إعلام - نيوميديا

محمد سيد أحمد – مكتسبات ثورة يوليو بين عبد الناصر والسادات !!

|| Midline-news || – الوسط  ..

ثورة 23 يوليو 1952 التى مازال بعض الكارهين لها ولقائدها يصفها بالانقلاب العسكرى فى محاولة لتشويهها, لكن هذه المحاولات الفاشلة لا يمكن أن تصمد أمام العلم كثيرا, فمن المعروف والثابت والمستقر والمتفق عليه فى أدبيات العلوم الاجتماعية والسياسية أن الثورة ” هى إحداث تغيير جذرى فى بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ” هذا هو جوهر مفهوم الثورة.

لذلك يمكننا التأكيد بما لا يدع مجال للشك أن الثورات لا يحكم عليها إلا بنتائجها, فإذا أحدثت تغييرا جذريا فى بنية المجتمع وأحدثت تغييرا حقيقيا فى خريطته الطبقية المختلة وأعادتها الى توازنها بحيث تبرز الطبقة الوسطى على حساب الطبقات الدنيا الفقيرة والكادحة والمهمشة نكون هنا أمام ثورة حقيقية, وإذا لم يحدث التغيير الجذرى فى بنية المجتمع وظلت الخريطة الطبقية المعتلة كما هى فأننا أمام أى شيئ آخر غير الثورة.

لذلك نستطيع أن نقول وبقلب وضمير مستريح وبعيدا عن أى مواقف غير موضوعية أن ثورة 23 يوليو 1952 هى الثورة الحقيقية الوحيدة حتى اللحظة الراهنة فى تاريخ الشعب المصرى, لأنها الثورة الوحيدة التى أحدثت تغييرا جذريا فى بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية, وهى الثورة الوحيدة فى تاريخنا التى انتصرت للفقراء والكادحين والمهمشين ومكنتهم من حقوق المواطنة, وهو ما أدى الى حدوث حراك اجتماعى صاعد لقطاعات واسعة من أبناء الشرائح الطبقية الدنيا تمكنوا من العبور والصعود والاستقرار بكرامة فى فناء الطبقة الوسطى.

فخلال الأيام الأولى لثورة يوليو كانت المواجهة مع القوى الاقتصادية المسيطرة المتمثلة فى رموز الاقطاع, فكان صدور قانون الاصلاح الزراعى ضربة قاضية أحدثت تغييرا جذريا فى البنية الاقتصادية والاجتماعية انعكست على شكل الخريطة الطبقية للمجتمع المصرى, تبعتها ضربات سياسية لتغيير جذرى فى البنية السياسية التى كانت حكرا على مجموعة من الأحزاب التى يتربع عليها مجموعة من البشوات والبهوات والأفندية بعيدا عن الجماهير الشعبية, فجاءت هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى تنظيما سياسيا جامعا لقوى الشعب العامل, ولأول مرة يتم تمكين جموع المصريين من المشاركة السياسية وإمكانية الصعود للسلطة, فكانت نسبة 50 % للعمال والفلاحين فى المجالس المنتخبة تمييزا ايجابيا لظلم تاريخى, ثم نص دستور 1956 على حق المرأة فى الترشح للبرلمان خطوة سبقت فيها مصر بريطانيا العظمى التى لم يمكن دستورها المرأة من الترشح إلا فى عام 1958, وهنا تغييرا جذريا فى البنية السياسية, ثم كان التعليم المجانى ودعم الدولة للعلوم والفنون والثقافة الجماهيرية تغييرا جذريا فى البنية الثقافية للمجتمع المصرى.

هذا التغيير الجذرى فى بنية المجتمع المصرى الذى انعكس على الخريطة الطبقية المختلة قبل ثورة 23 يوليو 1952 والتى كان يتم فيها الفرز الاجتماعى على قدم وساق حيث الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا, فجاء جمال عبد الناصر بثورته لينحاز للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين والمهمشين, فكانت مجمل سياساته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية تصب فى صالح هؤلاء لذلك عند رحيله فى 28 سبتمبر 1970 كان قد أنجز جزء كبير من مشروعه الوطنى وحصل الفقراء والكادحين والمهمشين على حقوق ومكتسبات لم يحصلوا عليها طوال التاريخ المصرى.

ثم جاء الرئيس السادات لينقلب على ثورة 23 يوليو عبر ثورة مضادة أحدثت أيضا تغييرا جذريا فى بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية, وغيرت الخريطة الطبقية بشكل واضح, لكن للآسف الشديد التغييرات الجديدة كانت سلبية على المستفيدين من مكتسبات ثورة يوليو, فعندما أعلن السادات عن سياسة الانفتاح الاقتصادى كان ذلك تغييرا جذريا أعاد المجتمع المصرى لعملية الفرز الاجتماعى من جديد حيث الغنى يزداد غنى والفقير يزداد فقرا وبالطبع تختفى الطبقة الوسطى, ثم يعلن الرجل عن التعددية السياسية فتتحول المسألة لسيطرة مجموعة من رجال المال على السلطة, ومع الانفتاح تنتشر قيم الواسطة والمحسوبية والرشوة والغش والفهلوة وينهار التعليم وتختل المنظومة الثقافية.

ومن هنا يتضح أن مكتسبات ثورة 23 يوليو 1952 التى صنعها جمال عبد الناصر بسياساته المنحازة للفقراء والكادحين والمهمشين, قد قضي عليها السادات عبر ثورته المضادة والتى مازالت مستمرة حتى الآن, وإذا ما أردنا تصحيح المسار فعلينا أن نعود مرة أخرى الى سياسات منحازة للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين والمهمشين, وهذا بالطبع يتطلب مواجهة مباشرة مع رموز الثورة المضادة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافياً .

اللهم بلغت اللهم فاشهد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك