دراسات وأبحاث

كيف نجذب الأمراض والمشاكل إلى حياتنا ؟ الجزء الخامس عشر – النقد والتذمر والإدانة الدائمة للذات

د . مصطفى دليلة ..

|| Midline-news || – الوسط  ..

حينما تتذمرون من الآخر وتنتقدونه وتدينونه فإنكم بذلك تتذمرون وتنتقدون وتدينون الكون كله وخالق هذا الكون. إنكم توجهون طاقة سلبية مدمرة لهذا العالم وتجذبون بذلك الكثير من المشاكل والأمراض إلى حياتكم.

من خلال النقد نحن نحاول إظهار السلبيات في الآخر نيتنا في ذلك إيجابية وهي تقويم الآخر وإعادته إلى طريق الصواب الذي نراه نحن. لكن نحن لا ندري أننا بذلك نطلب بطريقة ما من الآخر أن يعيش في عالمه المختلف عن عالمنا ولكن على طريقتنا ووفقاً لتصوراتنا وخرائطنا بهذا العالم.

نحن نتذمر وننقد وندين لأننا لا نستطيع أن نعترف بحرية الآخر في العيش في عالمه الخاص المختلف عن عالمنا على طريقته ووفقا لتصوراته المختلفة عن طريقتنا وتصوراتنا للعيش في عالمنا الذي بنيناه لأنفسنا.

متابعة نشيطة لي تعرضت لمشكلة مع رئيستها المباشرة في العمل قلبت حياتها رأسا على عقب لمدة يومين متتاليين لم تعرف النوم والراحة خلالها. كانت تكلمني من بُعْد وهي تتوهج غيظاً وإدانة ونقداً لها، اتصلت بي طلباً للنصيحة.

  • توقفي عن الإدانة واللوم وبث مشعر الغصب والحقد والكراهية لرئيستك هذه، قلت لها وتابعت حديثي معها: أنت تبثين لها طاقة وذبذبات سلبية سوف تستقبلها وتعيد معالجتها وتعيد بثها إليك طاقة سلبية مضاعفة.
  • وما العمل يا دكتور، فقد انهرت كلياً وأصبت بصداع شديد ؟ سألتني محدثتي شبه باكية..
  • توقفي عن بث ذبذبات الطاقة السلبية وبثي لها طاقة محبة وتسامح، قلت لها.
  • هذا أمر مستحيل بعد كل ما فعلته بي، جاوبتني بعصبية ونرفزة.
  • أنت تحصلين على ما تبثينه في عالمك المحيط. تبثين محبة تحصدين طاقة محبة مضاعفة، وتبثين طاقة كراهية وحقد سوف تحصلين على طاقة كراهية وحقد مضاعفة… اختاري ما تريدينه أنت. إن كنت تريدين أن تعود العلاقات بينك وبين رئيستك في العمل ما عليك إلا أن تدخلي إلى عقلك الباطن قبل النوم، تبتسمي لها وبثيها طاقة محبة وتسامحيها.. قلت لها.
  • اتصلت بي في اليوم التالي بنبرة مختلفة كليا عن سابقتها وقالت بقرح: بادرتني مديرتي بابتسامة مع صباح الخير ودعتني لفنجان قهوة في مكتبها.
  • هكذا هي الحياة… فعل ورد فعل، قلت لها.

نقضي حياتنا كلها بالتذمر والشكوى والنقد والإدانة، نبغي من وراء ذلك دافع إيجابي وهو تغيير الآخر نحو الأفضل (الإنسان والنظام والعالم….) وخلق عالم جديد أو شخص آخر أكثر كمالا وفقاً لنسختك أنت ودون أن تدري أنك نحاول بذلك اقتحام عالم الآخر الذي سيحاول بدوره الدفاع عن حصنه الذي بناه لنفسه مستدعياً بذلك حالة عدوانية معاكسة تجاهك. هكذا نخلق حالة من الصراعات بين البشر دون أن ندري أننا نحن من نجذب هذه الصراعات إلى حياتنا.

 لا تحاولوا تغيير الآخر لأنه مهما حاولتم فلن تغيروا فيه شيئاً. إذا كنتم تريدون تغيير شيء في الآخر فابدؤوا بأنفسكم أولاً. تأكدوا أن الآخر هو انعكاس لكم، وأن ما ترونه فيه، وما تنتقدونه لأجله، وما تدينونه به موجود فيكم. “لا تدينوا كي لا تدانوا لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم”.

للحصول على نتائج جديدة مغايرة لما كنت تحصل عليها في علاقتك مع عالمك المحيط غيّر من أفكارك وسلوكك وكن ما تريد أن تراه في الآخر وسترى أن الآخر مضطر لتغيير ردة فعله وتصرفه تجاهك. وعندما تتغير سوف يتغير العالم من حولك.

عدت إلى الوطن وأنا أحمل أعلى شهادة علمية وأفكاراً “ثورجية”. لم أكن راضيا عن أي شيء في عالمنا المحيط، وكنت أنتقد كل شاردة وواردة فيه. ما زلت أذكر كيف كنت أتذمر من كل شيء. كنت أبغي الكمال في العلاقات وفي كل شيء. كنت كبقية شباب جيلي (جيل الثورة) نريد تغيير العالم لكننا لم ننتبه إلى أننا جميعنا كنا نريد تغيير العالم لكن لم يحاول أحدنا تغيير شيئاً بسيطاً في داخله. ولهذا السبب لم أدري كيف كانت تنهال عليّ المشاكل والأمراض.

تغير كل شيء في حياتي بعد أن تعاملت مع عقلي الباطن  بوعي كامل لما أريد، وبعد أن غيرت نمط تفكيري وتفاعلي مع الأحداث، غيرت ردات فعلي تجاه الأحداث وكانت النتيجة مذهلة فوق الخيال.

خلال فترة قصيرة توقفت عن النقد والتذمر، وخففت إدانتي للآخرين قدر الإمكان. أدركت أن طاقة المحبة والتسامح هي أعظم طاقة بناءة وشافية في الحياة. تعلمت كيف أحب لأكون محبوباً، وتعلمت كيف أسامح. أحببت عالمي الخارجي بكل ما فيه من تناقضات، وأصلحت عالمي الداخلي من خلال تعرفي على نفسي أكثر وهذا ما انعكس إيجابا على عالمي الخارجي. وانعكس ذلك على صحتي وعلاقاتي وكل شيء في حياتي.

“يتبع”

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك