إعلام - نيوميديا

سيد المقاومة .. وعشوائيات إعلامها ..

|| Midline-news || – الوسط  ..

في كل مرة يعلن إعلام حزب الله عن إطلالة جديدة للأمين العام السيد حسن نصر الله، تتحوّل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المؤيدة، إلى ساحات للاحتفال والإثارة والتكهّنات. وفي كل مرة يتحدّث فيها السيّد يصنّف إعلام محور المقاومة، خطابه بأنه “التاريخي والأهم”. وفي كل مرّة، ينتهي الخطاب إلى نتيجتين:

الأولى ، ارتياح عام وطمأنينة مدهشة، وحماسة عارمة وثقة بالنفس، في صفوف الجمهور والأنصار والبيئة الحاضنة .

والثانية ، تعليب الخطاب، وبث مقاطع منه، في وسائل الإعلام المقاوم، أحياناً من دون سبر المضمون والرسائل والأهداف، أو بمعالجة متسرّعة وعاطفة خطابية.

فما هو السبب !؟.

في ظل الصراع المفتوح ، واستهداف المقاومة وبيئتها ، يستخدم الخصوم كل أدوات وأساليب الفتك الإعلامي ، والتشويه والتزوير ، في إطار عمل منظّم، وخطط مدروسة بدقة، وبدائل جاهزة في حال استنفدت الحملات الإعلامية أغراضها أو فشلت.

في مقابل هذه الحرب الإعلامية ضد المقاومة وناسها، قلّما ينجح إعلام المقاومة في إيجاد توازن يستجمع الطاقات ويوجّهها، ويستثمر الإمكانات، لتكوين رأي عام متماسك صلب، ولتظهير البعد القيمي والأخلاقي للمقاومة والمقاومين. فمعظم هذا الإعلام الذي ينافح عن المقاومة يستسهل المبالغة والتهويل، في مواجهة الرواية الإسرائيلية والغربية، وحربهما الناعمة والصلبة. فهو حصيلة جهد فرد أو أفراد، أو مؤسسات مبعثرة، لا يجمعها سوى شعار خارجي تبسيطي، بلا استراتيجية واضحة، محددة الأهداف. وفي أحيان كثيرة يُكثِرُ الطَرْقَ على البيئة المقاومة وأنصارها، ويروّج في أوساطها مصطلحات وتعابير غامضة وملتبسة، وخطيرة أحياناً، بل هو منكفئ عن ساحة صياغة التعابير، ونحت المصطلحات، وتعزيز الثقافة.

وفي هذا الإعلام كثير من الذين يبتعدون عن ساحات الخصوم والأعداء والرافضين للمقاومة ولخطابها، بل هو، في أحيان كثيرة، مستفز في تلك الساحات.

باستثناء حالات قليلة، لم يتمكن معظم الإعلام المقاوم من مواكبة الصعود المضطرد للمقاومة، هو يحاول ببطء وتردد. وفيما المقاومة هي في الأصل فكرة، موجودة في العقل والثقافة أوّلاً، قبل أن تتحول سلوكاً ونشاطاً وفعلاً عسكرياً، نجد تركيز معظم وسائل إعلام المقاومة على الجانب الحماسي ذي الصبغة العسكرية، نتيجة التعثّر في قيام الإعلام بدوره مصدراً للمعلومة والخبر أو القراءة والحوار والتحليل. وفي هذه الحال قلّما يواكب الإعلام المقاوم بمعظم التعبير عن أبعاد رؤية قائد المقاومة في عمق الأحداث والمتغيرات والتحولات الاستراتيجية. بل يظن في أحيان كثيرة أنّ نقل العبارات بحرفيّتها على لسان الإعلام تكفي المؤمنين شرّ القتال من أجل تعميمها واستخلاص الدروس في  إعادة  تدويرها بأشكال متعددة.

في أغلب الظن يحاول معظم الإعلام المقاوم أن يبرّئ ذمته جرّاء تخلّيه عن الاجتهاد والابداع الإعلامي دفاعاً عن المقاومة، في إحالة جلّ المعركة الإعلامية على سيّد المقاومة المحلّل السياسي الوحيد الملتصق بصدق وعفوية بجمهور المقاومة. لأنه صاحب الرؤية والقارىء الاستراتيجي، ولأنه الإعلامي المبدع الذي يستخدم وسائل وصوراً ورموزاً، في غاية الإتقان، ووضوح الدلالة. أرسى منهجاً جديداً في الخطاب، يقارع من خلاله الفكرة بالفكرة، والمعادلة بالمعادلة، والموقف بالموقف، بعيداً عن المناكفات السطحية. ويغوص خطابه في عمق التحولات، ليعيدها إلى الجمهور، بسيطة سهلة الفهم والهضم، على رغم ثَوَرانها. وهو ما يفتقر إليه إعلام محور المقاومة، الذي يحتاج، في أغلبيته، إلى ابتكار المقاربات للتبسيط، ولتبيان الفوارق الشاسعة، بين المقاومة وبين الاحتلال وتيارات التكفير والقتل، بدل التوهان في تفاصيل المناكفة الخطابية، التي غالباً ما تحجب الرؤية، وتسطح الفكرة، وتترك الجمهور فريسة الإعلام المعادي، إلى أن يظهر السيد ثانية، فيستنقذه، ويوسع دائرة الحوار والنقاش، لإعادة البناء، وللقطع مع التبعية الاستراتيجية على كل المستويات.

إعلام المقاومة في معظمه لا يقدّم بين خطابَيْ السيّد مادة واقعية مقنّعة قابلة للانتشار والحياة في أوساط البيئة المقاومة وحتى البيئات التي تتأثر بالإعلام المعادي.

تخوض المقاومة، عادة، حروباً غير متكافئة، وتصنّف دوماً بأنها خارجة على القانون، لهذا تحتاج، حكماً، لرضى جمهورها وهدوء عمقها وبيئتها الحاضنة، بينما لا يحتاج إعلامُها إلى مجاملة هذا الجمهور، بل إلى إشباعه. وهذا الإعلام، يمتلك اليوم الماكينة الحديثة، وأدواتها المتطوّرة، ويمكنه أن يكون نظامياً وقانونياً، مبادراً غير منفعل، مسلحاً باستراتيجية ذات أبعاد موضوعية، بليونة تمكّنه من توظيف كل الخبرات والكفاءات، التي تدور في فلك المقاومة، أياً كانت صبغتها وتلاوينها السياسية. وهو في ذلك يحتاج إلى الإمكانات المادية، وحرّية العمل والتصنيع الإعلامي، لإنتاج مادة عميقة متماسكة سهلة الإنتشار، وإلى طرح أسئلة، يمكن للمتلقّي الإجابة عنها، من دون الاضطرار للجوء إلى مصادر أعدائه.

لكن الواقع هو، تفريخ عشرات القنوات والإذاعات المشلولة، وعدد لا حصر له من المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، العابثُ معظمُها. وهنا، وفيما يبدو السيّد نصر الله إعصاراً إعلامياً، لا يملك أعداؤه وأخصامه في مواجهته سوى الانحناء لمروره العاصف، ثم إحصاء الخسائر، من دون قدرة على دفعه أو وقفه. تبدو ساحة محور المقاومة الإعلامية، في معظمها، أشبه بحزام بؤس يعجّ بالعشوائيات، التي تحتاج ربّما إلى إعادة بناء كل شيء تقريباً.

*كاتب ورئيس تحرير في قناة الميادين
موقع الميادين
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك