كلٌ يحبُ دمشق “على هواه ” .. السوريون منقسمون مجدداً !
حيدر مصطفى – بيروت
|| Midline-news || – الوسط ..
انقسم السوريون مجدداً وتصاعدت وتيرة الاشتباكات الكلامية وتباعدت الآراء مرة أخرى ، والسبب هذه المرة هو المهرجان الاحتفالي الذي أقيم وسط العاصمة دمشق لتدشين صرح أو نصب ضخم لعبارة أنا أحب دمشق باللغة الإنكليزية ، وهي عبارة مجسمة تنتشر في مدن عدة حول العالم ، تعبيراً عن محبة السكان والأبناء لمدنهم .
امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمئات منشورات المدح والنقد في آن معاً ، مهرجان الألوان الذي رافق الفعالية التي أقيمت برعاية من محافظة دمشق ، شكل برؤية كثيرين تحدٍ لمشاهد الدمار والدماء وأتى تأكيداً على تمسك السوريين بثقافة الحياة ، إلا أن هجوماً عنيف شنه عدد كبير من نشطاء الفيسبوك من غير المشاركين بالفعالية ، بناء على مجموعة من الحجج والأعذار ، أولها أن لا مبرر لتجمع احتفالي راقص في وسط دمشق في وقت يعاني فيه آخرين من السوريين أوضاع إنسانية صعبة وتحديداً المقاتلين على الجبهات .
ساحة الأمويين في دمشق غصَّت بحشد غفير من الشبان والشابات ، وهو الذي غاب عنها لسنين طويلة ، نظراً للأوضاع الأمنية المتقلبة بسبب خطر استهدافها بقذائف الهاون من جهة الغوطة الشرقية التي تسيطر على عدد من مناطقها المحاذية للعاصمة جماعات إرهابية ، إلا أن ذلك لم يمنع مئات الشبان والشابات من خوض تجربة هي الأولى من نوعها في سوريا .
وعلى الرغم من أن أحد الأهداف الرئيسية للفعالية جمع مبلغ مالي للأعمال الخيرية التي ترعاها محافظة دمشق ، تعرضت الفعالية الاحتفالية لانتقادات على نطاق واسع بسبب إقدام السلطة المحلية على إغلاق عدد من الطرقات الرئيسية في العاصمة بهدف تأمين الحشد ، ولأسباب أخرى عديدة ، فبعض المنتقدين النشطاء رأوا فيها استهتاراً بمشاعر أهالي ضحايا الحرب فيما رأى آخرون أنه كان من الأجدى على السلطة أن تستقدم حافلات للشرطة العسكرية لسوق جميع الشبان المشاركين فيها إلى ساحات القتال وكأنهم فارُّون أو متخلفون عن الخدمة العسكرية ومع ذلك يتحركون وسط دمشق بكل حرية ويشاركون بفعاليات مماثلة ، الأمر الذي أثار سخط كثيرين اعتبروا كلام المنتقدين مجرد ترهات غوغائية تهدف إلى قتل كل محاولة للفرح ودون مبررات منطقية .
ومن غير المستغرب حالة الذهول الحاصلة في بعض الاوساط السورية التي لم تعتد مشاهد مماثلة في دمشق او غيرها من المحافظات ، خصوصاً أن الحرب تركت تداعيات سلبية على المجتمع السوري وساهمت في حرف عقول الكثيرين نحو الإنغلاق والتطرف وعدم قبول الأخر ، بحسب عدد من النشطاء الذي عملوا على التصدي لهجمات المنتقدين الذين بالغوا في انتقادهم ووجهوا اتهامات لا تستند إلا على رد فعلهم من صور بعض المشاركين في المهرجان ، لذلك رأى بعضهم أن الفعالية التي حصلت بمشاركة وزير السياحة السوري بشر اليازجي ، قد تكون نافذة لانتشار ظاهرة الـ ” Gays ” أو ( المثليين جنسياً ) في دمشق وسوريا ، وهو ما رد عليه عدد من الناشطين انه مغالاة في الانتقاد ، كما ربط البعض ألوان مجسم I love Damsacus مع الألوان التي اعتمدها المثليين كشعار لهم ، والألوان ذاتها مشتقة ( قوس القزح ) ،
وعلى الرغم من مشاركة طيف واسع من السوريين من بينهم عناصر عسكرية في الاحتفال ، فقد شكلت صورة لثلاثة شبان عراة الصدر محور الجدل الأبرز والتي ظهر الانقسام حولها جلياً بين مؤيد لحالة التحرر من القيود ومعترض على التصرف الذي وصفوه باللا أخلاقي فيما اعتبرها آخرون حالة عفوية وطبيعية ومنطقية في فعالية من هذا النوع ، خاصة بالمرح ومحورها مهرجان ألوان صاخب .
لكن اللافت أكثر في انتقادات البعض ، الإتهامات الغوغائية التي انهالت على الشبان الثلاثة بوصفهم شاذين جنسياً ” GAYS ” دون أدلة أو مستندات لمجرد كشفهم عن صدورهم ، بكلمات ومنشورات تستحق أن يرفع ضدها الشبان المتضررون قضايا قدح وذم، وكأن السوريون لم يعتادوا مشاهد مماثلة على الشواطئ وفي المسابح ، وكأن دمشق مدينة معصومة عن التحرر أو حركات الشبان الطبيعية هذه والتي طالما تكررت في فعاليات شهدتها سابقاً ساحة الأمويين ذاتها وغيرها من المناطق في المسيرات والفعاليات الجماهيرية وفي ملاعب كرة القدم .