إعلام - نيوميديا

د . محمد سيد أحمد – على ماذا راهن الرئيس الأسد ؟!..

|| Midline-news || – الوسط  ..

عندما انطلقت موجة الربيع العبرى فى نهاية عام 2010 وبداية عام 2011 كان العدو الأمريكى – الصهيونى جاهزا لدخول المرحلة الحاسمة فى مشروعه التقسيمي والتفتيتى المعروف بالشرق الأوسط الجديد والذى سار فيه بخطوات متأنية منذ مطلع السبعينيات فبدأ بجر رجل الرئيس المصرى أنور السادات بعيدا عن المشروع القومى العربي الذى يشكل عقبة فى طريق مشروع التقسيم والتفتيت, ونجحت الخطوة الأولى فى فصل مصر بشكل نهائي عن مشروع الوحدة والدخول فى اتفاقية سلام مزعوم مع العدو الصهيونى هذا الى جانب تبعية كاملة للعدو الأمريكى بإقناع الرئيس السادات أن 99 % من أوراق اللعبة فى يد الأمريكان.

ومع مطلع الثمانينيات بدأت خطوة جديدة بجر رجل الرئيس العراقى صدام حسين لحرب الثماني سنوات مع إيران فى محاولة لاستنزاف قدرات الجيش العراقى وإضعاف قوة عربية أخرى وفصلها عن المشروع القومى العربي, وفور انتهاء الحرب المهلكة مع إيران وقبل أن تلتقط العراق أنفاسها تم اغراقها فى مستنقع جديد وهو غزو الكويت الذى يعد الخطوة الأوسع لمشروع التقسيم والتفتيت, الذى على أثره دخل البلطجى الأمريكى بقواعده العسكرية ليستقر فى المنطقة لسنوات طويلة, وتمكن مع مطلع الألفية الثالثة من غزو العراق والقضاء على جيشه الوطنى وتحطيم قدراته العسكرية المتطورة ونهب ثروات دولة كبيرة كانت تشكل حجر زاوية فى مواجهة المشروع الأمريكى – الصهيونى.

ومع انطلاق الربيع العبري والذى يشكل خطوة متطورة فى مشروع الشرق الأوسط الجديد كان الأمريكان والصهاينة قد قاموا باعتماد أدوات جديدة للتقسيم والتفتيت فى إطار ما اطلق عليه الجيل الرابع للحروب فلن يكون هناك تدخل عسكرى مباشر كما حدث فى العراق إلا فى أضيق الحدود وسوف تنحصر فى الضربات الجوية دون التدخل البرى على الأرض العربية وهو ما تم بنجاح فى ليبيا وفشل عبر السبع سنوات فى سورية, وكان البديل للتدخل العسكرى المباشر هو الاعتماد على الجماعات التكفيرية الإرهابية المسلحة وحاول الأمريكان والصهاينة غسل أدمغة الرأى العام العالمى عبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة بأن هذه الجماعات تشكل المعارضة داخل المجتمعات العربية.

وبالفعل حقق مشروع الشرق الأوسط الجديد تحت مظلة الربيع العبرى نجاحات فى بعض الأقطار العربية عبر السنوات السبع الماضية, فشاهدنا نجاحا للمشروع فى ليبيا واليمن ونجاح جزئي فى تونس ومرحلى فى مصر, لكن بقي الصمود السورى هو اللغز الذى يحتاج الى تفسير ففى الوقت الذى سقط فيه زين العابدين بن على وحسنى مبارك ومعمر القذافى وعلى عبد الله صالح كلا بطريقة مختلفة عن الآخر, وكان الجميع ينتظر سقوط الرئيس بشار الأسد وراهن الأمريكان والصهاينة وحلفائهم داخل المنطقة وخارجها على السقوط والرحيل سواء من خلال الضغط عبر الآلة الإعلامية أو إثارة النزاعات الطائفية والعرقية والمذهبية أو حشد وإرسال العناصر التكفيرية الإرهابية المسلحة عبر الحدود لخوض حروب شوارع كانوا يعتقدون أن الجيوش النظامية لا تجيدها أو محاولة الإطاحة بالرجل عبر جولات لإدانته من خلال المنظمات الدولية, لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل وهو ما يطرح السؤال على ماذا راهن الرئيس الأسد ؟!

وهنا تأتى الإجابة القاطعة بأن الرئيس الأسد قد راهن على عدة رهانات فى مواجهة الأمريكان والصهاينة ومشروعهم التقسيمي والتفتيتى المعروف بالشرق الأوسط الجديد وهى الرهانات التى جعلته يصمد وينتصر فى هذه الحرب الكونية على بلاده, ويأتى الرهان الأول فى تمسكه بالمشروع القومى العروبي المقاوم فى وجه الغطرسة الأمريكية والصهيونية, فقد قرر الرجل السير على خطى والده وتطوير مشروعه التنموى المستقل وهو ما حقق قدر كبير من الاكتفاء الذاتى, وعند بدء الحرب كانت سورية الدولة العربية الوحيدة التى يأكل شعبها مما يزرع ويلبس مما يصنع ولا توجد عليه ديون خارجية خاصة للغرب الرأسمالى.

والرهان الثانى للرجل كان ثقته فى وعى شعبه وقدرته على الصمود فى وجه المؤامرة الخارجية ومواجهة الآلة الإعلامية التى تحاول إثارة الفتنة الطائفية بمزيد من التماسك واللحمة الداخلية والانخراط فى الدفاع عن الوطن عبر الأدوات الإعلامية الجديدة المتمثلة فى مواقع التواصل الاجتماعى فتكونت جيوش الكترونية وطنية فى مواجهة الجيوش المعادية تمكنت مع الإعلام الوطنى التقليدى فى إجهاض مشروع التقسيم والتفتيت.

ورهانه الثالث تمثل فى قدرة جيشه على خوض معركة تبدو لأول وهلة أنها خاسرة بين جيش نظامى وجماعات إرهابية مسلحة ومدربة على حروب الشوارع يتم امدادها بأحدث التقنيات والمعدات العسكرية, لكن سير المعارك عبر السنوات السبع يؤكد أن الجيش العربي السورى قد نجح فيما عجز فيه الجيش الأمريكى ذاته وحرب فيتنام وبعدها افغانستان ثم العراق خير شاهد وخير دليل, لذلك أذهلت انتصارات الجيش العربي السورى خاصة معركة حلب ومؤخرا معركة دير الزور العالم أجمع لذلك شاهدنا التدخل الأمريكى الجوى لإنقاذ الدواعش المحاصرين فى دير الزور ثم الاعتداءات الجوية الصهيونية على المواقع العسكرية فى مصياف.

أما رهانه الرابع فقد تمثل فى قدرته على إقامة تحالفات دولية وإقليمية قوية قائمة بالأساس على المصالح المشتركة دون خضوع أو تفريط فى السيادة الوطنية ودون المساس بالقدرة على اتخاذ القرار بعيدا عن أى ضغوط, وهو ما يعنى قدرة فائقة على إدارة المعركة سياسيا, لذلك تمكنت الدبلوماسية العربية السورية هزيمة المشروع الأمريكى – الصهيونى فى كل الجولات عبر المنظمات الدولية سواء بواسطة رجاله وعلى رأسهم الدكتور بشار الجعفرى أو عبر الحلفاء خاصة الروسي الذى استخدم الفيتو فى مجلس الأمن عدة مرات, هذه بعض رهانات الرئيس بشار الأسد التى أجهضت مشروع التقسيم والتفتيت على الأرض العربية السورية, وهى أيضا الضمانة للحفاظ على شرف وكرامة الأمة العربية كلها .

اللهم بلغت اللهم فاشهد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك