ممدوح الطباع – اللاجئون .. وأمل العودة
ممدوح الطباع – برلين ..
|| Midline-news || – الوسط ..
تستقبل سورية اليوم العام 2017 مثقلة بالأحداث والأزمات السياسية والصراعات المسلحة التي بدأت فيها منذ أكثر من ستة أعوام ، ولربما عديدُ من السوريين كان يمني نفسه بأن ينتهي عام 2016 بإعلان انتهاء الحرب في سورية أو إعلانٍ صريحٍ لوقف إطلاق النار وبدء عملية إعادة الإعمار الشاملة ، محاولين لبرهة نسيان مآسي الحرب وما عاشوه من معاناة في السنوات الست الأخيرة ، ومن زهق للأرواح ودمار كبير شهددته البلاد .
في واقع الحال لم يختلف العام 2016 عن غيره من الأعوام الخمس التي سبقته في سورية ، فهو دموي المشهد يعلو فيه صوت الرصاص ، ساعاته أطول من غيرها لكثير من السوريين لما شهدوه من نزيف للدم وعمليات تهجير بسبب الأعمال العسكرية بين الجيش السوري والتنظيمات الإرهابية والميليشيات المعارضة المسلحة ، ولربما كان المشهد الأبرز في العام الماضي ، هو قدرة الجيش السوري على استعادة مدينة حلب بالكامل والسيطرة عليها بعد معارك عنيفة استمرت لسنوات ، وهو الشيئ الذي سيكون له دون جدل أثر كبير ومهم على الأرض ، فكثيرين كانوا يعولون على أنّ حلب لن تعود إلى سلطة الدولة السورية ، حتى أنّ البعض اعتبر تصريح الرئيس السوري بشار الأسد باستعادة الجيش السوري السيطرة وزمام المبادرة على كافة مساحة الأراضي السورية شيئ من المستحيل حدوثه .
في الحقيقة تطرح العمليات الضخمة التي يحققها الجيش السوري على الأرض لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية والفصائل المعارضة المسلحة ، سؤالاً جوهرياً لا يلبث اللاجؤون السوريون في المغترب أن يسألوه لأنفسهم كل يوم ، هل سنكون يا تُرى قادرين على العودة إلى الوطن من جديد ؟ أم أن الأمر أصبح مجرد حلمٍ ولن تنتهي هذه الحرب؟ ، ففي كل مرة يعتقدون فيها بأن الحرب بدأت تعطي إشارة تدل على قرب نهايتها ، تطرح معطيات عسكرية جديدة تفسها على الأرض لتفتح باباً جديداً يعيد الامور إلى حالة من التعقيد المتجدد ، في حالة تجسد العجز عن رؤية ملامح واضحة لنهاية هذه الحرب .
لا ينفصل اللاجئون السوريون اليوم عن الأحداث الدائرة في وطنهم الأم ، حتى لو أنّ الأمل بالعودة إلى الوطن مازال بعيد المنال برأي عدد كبير منهم لسبب أو لآخر، إلاّ أنّ الحلم بلحظة إعلان إنهاء الحرب وبداية إحياء سورية جديدة بأيادي أبنائها من جديد هو مراد الكل هنا ، لكن التخبط الحاصل بين الناس يثير جدلاً للأمانة ، وخاصة لكثير من الأشخاص الذي غادروا البلاد بطريقة غير شرعية ، أو أنهم متهمون بجناية معينة ، أو بسبب الهروب من خدمة العلم الإلزامية بما يخص الشباب الذكور .
مأمون .ح ، شاب سوري من منطقة عفرين التي تقع في الزاوية الشمالية الغربية من الحدود السورية – التركية ، غادر مع عائلته الأراضي السورية بشكل غير شرعي عن طريق المعابر التي تسيطر عليها قوات المعارضة ، واتجه من تركيا نحو ألمانيا بغية طلب اللجوء هنالك ، اليوم ، وبعد أن حصل مأمون على حق الإقامة المؤقتة بصفة اللجوء في ألمانيا لمدة ثلاث سنوات ، هو يواجه مشكلة في عملية تجديد جواز السفر الخاص به ، فالمكتب الخاص بشؤون الأجانب هنا يطالبه بوثيقة سفر جديدة أو بتجديد وثيقة السفر السورية التي يحملها ، وذلك بغية إتمام بعض أوراق الثبوتية من أجل حصوله على بعض الموافقات بما يخص الدراسة والعمل والإقامة ، علماً أن طالب اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي يقوم عند تقدمه بطلب اللجوء بتسليم وثيقة رسمية تثبت هويته وهي تكون بأحد شكليها إمّا ( البطاقة الشخصية – وثيقة سفر شخصية ) وفي حال عدم توفر أحد هاتين البطاقتين يمكت الاستعاضة عنها في بعض الحالات بشهادة قيادة ، أو إخراج قيد مدني بختم حكومي رسمي من المؤسسة التي صدر عنها ، كما أنّه عادة يطلب في بعض الحالات بأن يكون مصدّقاً من وزارة الخارجية والمعتربين أو من السفارة السورية في بلد اللجوء نفسه ، وإن لم يكن هناك سفارة أو قنصلية سورية في البلد نفسه يستطيع التوجه إلى أقرب بلد مجاور يوجد فيه مقر معتمد للسفارة أو القنصلية السورية هناك أو أحد السفارات المفوضة بالاعتناء بشؤون مواطنيها وشؤون المواطنين السوريين بحسب اتفاق كان قد أبرم سابقاً بين البلدين بتسيير شؤون مواطني كل من الدولتين في حال عدم توفر مكتب أوسفارة أو قنصلية في بلد معين .
اليوم يواجه اللاجئ مأمون مشكلة في تجديد وثيقة السفر الرسمية السورية ، ” أحمل اليوم وثيقة سفر سورية نظامية كنت قد حصلت عليها من قبل إدارة الهجرة والجوازات السورية في مدينة حلب ، يتوجب علي اليوم وعائلتي تجديد وثائق السفر الخاصة بنا ، ولكنني لا أعرف إن كنت أستطيع الذهاب إلى السفارة السورية ، وهل سيتم التحقيق معي وإعطائي الموافقة من أجل تجديد الوثائق لي ولعائلتي ، خاصةً أنني غادرت سورية بطريقة غير شرعية عن طريق تركيا ،حيث كان يسيطر على المعبر آنذاك قوات المعارضة السورية ، واليوم يطلب مكتب الأجانب هنا وثيقة سورية نظامية بصلاحية جديدة لي ولأطفالي لقد أصبحت الأمور معقدة جداً بالنسبة لي ولدي مخاوف من الذهاب إلى السفارة السورية وخاصة أنّني كنت مطالب بالذهاب إلى خدمة العلم وغادرت البلاد بشكل غير شرعي !”.
يواجه اليوم اللاجئون السوريون في الخارج وخاصة ممن غادروا البلاد بوثيقة غير نظامية وبطرق غير شرعية ، حالة من عدم الثقة تجاه القرارات التي تستصدرها الحكومة السورية من أجل مساعدة هؤلاء في تسوية أوضاعهم فيما يخص تجديد وثائق السفر والبطاقات الشخصية وأوراق الثبوتية آخذين بعين الاعتبار خسارة الكثير من لأشخاص ممكتلكاتهم في ظل الحرب الدائرة بما فيها أوراقهم الشخصية من اوراق ثبوتية شخصية أو أوراق تتعلق بأمور الجامعة وخدمة العلم وما إلى ذلك .
حيث كانت الحكومة السورية قد سمحت بسبب الأوضاع الراهنة بتجدبد وثائق السفر عن طريق السفارات أو القنصليات الخاصة بها ، فعلى سبيل المثال يستطيع الشخص المقيم في ألمانيا تجديد وثيقة سفره او القيام بطلب لاستصدرا أي وثيقة شخصية به عن طريق السفارة السورية الكائتة في العاصمة الألمانية برلين ، وذلك بحسب ” القانون الصادر ذو الرقم 687 القاضي بمنح جوازات بصلاحية 6 أعوام لمن يستحق ، أما الذين بحقهم إجراءات قانونية جرمية خارج البلاد ، أو الطلاب الجامعيون المطلوبين لخدمة العلم والمقيمين داخل القطر ، فيحصلون على جواز سفر لمدة عامين فقط ” ، وقد كانت أوضحت إدارة الهجرة والجوازات السورية ، أن المهاجرين السوريين الذين خرجوا من البلاد بطريقة غير شرعية بإمكانهم تجديد جوازهم ، دون ملاحقة قانونية لمن يود العودة ، وقد تم استصدرا هذا القانون في شهر آذار من عام 2016 .
حيث قال مدير إدارة الهجرة والجوازات ، ناجي النمير ، ” أنه رداً على مطالب الجاليات السورية المتواجدة بدول الخليج ودول العالم ، وبعد وصول عدة كتب من السفارات السورية ، حول عدم حصول السوريين على إقامات بمدد نظامية ، بسبب قلة مدة صلاحية جوازات السفر ، كما قال أيضاً : ” إنّ أي مواطن سوري خرج من سوريا لا يُحرم من تجديد جوازه ، حتى لو خرج من الحدود بصورة غير شرعية ولم يحصل على إقامة في البلد الأوروبي الذي وصل إليه ، و من يريد العودة إلى الوطن الأم ، نقوم بتسوية وضعه وإصدار وثيقة سفر جديدة له ، وأنه لا يوجد توقيف جنائي جرّاء هذه الحالات، فهي عبارة عن تسوية وضع قانوني ” .
ولكن حالة عدم الثقة التي توجد عند عدد كبير من اللاجئين السوريين في المهجر تشكل في الواقع اليوم مشكلة حقيقية يجب أن يتم التعامل معها بشكل جدي من قبل الحكومة السورية والمواطن نفسه ، فعلى الرغم من استصدار القرار 687 الذي ينص بالسماح بتجديد الوثائق بشروط والذي كنت قد تحدثت عنها سابقاً ، إلاً أن عامل الثقة غير الموجود عند عدد كبير من اللاجيئن في المغترب يقف عائقاً أمام تسيير أمورهم وهو ما يخفض من ثقتهم بمسؤولية الحكومة السورية وبمصداقية القرارات الصادرة عنها التي من شأنها أن تحل المشكلات التي تعترض هؤلاء ، وتثير مخاوفهم من عدم قدرتهم على العودة إلى سورية في المستقبل القريب .