رأي

حماه حجر القلعة على رقعة الشطرنج السوري

الكاتب والمحلل السياسي: صلاح النشواتي

ليست المرة الأولى التي تكون فيها مدينة حماه في سورية هدفاً للحركات الراديكالية والرجعية وها هو اليوم يتجدد هذا المشهد الدموي على وقع أحد أعنف المعاركة والهجمات التي لاتبقي من البشر والحجر ولاتذر مما يجعل التساؤول حول سر الانجذاب السحري تاريخياً لهذه المدينة يعود من جديد، حيث فعلياً شكلت هذه المدينة بتركيبتها الاجتماعية والطائفية نموذجاً مصغراً للتعايش السملي وقبول الآخر عجزت عن احتوائه معظم المدن المتطورة والغارقة بالحداثة والتكنولوجيا، وهو مايقف عقبة في وجه أي مشروع تدميري وتقسيمي يخطط للمنطقة، فمحاولة تجنيد أهل حماه وإسقاط هذا النموذج دائماً ماكان يفتح شهية الجماعات الإسلاموية على اختلاف المراحل التاريخية والظروف، وليس آخر هذه المحاولات ماسمعي بمعركة (وقل عملوا) التي شنتها هيئة تحرير الشام على حماه انطلاقاً من ريف حماه الشمالي باتجاه السيطرة على كامل المدينة، والتي شاءت الظروف أن تتقطاع أهداف هذه الفصائل مع مصالح الولايات المتحدة الامريكية ودورها في سورية، حيث تهدف الفصائل من خلال هذا الهجوم كسر التوازن الاستراتيجي العسكري بينها وبين الجيش العربي السوري والقوات الرديفة بحيث تعيد مخطط الأزمة السورية إلى مرحلة الحروب المستعرة والتدمير والسيطرة على المدن الكبرى بما يحقق لها ضرب مسار الحل السياسي في سورية، وتتبيع أكبر عدد ممكن من الفصائل التي قبلت بوقف إطلاق النار لسيطرتها وتحت قيادتها بشكل يعزز المشروع الأميري الذي تتبناه، وبسيطرتها على حماه تكون قد قطعت أوصال مناطق سيطرة الدولة السورية لتصل إلى ريف حمص الشمالي وتشكل كتلة ممتدة من حدود تركيا شمالاً إلى وسط سورية تسمح لها بقلب المعادلة في كل الشرق الأوسط، وهذه الدوافع والأهداف هي ما استثمرت به الولايات المتحدة الامريكية، فهي تريد إشغال الجيش العربي السوري والقوات الرديفة عن العبور إلى غرب الفرات وإيقاف تقدمه باتجاه مدينة الرقة دون الإضرار العلني بمسارات الحل السياسيوخوفاً من أن يصبح التنسيق مع الجيش السوري أمراً واقعاً ومفروضاً يعري الذريعة الأمريكية في محاربة الإرهاب ويجبرها أمام الرأي العام الدولي بالتنسيق مع القوات الحكومية،مما يبدد مساعي واشنطن في بسط النفوذ الأمريكي في المنطقة الشرقية،ولكن المعلوم سلفاً أن أي محاولة لكسر التوازن الاستراتيجي العسكري سيجابه من قبل حلفاء سورية الدوليين برد فعل عنيف جداً ومدوي ينهي أي حلم بالسيطرة الدائمة على المدينة ويكبد النصرة خسائر فادحة ويشل قدراتها بالقيام بأي هجوم مماثل آخر،بحيث يتراود السؤال لذهن القارئ والمراقب ، لماذا تدفع الولايات المتحدة الأمريكية بأدواتها إلى معارك خاسرة ومحسومة سلفاً بغض النظر عن مصالحها الآنية فيها؟

الإجابة فعلياً على هذا السؤال تكمن في أن واشنطن تحتاج إلى إنهاء جبهة النصرة كتنظيم يتبع للقاعدة والقضاء عليها بأقل الجهود والأثمان الممكنة، وهو الغاية الخفية في الاستثمار الاستخباراتي الأمريكي في أهداف هذه الجماعات حول دخول المدينة، وخاصة بعد أن تم تصنيفها دولياً على أنها جماعة إرهابية بحيث باتت تشكل عبئاً على تحركات الإدارة الأمريكية ومخططاتها في المنطقة، مما جعل واشنطن تدفع بهذه الجماعات للضغط على زر التدمير الذاتي في هذه المعارك الهمجية على مدينة تشكل قلعة الوسط السوري ومفتاحه.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك