فضاءات

لا يمكن للحرب أن تكون امرأة !..

|| Midline-news || – الوسط  ..

الحرب من صنع الرجال لأن الأنوثة لا يمكن أن تبتكر خرابًا ، فحتى حين يفرض على بعضهن القتال لواجب وطني لا تموت الأنثى التي بداخلهن ، بل تحتجب قليلًا لينقشع الرصاص ، وحتى السلاح الذي يبدو أنيقًا بأيديهن لا يقوى على قتل المرأة فيهن .

يبدو كتاب سفيتلانا ألكسييفتش عن الحرب منظورًا إليها بعيون مئات النساء عملًا استثنائيًا بحق . جرى منذ نشره للمرة الأولى في عام 1985 توسيعه وتحديثه بانتظام .

بلغت مبيعات The Unwomanly Face of War “وجه الحرب اللانسائي” أكثر من مليوني نسخة في أنحاء العالم. وصدر الآن للمرة الأولى بالانكليزية، ليعيد إلى الحياة عالم الجنود والممرضات وعمّال مصانع الذخيرة والنساء اللواتي بقين وحيدات.

بشهادة التفاصيل ..

تقول ألكسييفيتش في تقديمها لكتابها ” وجه الحرب اللاإنساني ” ( The Unwomanly Face Of War المكون من 384 صفحة بطبعته الورقية ، منشورات راندوم هاوس – نيويورك ) تقول إن هذه قصص يجب أن تُسمع ، مشيرة إلى أن ” لحرب النساء ألوانها الخاصة وروائحها الخاصة وإنارتها الخاصة ونطاقها الخاص من المشاعر، ومفرداتها الخاصة “. وتضيف إنه ” ليس هناك أبطال أو مآثر ، بل هناك بشر بسطاء منشغلون في عمل أشياء إنسانية إلى حد لا إنساني ” .

تُسمّى الحرب العالمية الثانية ” الحرب الوطنية الكبرى في روسيا ” . وكما يوحي العنوان فإن لها تاريخها الرسمي ، وإن وضعه موضع تساؤل يكون كفرًا . تروي ألكسييفيتش كيف أن النساء اللواتي قابلتهن كنّ مترددات في البداية ، ولكن حين بدأن ، لم يتوقفن عن الكلام . نتيجة لذلك هنّ يتكلمن رغم أنفسهن تقريبًا وكأنهن يتحدثن عن شيء حدث لأحد آخر .

النساء أنفسهن وكذلك الرجال الذين قاتلن معهم كانوا قلقين من ألا يصوّروا حجم ” الانتصار العظيم ” بما يستحقه من الدقة في أحاديثهم . تقول ألكسييفتش إن ” التفاصيل ” الصغيرة هي ما تهمّها في هذه الشهادات ، مثل صحون البطاطا المهروسة والحساء ، التي لا يأكلها أحد ، لأن من بين 100 شخص لم يعد إلا سبعة من المعركة ، أو كيف إنهم بعد الحرب لم يتمكنوا من زيارة السوق والنظر إلى صفوف اللحم الأحمر.

القتل غليًا ..

رغم أن الكثير من الشهادات هي قصص عن الحرب والحياة على الجبهة، فإن المؤلفة تُطعّم هذه الشهادات بتعليقات ، منها الصعوبة التي واجهت النساء في الحديث ، وكيف أن أحاديثهن الجانبية كانت تكشف عن ذكريات أخرى في أحيان كثيرة .

فحين تقابل المؤلفة فالنتينا تشوداييفا ، التي كانت قائدة بطارية مضادة للجو ، كانت صديقتها ألكساندرا تقاطعها بذكرياتها هي عن حصار لينينغراد . تتذكر كيف أن امرأة عجوزًا كانت تتمرن على تسديد مغرفتها المليئة بالماء المغلي من نافذة بيتها ، ليكون عندها سلاح تستخدمه ضد الفاشيين إذا غزوا مدينتها . قالت هذه المرأة ” أنا عجوز، وليس هناك شيء آخر أفعله ، لذا سأسلقهم بالماء المغلي ” .

جمعت ألكسييفيتش هذه الشهادات حسب الموضوعات ، مثل ” الحياة اليومية والحياة الضرورية ” ، و” الموت والدهشة في مواجهة الموت ” ، و ” وحدة طلقة وكائن بشري ” . يدور فصلان من أشد فصول الكتاب تميزًا وتأثيرًا حول الجمال والحب ، مثل ” كيف يستطيع المرء أن ينام سنوات في خنادق ضحلة أو على أرض عارية قرب النار ، ويمشي بجزمة ثقيلة ومعطف ثخين ـ ولا يضحك ويرقص ؟ ، ولا يرتدي ملابس صيفية ؟ ، وينسى الحذاء والزهور … كان هؤلاء في الثامنة عشرة أو العشرين من العمر!”.

الموت بأناقة !..

تروي مقاتلة برتبة رقيب كيف كانت تنام بأقراطها ، لأن ذلك كان الوقت الوحيد الذي تستطيع أن ترديها فيه . تتحدث أخرى برتبة ملازم عن غريزة أن تبدو المرأة ” حلوة ” حتى في معطف عسكري ثقيل . تتذكر جندية على الجهاز البرقي أن ضابطًا برتبة كولونيل أصرّ على استقدام حلاقة شعر للنساء المقاتلات على الجبهة . قال لهن : ” إن هذا ليس موجودًا في الأنظمة ، ولكني أُريدكن أن تكنّ حلوات . فهذه ستكون حربًا طويلة … ولن تنتهي قريبًا ” .

تضيف المسعفة صوفيا دوبنياكوفا : ” يكون المرء في أقصى حدود قوته ، بل أبعد من الحدود ، وفي النهاية يبقى خوف واحد …. أن يكون قبيحًا بعد الموت . إنه خوف المرأة … ألا تتمزق أشلاء بقذيفة . رأيتُ ذلك يحدث وجمعتُ الأشلا ء ” .

الشيء الذي وجدت النساء أكبر صعوبة في الحديث عنه ، حتى أكثر من الموت ، هو الحب ، وكيف أعدن بناء حياتهن العاطفية بعد الحرب . وخلال هذه اللحظات كن يطلبن من المؤلفة أن تحذف اسمهن الأخير .

أهمية اللا مهم ..

هناك قصص عن أزواج وزوجات ذهبوا إلى الجبهة معًا، ولكنهم لم يعودوا معًا بالضرورة، وقصص عن أزواج وزوجات يقاتلون في مواقع مختلفة، وكل منهم يتساءل كيف ستكون الحياة إذا عاد أحدهما معوقًا ـ بلا ذراع أو بلا ساق. يقول الجندي ليوبوف فيدوسنكو: “سنعيش بطريقة ما”.

قوة الكاتبة أليكسييفتش أنها تبحث دائمًا عمّا يبدو عديم الأهمية، عن اللحظات التي تبدو عابرة: بدلة زفاف خيطت من ضمادات، قطعة الشوكولاته التي تُركت تحت وسادة ضابط صغير، شعور المقاتلة وهي ترقص للمرة الأولى من جديد بعد قضاء أشهر، وهي ترتدي جزمة عسكرية أكبر من مقاسها. تقول فيف غروسكوب في مراجعتها للكتاب إن إنجاز المؤلفة رائع مثلما أن خبرات هؤلاء النساء تترك أثرًا بالغًا في النفس.

موقع إيلاف
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك