إعلام - نيوميديا

حسين عبد العزيز – تغيرات أستانة

العربي الجديد ..

هل تشكل نتائج اجتماع أستانة انقلاباً على المعارضة السورية وأهدافها؟ سؤال مرتبط بسؤال أعمق: هل روسيا قادرة على اجتراح حل للأزمة، بعيداً عن التفاهمات الدولية، وبمعزل عن المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة؟ الإجابة على هذا تحدد الإجابة على ذاك، أي إذا كانت موسكو قادرةً على عزل المجتمع الدولي في سورية، فإن المعارضة وقعت في فخها، وإذا كانت روسيا عاجزة عن ذلك، وأن ما جرى في أستانة ليس سوى تفاهمات ضمنية مع واشنطن، فللحديث بقية.
عملت موسكو في الاجتماع على تمييز نفسها عن النظام وإيران، وهو ما عبر عنه كبير مفاوضي المعارضة، محمد علوش، وآخرون. وليس هذا تغيراً مفاجئاً في مواقف موسكو، وليس انعطافة أيديولوجية، بقدر ما هو استكمال طبيعي لمسارٍ رسمته موسكو منذ زمن، وبتفاهم مضمر مع واشنطن، أو على الأقل محاولة روسية لتقديم رؤية وقواعد للحل، تقبلها إدارة ترامب.
وصلت موسكو إلى قمة ما يمكن أن تصل إليه في سورية، وبعد ذلك سيكون الانحدار سواء من الفيتو الغربي الإقليمي الذي يمنعها من التمدّد أكثر، أو من خلال النظام وإيران اللذيْن لن ينصاعا عندها إلى المطالب الروسية.
هنا، يمكن تفسير الاندفاعة الروسية في اجتماع أستانة، عبر محاولة تحويل الاجتماع من منصة مخصصة لمناقشة وقف إطلاق النار إلى منصة عسكرية ـ سياسية معا، وتقديم مسودة الدستور دليل على تسرع روسي في إرساء قواعد الحل، ورغبة منها في هندسة واقع سياسي، كما هندست الواقع العسكري.
ليس الاجتماع محاولةً للانقلاب على المعارضة، فهذا يتجاوز القدرة الروسية، وليس الاجتماع محاولةً لإضعاف النظام، أنه يعكس واقع الأزمة السورية وواقعية الحلول، بعدما كانت اجتماعات جنيف السابقة طروحات ميتاواقعية لطرفي الأزمة، لا تتماهى مع واقع المجال التداولي السياسي وحقيقته على المسرح الدولي المعني بالأزمة.
اعترف اجتماع أستانة بفصائل المعارضة المسلحة، وشرعن وجودها، بما فيها الإسلامية المعتدلة، وهذا تحول مهم جدا، وأكد أن حل الأزمة سياسي. والأهم أن الاجتماع عقد وانتهى في ظل وقف إطلاق النار، على عكس اجتماعات جنيف السابقة، وسيكون منطلقاً لتمييز الفصائل الوطنية عن الإرهابية التي أثقلت الثورة السورية، وكانت حجة عليها أمام المجتمعين، السوري والدولي. لكن تغييرات مهمة تبدّت في الاجتماع:
ـ إدخال إيران طرفاً راعياً وضامناً لوقف النار، وإذ اعترض وفد المعارضة على ذلك، من حيث إن هذه خطوة ستكرس طرفاً ساهم في قتل الشعب السوري، فإن لروسيا قراءة مختلفة، فإيران داخل الاتفاق وضامن له أفضل من أن تكون خارجه، حيث ستكون قادرةً، بطرق غير مباشرة، على عرقلة وقف إطلاق النار. ولذلك ترى موسكو، ببراغماتية، أن إدخال إيران سيجعلها مسؤولةً عن أي خرق له.
ـ عدم الإشارة إلى المرحلة الانتقالية، وهو تراجع عن مخرجات قرار مجلس الأمن 2254 والحراك الأممي الذي أعقب صدوره. ولهذا جانبان: الأول يخدم النظام، من حيث إنه لا توجد مهلة محددة لاكتمال التحول السياسي، كما نص القرار، وجانب يمكن وصفه بالواقعي، من حيث إن الواقع السوري المعقد كشف زيف المهل الزمنية. كما أن الروس يريدون إزالة معنى المرحلة الانتقالية من الأذهان، لما تحمله من دلالة على التغيير في زمن محدد.
ـ عدم الإشارة إلى بيان جنيف1، وهو انزياح عن القرار 2254، لكنه ليس انزياحاً كبيراً، فالقرار الذي يشكل المرجعية السياسية الوحيدة للحل في سورية أشار إلى البيان في مقدمته، وفي الفقرة الأولى، لكنه، في الفقرة الرابعة المخصصة لعملية الانتقال السياسي، لم يتطرق إلى صيغة البيان (هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة)، واستبدلها بعمليةٍ سياسيةٍ تقيم حكماً ذا مصداقية، يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية.
تحاول موسكو، في استبعادها ذكر بيان “جنيف1″، التفريق بين اعتباره أساساً للانتقال السياسي واعتباره أساساً لوضع آليات الانتقال السياسي، وبين الأمرين اختلافٌ كبير، فلا مانع لدى موسكو، وواشنطن أيضا، أن يكون هذا البيان أساساً للحل السياسي في مخرجاته العامة، لكنه لا يصلح، بعد هذه السنوات، أن يكون أساساً لمخرجات العملية السياسية وتفاصيلها.
باختصار، اجتماع أستانة منصة قديمة ـ جديدة، هدفها إطلاق جنيف جديد، مع تغييراتٍ لم تسمح معطيات العام الماضي بإدخالها، وستكون هذه المعطيات على حساب المعارضة والنظام معا. ومن هنا، ربما تكمن واقعية الاجتماع.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك