السد في الوقت الراهن . وأشارت المصادر إلى أن الأولوية الآن فرض السيطرة على الجزء الجنوبي من مدينة الطبقة ، وهو ما يُعرف بالقرية القديمة ، ومن ثم الانقضاض على الجزء الشمالي من المدينة الذي يقع قربه السد .
ورأى مراقبون أن تكرار سيناريو مدينتي الباب ومنبج ، قائم في حال قرر داعش الدفاع عن مواقعه في الطبقة ، في ظل ورود أنباء غير مؤكدة عن قيامه بحفر أنفاق دفاعية في المدينة ، وقرب سد الفرات . وكانت منبج أسيرة معارك دامت شهرين ، قبل سيطرة قوات سورية الديمقراطية عليها بعد إطاحة داعش ومقتل عدد كبير من المدنيين نتيجة المعارك ، والقصف الجوي والمدفعي . كما تمكنت فصائل مغارضة مسلحة سورية مدعومة من تركيا فيما يسمى عملية ” درع الفرات ” ، من طرد مقاتلي داعش من مدينة الباب والسيطرة عليها ، بعد أشهر من المعارك التي قُتل فيها العشرات من المدنيين .
وذكرت مصادر محلية أنه ” لا يزال الآلاف في مدينة الطبقة ممّن لم يتمكنوا من الخروج منها ، أسوة بآلاف غيرهم . ولفتت مصادر محلية إلى أنه ” بقي في مدينة الطبقة نحو ثلاثين ألف مدني يعيشون في ظروف بالغة السوء “، مشيرة إلى أن ” الوضع الطبي في المدينة متدهور “، مطالبة بـ” توفير ممرات آمنة للمدنيين للخروج من المدينة التي وجدت نفسها ضحية صراعٍ دامٍ ، من الممكن أن يؤدي إلى تدمير جزء كبير منها “.
كما نقلت “قوات سورية الديمقراطية” مخيماً أقامه أهالي قرى الصفصافة ، وبرية الصفصافة ، ومزرعة الصفصافة ، إلى سرير نهر الفرات ، شمال هذه القرى ، بذريعة إبعادهم عن ساحة المعركة . حيث تقع القرى الثلاث في مرمى قذائف القوات المتحاربة في مدينة الطبقة .
الطبقة لها أهمية استثنائية كونها نقطة وصل بين محافظات سورية عدة ، ويمرّ إلى الجنوب منها طريق دولي يربط حلب بالرقة ودير الزور ، ويتفرّع منه طريق لا يقل أهمية يربط الرقة بحماة ، وحمص ، ومن ثم دمشق العاصمة . ويقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة الطبقة مطار عسكري سيطرت عليه ” قوات سورية الديمقراطية ” أواخر الشهر الماضي ، في ظل مؤشرات على نيّة الولايات المتحدة تأهيله ليصبح قاعدة جوية لها في شرق سورية ، ربما لمنافسة قاعدة أنجرليك في جنوب تركيا في حال قررت واشنطن الاستغناء عن الأخيرة .