ثوار الناتو في سورية بين سياسة ربع الساعة الاخيرة وسياسة قلب الطاولة
د. فائز حوالة ..
|| Midline-news || – الوسط ..
لم بعد خافياً على احد بأن مايجري في سورية لايمت باية صلة لامن قريب ولامن بعيد الى مفهوم الثورة , وانما يرتبط بشكل مباشر بمشروع امريكي بحت هدفه ومنذ اللحظة الاولى تدمير سورية واضعاف جيشها الوطني اضافة الى تدمير المجتمع السوري الذي لم يعرف الكراهية وعدم قبول الاخر الا بعد تفجير ثورة الناتو بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وبدعم مادي وبشري ” بأمر اميري أمريكي ” من دول الخليج النفطية وبتسهيل تركي جعل من اراضيه وموقعه الجغرفي المميز بحدوده الطويلة مع سورية من جهة وكونها ” تركيا ” نقطة التقاء وتجمع جوية وبرية وبحرية بين مختلف القارات التي تهافتت منها العناصر الارهابية للالتحاق بثوار الناتو على الارض السورية .
اليوم وبعد ان وصلت الامور الى نهاياتها والخسائر الفادحة البشرية والمادية والمعنوية والمتتالية لمناصري الثورة الناتاوية على الاراضي السورية واصرار الشعب السوري والجيش العربي السوري وحلفاؤه على اجتثاث الارهاب من كافة الاراضي السورية تحاول ادارة الرئيس الامريكي اوباما وهي تصل الى نهاية الحقبة الاوباماوية في امريكا ان تستفيد والى اّخر لحظة من حياتها السياسية من بقايا ثوارها على الارض السورية لتمرير ماتستطيع خلال ماتبقى من الوقت لاهداف عجزت عن تحقيقها او جزءً منها خلال السنوات الخمس والنصف السابقة , لتبقى اهدافها في هذه المرحلة تتلخص وبحسب الاولويات الى مايلي :
- ضمان وصول المرشحة الرئاسية عن الحزب الديموقراطي هيليري كلينتون الى البيت الابيض والتي ستضمن في حال وصولها الى سدة الحكم استمرار سياسة الحزب الديموقراطي في التصدي لروسيا بالدرجة الاولى عبر البوابة السورية كمنطلق اساسي بعد ان اثبتت روسيا الاتحادية للعالم اجمع وعبر هذه البوابة صلابة مواقفها وثبات سياساتها وأفشلت المشاريع الامريكية ليس فقط في سورية والمنطقة وانما في العالم الذي اعتبرته الولايات المتحدة ملكاً خاصاً لها على مدى الثلاثين عاماً الماضية .
- ضمان استخدام ثوار الناتو في سورية الى الرمق الاخير عبر محاولة انقاذهم من الحصار المطبق عليهم في احياء حلب الشرقية خاصة او في الغوطة او اية منطقة اخرى في سورية لانها تعتبر بان هؤلاء هم الوسيلة الاكثر فعالية في الضغط على روسيا للقبول بالمطالب الامريكية ليس فقط في سورية وانما في مناطق اخرى من العالم , فهي تعتبر بان فك الحصار عن هؤلاء او عن بعضاً منهم سينعكس كتراجع وخوف وانصياع روسي للرغبات الامريكية وبالتالي ستصور ذلك وعبر اّلتها الاعلامية الضخمة نصراً مبيناً وعظيماً على روسيا الاتحادية من جهة وتعبيراً منها لادواتها المستهلكة ” ثوار الناتو ” بانها لن تتركهم وحيدين وانها تدافع عنهم حتى الرمق الاخير ولن تتخلى عنهم “طبعا حتى تحقيق اهدافها ” من جهة اخرى .
- ضمان استمرار استزاف دول النفط الخليجي الممول المادي والبشري للسياسات الامريكية والتي استشعرت الادارة الامريكية بقرب تمردها من ناحية وضعفها في استدراج موارد بشرية جديدة تعوض الخسائر البشرية الضخمة التي لحقت بثوار الناتو سواء كانوا محليين او مستوردين عبر المنافذ الحدودية لسورية وبشكل خاص عبر الحدود التركية ” من مبدأ .. اللي مابينبع بيخلص ” من هنا كانت البدعة الامريكية باختراع مايسمى بقانون ” جاستا ” والتي وفي اضعف الايمان سيكون سيفاً مسلطاً على رقاب ساسة الخليج لابتزازهم ومنعهم من الابتعاد او الخروج من تحت العباءة الامريكية , وفي احسن الاحوال سيكون هذا القانون مصدر دخل لاسابق له في تاريخ البشرية بشكل عام وامريكا بشكل خاص , اذ سيدر هذا القانون على الميزانية الامريكية دخلا لايقل عن ثلاثة ترليونات دولار امريكي , وهذا المبلغ سيكون كفيلا بتخفيض المديونية الامريكية التي بلغت العشرين ترليون دولار وحافزا مشجعا للاستمرار في تمويل مشاريعها السياسية في العالم .
- محاولة تنفيذ الانسحاب الاّمن لداعش من مدينة الموصل العراقية وتأمين وصولهم الى مدينتي دير الزور والرقة السوريتين تحت عنوان تحرير مدينة الموصل من داعش , وهذه العملية يجب ان تسبق عملية تحرير الجيش العربي السوري لمدينة حلب وبالتالي التوجه الى مدينتي الرقة ودير الزور ولهذا عملت قوات مايسمى بالتحالف الدولي على تدمير الجسور الاربعة في دير الزور لتعرقل سرعة وصول الجيش العربي السوري وحلفاؤه الى المعقل الرئيس لداعش في سورية , ولم تنسى الولايات المتحدة ان تعزز تواجدها بسبعة الاف جندي امريكي ” على اقل تقدير ” نشرتهم في العراق بحجة تحرير الموصل ودفعها بحاكم اقليم كوردستان العراق البارازاني لابرام اتفاق مصالحة مع الحكومة العراقية لضمان مشاركة قوات البشمركة بعملية تحرير الموصل على امل استبعاد قوات الحشد الشعبي من المشاركة في عملية التحرير واضافة الى عدم الضغط على تركيا لسحب قواتها التي توغلت في الاراضي العراقية وتمركزت في منطقة بعشيقة لتكون هذه القوات المظلة الخلفية التي تؤمن الانسحاب الامن لعناصر داعش باتجاه سورية , فتصبح وبشكل عملي الموصل في عهدة الولايات المتحدة وحلفائها اكثر منها في عهدة الحكومة العراقية وهذا مايضع مشروع مد خطوط الطاقة الايرانية عبر العراق وصولا لسورية تحت ادارة وسيطرت الولايات المتحدة .
- في نفس الوقت تحاول الادارة الامريكية من تعزيز مواقع حلفائها الغربيين وبشكل خاص فرنسا وانكلترة من خلال الايعاز لفرنسا بالاعلان عن اعادة مشاركتها الفعالة في مكافحة مايسمى بداعش عبر حاملة طائراتها التي نفذت ثماني طائرات منها غارات جوية على مواقع داعش والهدف والغاية من ذلك هو اظهار ان الحلف الثلاثي الاستعماري ” الفرنسي الامريكي الانكليزي ” مازال حياً يرزق ومحاولة رفع شعبية الرئيس الفرنسي في الداخل الفرنسي بعد ان دنت شعبيته الى مستويات منخفضة للغاية , اما بريطانيا فقد فتحت حربها الدبلوماسية على روسيا عن غير عادة بهذه المستويات والتصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية البريطاني ضد روسيا وسورية اذ سمح وزير الخارجية البريطاني لنفسه باتهام روسيا والحكومة السورية بانهما يرتكبان جرائم حرب في حلب تحديداً .
اذاً هذه هي الاهداف التي تحاول الولايات المتحدة الامريكية على اقل تقدير في الربع ساعة الاخيرة من حكمها للولايات المتحدة الامريكية والعالم , ولكن الحلف الاخر لم ولن يقف مكتوف الايدي وانما يعمل وبشكل جدي وبثقة كبيرة على افشال هذه المخططات وعدم منح شرف ماتعتبره الولايات المتحدة نصراً وتتويج نفسها من جديد لقرن من الزمان كسيدة وحيدة للعالم وانما حثها على التنازل عن عرش القطبية الواحدة ومنعها من تجاوز القوانين الدولية ودفعها واجبارها على احترام استقلالقة الدول وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الاخرى وترك الشعوب وحدها تقرر وبمفردها مستقبلها , وهذا مايفسر قيام روسيا الاتحادية باعادة نشر الطائرات الحربية على الاراضي السورية التي كانت قد سحبتها من القاعدة العسكرية الروسية في حميميم لتزيد من طلعاتها الجوية ضد اماكن تواجد ثوار الناتو من الارهابيين المعتدلين او الارهابيين الجيدين ” على اقل تقدير من وجهة النظر الامريكية ” ليكون الهدف الرئيس لروسيا وحلفائها هو القايم بعملية عسكرية ضخمة تشل من خلالها وتقطع جميع الايادي الارهابية الامريكية على الاراضي السورية وترغم في نهاية مطافها الولايات المتحدة على السلام ليكون ذلك مقدمة لمؤتمر السلام المزمع عقده قبيل مغادرة ادارة الرئيس الامريكي الحالي للبيت الابيض .
فقلب الطاولة على سياسة الربع ساعة الاخيرة يبدأ في حلب ويستمر في الرقة ودير الزور ويبقى الاعتماد الاول والاخير الامريكي على ثبات ثوارها ومحاولة تحقيق تقدم ما او سيطرة ولو مؤقتة على الحي الشرقي من حلب او في نهاية المطاف العمل على ابرام اتفاق اخراج هؤلاء الثوار ليس لانقاذ حياتهم وانما لزجهم في معارك الرقة ودير الزور لفرض معادلات جديدة في تلك المنطقة , ومن هنا تأتي مسرحية رفع الاصوات لتأمين المساعدات الغذائية والانسانية ومايطلقون عليه ” القصف بالاسلحة المحرمة دولياً ” وصولاً الى الاستعانة بالمنظمات الدولية ” ليست ببعيدة عن الهيمنة الامريكية ” كمنظمة اطباء بلا حدود ومحاولة اقتحام جديدة عبر الامم المتحدة ومايسمى مجلس حقوق الانسان لقبول هدنة انسانية في حلب لمدة 48 ساعة تحت عنوان اخراج الجرحى والحالات المرضية المستعصية , كل هذه الاصوات تعلو وباتجاه واحد فقط هو ضد الجيش العربي السورية وحلفاؤه ونسور سورية وروسيا دون الاشارة لا من قريب ولا من بعيد الى ثوار الناتو المتحصنين في احياء حلب الشرقية والطلب اليهم السماح ” للمدنيين المحاصرين ” الدروع البشرية بالخروج عبر الممرات الست الانسانية او حتى خروج المسلحين الذي لايودون رمي السلاح عبر الممر المخصص للمسلحين , وهذا مايعكس بشكل مباشر الرغبة الامريكية على اقل تقدير بتجميد الصراع وليس بحل النزاع , لان تجميد الصراع يتطلب تجميد القوات السورية والحلفاء وفتجعلهم قوات حامية للارهابيين المتحصنين وليست قوات مطهرة للمناطق المحاصرة فتضمن بذلك عدم انتقالهم لتحرير مناطق اخرى وبالتالي امادة عمر الحرب والنزاع ليبقى السبيل الوحيد لفرض السلام على امريكا عبر ثوار الناتو في سورية عبر القضاء عليهم واستمرار تحرير الاراضي التي اصابها وباء الارهاب .
فهل يعي ذلك ثوار الناتو المسلوبي الارادة والعقل , وهل تصل الى عقولهم المتعفنة والمحشوة بالمخدرات على مختلف انواعها سواء كانت مخدرات من صناعة المخابر الامريكية او المساجد الوهابية بان نهايتهم المحتومة وان لم تكن تحت اقدام الجيش العربي السوري وحلفاؤه فانها وبكل تأكيد ستكون في نهاية المطاف على ايدي مشغليهم عندما تنتهي فترة صلاحيتهم لخدمة المشروع الامريكي الذي لم ولن يكتب له النجاح .
فثوار الناتو اليوم هم امام الربع ساعة الاخيرة للحفاظ على ارواحهم لانهم يعلمون علم اليقين بان القضاء عليهم في حال تعنتهم وقلب الطاولة على رؤوسهم وفوق اجسادهم هو مسألة وقت لااكثر .