رأي

  “قسد”.. جزرة ترامب في فم أردوغان ..بقلم شادية اسبر

     || Midline-news || – الوسط ..    

يبدو أن مهمة “داعش” انتهت في سورية وربما في المنطقة، ما عجز التنظيم الإرهابي عن تحقيقه ضمن مخطط تقسيم سورية، تحاول الميليشيات الانفصالية الكردية المدعومة أمريكياً انعاشه، كما تحاول تركيا العثمانية استحضار تراثها الاستعماري في المنطقة.

أكثر من شهرين مضيا على أشهرِ تغريدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص سورية، تاريخها 19 من كانون الأول الماضي، كلمات قليلة ضمن مربع أزرق أعلن عبرها ترامب في حينها سحب كامل قواته من سورية، إعلان بقي في إطاره “التويتري” ولم يطبق واقعاً، كما أنه لم يضع إطاراً زمنياً واضحاً، الواضح فقط أنه فتح تسونامي إعلامي عبر تصريحات رافضة وأخرى داعمة للقرار، بين أقطاب إدارته كما بين حلفائها وأدواتها.

دغدغ إعلان ترامب مطامع أردوغان، وهرول مرتزقة واشنطن في ميليشيات “قسد” إلى عواصم المحتلين استجداء لبقائهم، في وقت أقام ترامب بازاراته التجارية والسياسية، سياسة العصا والجزرة استخدمها مع الجميع (قسد وأنقرة وبروكسل).

هذه المرة لم يغرد ترامب، ترك المهمة للمتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز التي أعلنت التراجع عن سحب كامل القوات، وقالت إن “الولايات المتحدة ستترك مجموعة صغيرة “لحفظ السلام” مكوّنة من 200 جندي أميركيّ في سورية، هذه القوات ستبقى لفترة من الوقت بعد انسحاب القوات الأميركية”، وكما لم يحدد ترامب زمن سحب قواته المحتلة؛ لم تحدد ساندرز مدة بقاء المجموعة الصغيرة منها.

على الفور أعلنت ميليشيا “قسد” ترحيبها بالقرار الأمريكي، ما يسمى مسؤول العلاقات الخارجية فيها وصفه بالإيجابي، وبغباء تاريخي انتقل الأكراد الانفصاليون من جيب الأمريكي إلى مقصلة العثماني، فالمرحبون لم يقرؤوا بدقة التمهيد الذي سبق القرار الأمريكي، البيت الأبيض أعلن أن رئيسه دونالد ترامب اتفق مع التركيّ رجب إردوغان على مواصلة تنسيق الجهود لإنشاء ما تسمى “منطقة آمنة محتملة في سورية”، وبحثا في صيغة للانسحاب الأميركيّ “بما يضمن المصالح المشتركة للبلدين”، فكيف تستوي مصالح التركي دون القضاء على “قسد” وهو الذي يضع القضاء عليها في رأس سلم أولوياته واهتماماته ومساعيه؟ وكيف لم يستوعب المرحبون أن القرار الأمريكي والاتصال الترامبي الأردوغاني جاءا قبل اجتماع يضم القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان ورئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد مع نظيريهما التركيين في واشنطن؟.. اجتماع يضع “قسد” على طاولة البيع بعد أن كانت حصان طروادة للتدخل في سورية، وباتت اليوم حصاناً عجوزاً خاسراً، صفقة أمريكية تركية تبدو على وشك النضوج، عثماني أجير يريد قبض ثمن دوره في العدوان على سورية ومهامه في إطار المخطط الأمريكي الصهيوني المعد للمنطقة، وأبخس ثمن يدفعه الأمريكي تاريخياً في المنطقة هم الأكراد، صفقة سيخرج منها الأمريكي بنصر وهمي مزعوم على “داعش” الإرهابي، فيما يخرج التركي “بالعاً السكين” بين التزاماته في أستانا وأطماعه في سورية، وتبقى “قسد” الجزرة المربوطة بالعصا الأمريكية التي يلوح بها ترامب بين الحين والآخر في وجه أردوغان، وقد يطعمه إياها في أي لحظة، وما يؤكد ذلك مصادر عسكرية أميركية قالت أن الهدف من إبقاء هذه القوات هو “توفير قدرات لوجستية واستخبارية واستطلاعية”، بالإضافة إلى “تحفيز دول التحالف الأميركيّ لإبقاء قواتها العسكرية في سورية وضمانِ منطِقةٍ آمنة”.. عبارة حمّالة أوجه، وما خفي أعظم، هنا تظهر ملامح مساومات ترامب مع بروكسل، قبل أيام تحدث الأمريكي عن إعادة إرهابيي “داعش” إلى بلدانهم في الدول الأوروبية، تهديد مبطن يضغط فيه ترامب على شركائه في التحالف اللاشرعي المزعوم، وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان زار أوروبا الأسبوع الماضي في محاولة لإقناعهم بالإبقاء على قوات لهم في سورية بعد الانسحاب الأمريكي، ويعتبر إعطاء صفة “حفظ السلام” للجنود الأميركيين خلال تصريح ساندرز يأتي في هذا الإطار، قوات “حفظ سلام” لا شرعية لتحالف لا شرعي تشكل من خارج مجلس الأمن، تحالف خارج عن القوانين الدولية، كما يصادر القوانين الأممية عبر استخدامه مصطلحات هي حصراً من المهام المنوطة بالمنظمة الأممية وهيئاتها الرسمية.

تصرفات الخارجين عن الشرعية الدولية في تحالف واشنطن تحت الرقابة الروسية، المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أعلن أن “الكرملين يراقب ويتابع باهتمام تطور موقف الولايات المتحدة من سحب قواتها من سورية، ويحلل الوضع”، بيسكوف قال للصحافيين: “نحن لم نفهم حتى الآن عما يجري الحديث، أنتم تعلمون أن تصريحات أطلقت في البداية، والآن هناك تعديلات جديدة”.. موقف أكملته الخارجية الروسية بدعوتها لعدم الثقة بتصريحات واشنطن، وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا: “لا جدوى من الثقة بهذه التصريحات أيا كان مصدرها، لأنها تصريحات سيتم تفنيدها في اليوم التالي من قبل قوى سياسية أخرى”، وتابعت زاخاروفا: “لا تزال السلطات الأمريكية تفتقر إلى تصور حقيقي لاستراتيجيتها في المنطقة”.

ثبتت الرؤية الروسية، أقل من 24 ساعة عن إعلان ساندرز، وبعد ساعات على حديث زاخاروفا، تضاعف رقم الجنود الأمريكيين، مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية لم يصرح عن اسمه قال إن “الولايات المتحدة ستبقي400  عسكري في سورية، وواشنطن تتوقع نشر قوات لحلفائها الأوروبيين”، المسؤول الأمريكي ترك الباب موارباً بهذا الخصوص بقوله: إن “المباحثات مع الحلفاء الأوروبيين حول المنطقة الآمنة لا تزال مستمرة”.

شد ورخي ترامبي يلعب بالعصب الكردي، وبين تصور أمريكي مفقود في ظل واقع ميداني وسياسي فرضه محور مكافحة الإرهاب، بات المراهنون على واشنطن فاقدين للرؤية الاستراتيجية، كما باتت خطواتهم التكتيكية تسير بردّات فعل اعتباطية غير مدروسة، البيع المجاني الذي تقدمه الميليشيات الكردية الانفصالية يؤكد أنهم لم يتعلموا من دروس التاريخ، فقد وضعوا أنفسهم مجدداً سلعة في سوق النخاسة حيث لا مشتري لهم بعد أن يكملوا مهمتهم كعبيد وأجراء للأمريكي، وفي كل يوم تضيق خياراتهم بعد أن أخذوا فرصا كثيرة ليختاروا بين وطن ومحتل، فهل يصحون متأخرين وقد فات الأوان؟.

شادية اسبر :صحفية سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك