مجلس الأمن الدولي ….. “عيونه خضر”
د . فائز حوالة ..
|| Midline-news || – الوسط ..
لم يعد خافياً على احد بان الحرب الدبلوماسية بين اقطاب العالم تزداد يوماً بعد يوم سواء من حيث جدتها او من حيث لهجتها والسبب كما تعودنا هو الموضوع السوري , وحدة هذه الحرب تزداد بشكلي طردي مع كل تقدم يحققه الجيش العربي السوري وحلفائه في عملياته الجارية على الارض السورية والهادفة الى القضاء على الارهاب .
ارتفعت لهجة هذه الحرب الدبلوماسية تحديداً بعد إطباق الحصار التام على الارهابيين المتمترسين في احياء حلب الشرقية والذين اتخذوا من المدنيين دروعاً بشرية كمحاولة منهم لتأخير تقدم الجيش العربي السوري والحلفاء ، لأسباب إنسانية بحتة متمثلة بالحفاظ على ارواح هؤلاء المدنيين الذين مُنعوا من الخروج وقُتل العديد منهم عند محاولته ذلك ،كما تم نشر القناصين وتلغيم الممرات والطرق المؤدية إلى تلك المناطق .
ومع دخول شهر تشرين الاول \ اكتوبر من هذا العام وترأس روسيا الاتحادية لمجلس الأمن الدولي تقدمت فرنسا واسبانيا بمشروع قرار الى مجلس الامن الدولي حول حلب لاقراره , ولكن المندوب الدائم لروسيا الاتحادية ورئيس مجلس الأمن الدولي فيتالي تشوركين رفض قبول طرح هذا المشروع بسبب عدم موضوعيته ، وأشار الى أن روسيا سوف تتقدم بمشروع قرار خلال الشهر الجاري حول سورية .
السؤال الذي يطرح نفسه هنا .. لماذا في هذا التوقيت تتقدم فرنسا واسبانيا بمثل هذا المشروع ؟.
بكل تأكيد الجواب البديهي والفعلي هو تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه على مختلف الجبهات ، لكن هذا ليس السبب الوحيد اذ ان هناك اسباباً اخرى لاتقل اهمية عن ذلك تتعلق بجوانب شتى وفي مناطق مختلفة في العالم ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
- تشويه سمعة روسيا الاتحادية :
لطالما حرص الطرف الداعم للارهاب وضمن حربه الاعلامية المعلنة على روسيا الاتحادية على تشويه سمعتها امام الرأي العام العالمي وتصويرها بأنها العقبة الأساسية امام التسوية السياسية الشاملة في سورية ، ولازالت مستمرة حملة الفبركة والتضخيم الاعلامي حول قصف المشافي ” غرف العمليات الارهابية ” في حلب تحديداً ” وتجويع المدنيين المحاصرين ” في حلب ” ” وقطع الغذاء والدواء على المحاصرين ” في حلب ” والصور الافلام التي نشروها عبر اعلامهم عن ان القصف يطال المدنيين والاطفال والنساء ” في حلب ” , وصولاً الى ان القصف يتم بالاسلحة المحرمة دوليا ” صواريخ ارتجاجية , صواريخ فراغية , قنابل عنقودية , قنابل فوسفورية …. الخ ” ، كل ذلك من اجل ان تبدو روسيا الاتحادية وكأنها قاتلة الشعوب وضحاياها من المدنيينوجاء طرح مشروع القرار من قبل فرنسا واسبانيا ضمن هذا الاطار ، في محاولة لإحراج روسيا في أول ايام رئاستها لمجلس الأمن وتسجيل نقطة أن موسكو تعرقل مشاريع إنسانية ضد سوريا الدولة التي تقدم لها روسيا كل الدعم العسكري والسياسي .
- الاستثمار الفرنسي في الانتخابات الرئاسية :
فالكل يعلم بان الانتخابات الرئاسية القادمة في فرنسا ستكون في شهر ايار من العام القادم وان الرئيس الفرنسي الحالي ليس لديه اي احتمالات لإعادة انتخابه رئيساً لفترة قادمة وان شعبيته في الحضيض , لذلك كان تقديم مشروع هذا القرار كوسيلة لرفع شعبية الرئيس الفرنسي .
- استثمار أميركي لعامل الوقت :
وهي الورقة التي تراهن عليها ادارة الرئيس الامريكي الحالي ظناً منها انها ستؤثر على القرار الروسي وتدفع بروسيا للقبول بتنازلات في مواضيع عدة وفي مناطق مختلفة من العالم , فإدارة الرئيس اوباما مثلاً تخلت عن موضوع تنحي الرئيس بشار الاسد كشرط اساسي لبدء العملية السياسية في سورية , وهي قبلت بمشاركة الرئيس الاسد في الانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية ، وهي من خلال قانون ” جاستا ” اظهرت بانها تعمل وفق القرار الدولي 2253 الداعي الى القضاء على مصادر الارهاب ، وهي عملت على تحجيم مايسمى بجيش سورية الديموقراطية وأمرته بالانسحاب الى الضفة الشرقية لنهر الفرات ، وهي وسعت نطاق تصنيفها للمجموعات الارهابية على الاراضي السورية ، هذه الخطوات وغيرها تعتبرها الولايات المتحدة تنازلات وعطاءات سخية ، وهي تماطل وتراهن على الوقت لتحصل في المقابل على تنازلات من الطرف الروسي لاتقل عن تنازلاتها .
ويبقى السؤال المطروح وبعد كل هذا التصعيد من الطرف الامريكي وحلفائه وتابعيه ضد الطرفين الروسي والسوري تحت غطاء مجلس الامن الدولي , هل ستحصل امريكا على ماتريد ؟ وهل ستتنازل عن عنجهيتها وفرض ارادتها على كل دول العالم كما فعلت خلال اكثر من 25 عاماً ؟ .
ام ستقبل بالنزول من أعلى الشجرة لتتقاسم مع روسيا المصالح المشتركة في ظل احترام القانون الدولي وبشكل خاص عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وقلب انظمة الدول تحت اي ظرف او اي مسمى ؟؟؟ ام ان جنون العظمة الامريكية سيدفعها الى الانعطاف من الحرب بالوكالة وادارة الحروب الى الحرب المباشرة والمواجهة المباشرة ؟ .
لا اعتقد بان الولايات المتحدة تمتلك الرغبة في اشعال حرائق اكثر مما اشعلت وخاصة في السنوات الست السابقة لانها على دراية تامة بان اشعال حرب جديدة ستكون بكل تأكيد داخل الاراضي الامريكية , وهو ما لاتستطيع احتماله لانها ستخرج ضعيفة مفككة عاجزة لاتملك مقومات الضغط وتسيير الدول التابعة لها على اقل تقدير .
وما التصعيد الامريكي الاخير ، وخاصة موضوع وقف الاتصالات الامريكية الروسية والتنسيق بالموضوع السوري والتصعيد في اللهجة الدبلوماسية , الا محاولة نهائية منها للاستفادة من الوقت وانطلاقا من مبدأ ” اذا اردت السلام فتجهز للحرب ” فلا هي بقادرة على استخدام محكمة الجنايات الدولية ، ولاهي بقادرة على فرض العقوبات الاقتصادية ، ولاهي بقادرة اليوم على استخدام صندوق النقد الدولي بمفردها ، واخيراً هي عاجزة تماما عن الحصول على قرار واحد يسهل لها فرض نفسها وسياساتها في أية دولة في العالم ….. فعلا مجلس الامن الدولي ….. ” عيونه خضر ” .