إعلام - نيوميديا

حسين عبد العزيز – حدود الخيارات التركية في الشمال السوري

|| Midline-news || – الوسط  ..

على غرار ما حدث في منبج، نشرت وزارة الدفاع الأميركية قوات لها على الحدود التركية- السورية في محافظة الحسكة.

إنها رسالة أميركية واضحة للأتراك مفادها بأن القصف التركي لـ «وحدات حماية الشعب الكردية» خط أحمر من شأنه أن يؤثر في الحرب ضد تنظيم «داعش».

قد يمنع وجود قوات أميركية على الحدود تكرار القصف التركي، لكنه لا يحل الأزمة المستفحلة، حيث يبدو واضحاً أن إدارة ترامب لا تملك رؤية متكاملة وواضحة ليس للشأن السوري برمته، بل أيضاً بالنسبة الى العلاقة المحتدمة بين تركيا والوحدات الكردية في سورية.

ربما تسمح واشنطن لتركيا باستخدام قوتها العسكرية في الشمال الغربي للعراق، لسببين: الأول أن «حزب العمال الكردستاني» منظمة إرهابية وفق الإجماع الدولي، والثاني أن انتقال عناصر هذا الـحزب من جبال قنديل إلى سنجار أثار استياء حكومة إقليم كردستان، حليفة الأميركيين في العراق، وأثار ارتياب الولايات المتحدة أيضاً، في ظل تقارب حصل أخيراً بين «العمال الكردستاني» و «الحشد الشعبي» بعد السيطرة على تلعفر.

أما في سورية، فالأمر مختلف، حيث ترفض واشنطن اعتبار «الاتحاد الديموقراطي الكردستاني» وذراعه العسكرية منظمة إرهابية، كما أن «قوات سورية الديموقراطية» ومكونها الأساسي «وحدات حماية الشعب» هي الحليف المحلي الرئيسي للولايات المتحدة لمواجهة «داعش»، وليس لها أجندة عسكرية سوى محاربة التنظيم، وهذا هدف يتطابق مع الأهداف الأميركية الآن في سورية.

حاولت واشنطن إيجاد حل مقبول يرضي الأتراك من خلال ضم بعض المدن والبلدات في الريف الشمالي الغربي لمنطقة «درع الفرات» مثل تل رفعت، لكن هذه الخطوة لم يكتب لها النجاح في ظل انقسام كردي بين تيار حلبي يميل إلى الروس وتيار رقاوي – حسكاوي يميل الى الأميركيين من جهة، ولعدم وثوق واشنطن والوحدات الكردية من أن هذه الخطوة ستوقف الجموح التركي في عموم الشمال السوري، خصوصاً الرقة من جهة ثانية.

ويبدو أن تصريحات الرئيس التركي عقب الانتقادات الأميركية- الروسية للغارات التي شنها الجيش التركي في الحسكة تؤكد هذه المخاوف، إذ أن أنقرة لن تستكين قبل إيجاد حل لهذه المسألة، وهي رسالة الى الأميركيين أولاً ثم الروس ثانياً.

في كل الأحوال، هذا الواقع في الشمال السوري المحكوم بالتفاهم الأميركي- الروسي يشكل قلقاً كبيراً لصناع القرار في أنقرة، ويتضاعف هذا القلق في ظل عجز تركيا عن تجاوز اللاعبين الكبيرين في الشمال السوري وعدم قدرتها إلى الآن على تجاوز الحدود الجغرافية لمنطقة «درع الفرات».

خيارات تركيا محدودة للغاية، ولا يوجد أمامها سوى ثلاثة خيارات:

الأول، عملية عسكرية تحدثت عنها وسائل الإعلام التركية لكن معالمها غير واضحة لجهة التوقيت والجغرافيا، هل في الحسكة أم في الرقة أم في حلب؟

تبدو الحسكة وحلب منطقتين بالغتي التعقيد بسبب ارتباط الأولى جغرافياً مع العراق وهي خاضعة للهيمنة الأميركية المباشرة، وارتباط الثانية بمناطق سيطرة النظام وهي خاضعة للفضاء الروسي، وفضلاً عن ذلك لا تشكل هاتان المنطقتان هدفاً مباشراً لتركيا، فالدخول العسكري التركي إلى الحسكة أو إلى غرب منطقة «درع الفرات» في حلب لن يغير الواقع القائم.

أما في الرقة فالأمر مختلف، حيث أن السيطرة على مدينة تل أبيض وريفها الشرقي والغربي والتمدد نحو عين عيسى ستؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي بين شرق الفرات وغربه.

لكن، ليس معروفاً إلى الآن مدى الهامش الذي يمكن أن تتحرك فيه تركيا، في ضوء الرفض الأميركي لانخراطها في معارك الرقة.

الخيار الثاني، السيطرة على الأراضي الواقعة بين محافظة الرقة في الشرق ومنبج في الغرب، وليس مصادفة أن يستعاد الحديث خلال الفترة السابقة عن رغبة أنقرة في نقل رفات سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية من آشمة شمال شرقي محافظة حلب عند النقطة الحدودية المطلة على نهر الفرات إلى قرية قره كوزاك الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات جنوباً.

ومن شأن هذه الخطوة أن تقطع التواصل الجغرافي بين عين العرب (كوباني) ومنبج، وبهذا تكون تركيا قد تجنبت حساسية محافظة الرقة، لكن إلى أي مدى يمكن أن تسمح موسكو وواشنطن بذلك، لأن السيطرة على هذه المنطقة تعني أيضاً إلغاء الطريق التجاري بين الرقة وحلب (عين عيسى، منبج) الذي تستفيد منه الوحدات الكردية.

الخيار الثالث، عدم شن أي عملية عسكرية داخل الأراضي السورية، والاكتفاء بشن غارات وضربات جوية كما حدث في الحسكة أخيراً لممارسة الضغوط على الولايات المتحدة، وإبقاء مسألة «وحدات حماية الشعب» قضية مفتوحة.

جريدة الحياة اللندنية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك